الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقليات ... من الاضطهاد الى التخوين !!1

فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)

2007 / 10 / 11
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


كنت اقرأ مقاله لأحد السياسيين المعارضين المرموقين في مصر، والذي لم يتوانى عن التبشير لنظرية المؤامرة ، التي يقودها الغرب ضد العرب والمسلمين ، واحد أركان هذه المؤامرة هو الحديث عن حقوق الأقليات في الوطن العربي ، ثم قرأت موضوعاً أخر في شبكة البصرة العراقية لأحد كتابها والذي بدوره لم يجد غير الخيانة ليصف بها الأقليات التي تطالب بحقوقها في الوطن العربي .
فمن المؤكد أن هذه الآراء المتعصبة تكاد تكون جزء من المشكلة التي يعانيها الوطن العربي ، فنظرية المؤامرة والتخوين تعتبر شماعة سهله جداً لاى مثقف متعصب قومياً ليصف فيها الكوارث التي حلت بالعالم العربي ، ولكن في نفس الوقت إذا كان بعض المثقفين العرب قد تعودوا على وصف الهزائم العربية بمواصفات خاصة ووضع المبررات الواهية وغض الطرف عن الأسباب الحقيقية لهذه الكوارث والتي هي بالتأكيد لن تخرج عن ممارسات قمعية ووحشية ارتكبتها بعض الأنظمة العربية بحق الشعوب ومن ضمنهم الأقليات ، ثم لنصل إلى هذه الحقبة السوداء من تاريخ الأمة والتي يسيطر عليها فكراً تكفيرياً وقتل للأبرياء ، وكل ذلك باسم الإسلام وبالتأكيد فان دعاة الفكر التكفيري عندما يسيطرون على الحكم أو يبادرون إلى غزواتهم المجنونة فان الأقليات كانت وسوف تكون في مقدمة الضحايا وفق فكراً عقائدي منحرف يطالبهم في أفضل الأحوال بدفع الجزية في أوطانهم متناسياً مفهوم المواطنة الحديثة ، وإلا استباحوا كل شيء عندهم كما حدث في بعض الأقطار فهل هذه مؤامرة أيضا !! .
إن الآراء المتطرفة لا تعالج المسائل بمنطق صحيح ، لذلك فان علينا الاعتراف بان الأقليات القومية من الأكراد والامازيغ والتركمان والأقليات الدينية من الأقباط وغيرهم من المسيحيين والوثنين وغيرهم لا يتمتعون بحقوقهم كاملة في عدد كبير من الأقطار العربية ، فمازالت الهوية الثقافية لهم لا تحترم وهناك رفض رسمي في بعض الأقطار حتى لتدريس أبناءهم بلغاتهم القومية ، والمسيحيون بشكل عام لا يسمح لهم بحرية الدعوة إلى دينهم وهناك تمييز ضدهم في بعض الدوائر الرسمية في بعض الأقطار العربية ، هذا يحدث في هذه الفترة التي يسود فيها العالم دعوات متزايدة لاحترام حقوق الإنسان ومن ضمنها حقوق الأقليات .
لذلك فالأنظمة العربية هي مسئولة بشكل مباشر عن معاناة الأقليات نظراً لحالة الاضطهاد السابقة التي تعرضوا لها طيلة فترات الحكم الدكتاتوري في عدد من الأقطار العربية ، وان لا حل لازمة الأقليات إلا بالاعتراف بحقوقهم ووضع التشريعات التي تشكل حماية لهم ، فهذا يعنى إن يسود المجتمع العربي ثقافة التعددية السياسية والإيمان بالتنوع الثقافي والديني ، وان تكون المواطنة هي المعيار في الحصول على المناصب القيادية في الدولة ، فمن الذي أوصل السودانيين في الجنوب إلى هذه الحالة من الرغبة في الانفصال ، فلو كان هناك تعقل من القادة السودانيون الذين حكموا السودان بانقلاباتهم العسكرية ، وأعطيا الجنوبيون حقهم في ممارسة طقوسهم الدينية ، لما فكر الجنوبيون في الانفصال فكيف تصفق بعض الأحزاب العربية لأنظمة عسكرية تحاول جبراً وبالقوة فرض الشريعة الإسلامية على اهالى الجنوب الذي يشكل فيه المسلمون نسبة لا تتجاوز 19% وهناك 81% من المسيحيون والوثنيون ، إلا يعتبر ذلك من الأسباب الحقيقية لهذا الانفصال بين شمال وجنوب السودان ؟ .
لماذا نحن لا نسمع عن مشكلة أقليات في الغرب ؟ لان باختصار يوجد هناك احترام لهذه الأقليات ومن ضمنها الأقليات العربية ، فهناك الأقليات لها خصوصياتها الثقافية والسياسية وهناك تجتمع الأقليات في مؤسسات غير حكومية لتمارس طقوسها بكامل الحرية وبدون خوف ، بينما نحن هناك أقطار عربية مازالت تفرض الحجاب بالقوة على غير المسلمات وبعد ذلك نتحدث عن أسباب طلب الأقليات الانفصال عن الوطن العربي !! ، إن مطالبة الأقليات بحقوقهم يجب إن لا يبعث عند بعض المثقفين على انه رغبة في زعزعة الاستقرار ، هذا إذا كان هناك استقرار في الأصل حيث أن تكميم الأفواه على يد البوليس السياسي أو الجماعات الإسلامية المتطرفة لا يعتبر استقرار ، بل هو حالة احتقان لا يمكن نزعها إلا عن طريق نشر التعددية السياسية والثقافية والفكرية ، فالديمقراطية ووقف الإرهاب الذي يمارسه التكفيريون ضد الآخرين ومنهم الأقليات هو كفيل بخلق الاستقرار .
إن وقف الهيمنة الطائفية ضد المذاهب الأخرى التي تشكل أقلية ، يعتبر من ركائز المجتمع المستقر بينما الذي يحدث حالياً في الوطن العربي إن هناك مذاهب معينة تحكم والأخرى عليها إثبات الولاء والتبعية ، وكل هذا يبعث على عدم الاستقرار ولذلك فان وحدة الأوطان لا يمكن فرضها بالقوة وبمنطق الحزب القائد والمذهب القائد أو الطائفة التي تقود أو الفكر القائد أو الزعيم القائد ، بل علينا إن نستوعب الدرس من المهاجرين العرب من العلماء إلى أوروبا والذين يعملون في مواقع حساسة جداً دفاعية وفضائية وغيرها ، فهؤلاء لم يجدوا نفسهم في هذا الوطن العربي الكبير وبين المسلمين ولكن وجدوا أنفسهم هناك عند المسيحيين بسبب هذا النمط من القائد الذي سيطر على حياتنا ولو كان بيدهم لانفصلوا وشكلوا دولهم الديمقراطية وهم مسلمون ، فهل هجرة هذه العقول المسلمة هي أيضا مؤامرة أمريكية صهيونية ؟ ، لذلك نقول اتقوا الله في حق الأقليات وكفاية ما أصابهم من مجازر على يد الانقلابين العرب والجماعات التكفيرية وارجعوا لهم حقوقهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و