الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سكوت المجتمع الدولي عن القوة النووية الأسرائيلية

خالد سليمان القرعان

2007 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


توتر الادارة الامريكية مستمر بشأن امتلاك دول في الشرق الأوسط للأسلحة النووية، والوتيرة تتصاعد في ما يتعلق بامتلاك إيران للطاقة النووية. كل ذلك يمكن فهمه في سياق منع انتشار السلاح النووي في المنطقة، إلا أننا لا يمكن أن نفهم سكوت وكالة الطاقة الذرية وسكوت المجتمع الدولي عن القوة النووية الإسرائيلية التي تمتلكها منذ سنوات طويلة. بل أنّ إسرائيل تعمل من أجل إعفائها من القيود التي تمنع الدول المصدرة للتكنولوجيا النووية والوقود النووي من التعامل معها، وذلك بهدف استيراد هذا الوقود بشكل قانوني.
إنّ جوهر الأمن الإسرائيلي في غاية الوضوح، في حالة السلم كما في حالة الحرب لا يتغيّر، هو التفوق العسكري على العرب مجتمعين، بالإضافة إلى استراتيجية الردع النووي التي يمكن استخدامها دائما.
ومما يجدر ذكره أنّ السياسة النووية الإسرائيلية تعتمد - أساسا - على تفاهم تم التوصل إليه في العام 1969 بين الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، ويتمثل ذلك التفاهم بأن تحافظ إسرائيل على "الغموض النووي" وأن تمتنع الإدارة الأمريكية عن ممارسة أي ضغط يهدف لحملها على التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، والتزمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بذلك التفاهم الودي، غير المكتوب.
ولا بد من الإشارة هنا أنّ دراسات وأبحاثا إسرائيلية وغربية عديدة تؤكد أنّ إسرائيل تملك، وفقا لمقاييس قوة إقليمية، أعدادا كبيرة من الرؤوس النووية (تقدر بـ 200 رأس على الأقل) ونوعيات مختلفة لا يوجد لبعضها مبرر استراتيجي حقيقي لامتلاكه. وقد أشارت تلك الدراسات إلى أنّ الرؤوس النووية الإسرائيلية " قابلة للاستخدام الفعلي بمدى ونطاق تدميريين واسعين إلى حد كبير".
وتعتبر السرية من أهم أسس استراتيجية إسرائيل النووية الرسمية، ويقول محللون "إنّ استراتيجية الغموض النووي هي إحدى أهم معالم إطار الصراع ذاته، بما يرتبط بذلك من شكوك وعدم ثقة".
ولم تتوقف إسرائيل، منذ انشغال العالم بالمسألة النووية، عن محاولاتها تقديم مختلف المبررات الواهية والحجج غير الواقعية لامتناعها عن التوقيع على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي. ومن هذه الحجج أنها لن توقع ما لم يكن هناك اتفاق على سلام شامل، ولهذا فهي ترفض حتى إعطاء موعد مستقبلي للتوقيع على المعاهدة.
مما دفع الخبير الإسرائيلي في العلاقات الدولية زئيف معوز، في سياق التوترات التي تشهدها المنطقة الآن، للقول "إنّ قدرتنا النووية تشكل عاملا محفزا في سباق التسلح غير التقليدي الآخذ في التفاقم. وعلينا أن نأخذ في الحسبان أنه على المدى الطويل سيكون الخيار الحقيقي لإسرائيل بين شرق أوسط نووي وبين شرق أوسط نظيف من سلاح الدمار الشامل".
ودون أي شك فإنّ السلاح النووي الإسرائيلي يشكل تهديدا خطيرا للمنطقة العربية كلها، وعامل خلل في اسقرارها ومستقبلها. كما أنّ تجاهل المخاطر النووية الإسرائيلية يعرّض مصداقية السعي إلى السلام العادل والشامل والدائم إلى الخطر، إذ أنّ امتلاك إسرائيل للسلاح النووي وامتناعها عن الانضمام إلى معاهدة الحد من انتشاره يؤكد نواياها للهيمنة على المنطقة العربية ومقدراتها، وهو ما لا يمكن أن يكون عامل سلام واستقرار، بل هو عامل توتر دائم في المنطقة.
إنّ استثناء إسرائيل من الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية يعني – عمليا – السماح لها بالتفوق الاستراتيجي على العرب، وإطلاق يدها للهيمنة على المنطقة كلها، وإبقاء العالم العربي تحت رحمة التهديد الإسرائيلي المستمر. والشيء الملفت للانتباه أنّ الإدارة الأمريكية، التي تضغط على الدول العربية لمنعها من امتلاك أية إمكانية نووية، تجهد نفسها لتبرير عدم توقيع إسرائيل على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وبالتالي عدم إتلاف مخزونها من هذه الأسلحة.
وهكذا، غدت الصورة واضحة تماما، فالأسلحة النووية الإسرائيلية، الموجودة الآن، والتي تهدد أمن المنطقة واستقرارها، ينبغي أن تبقى، بينما مطلوب من العرب أن يتعهدوا – علنا – بعدم امتلاك مثل هذا النوع من الأسلحة.
إنّ التهديد النووي الإسرائيلي ينبغي أن يوضع في سياق مجمل التطورات، التي عاشتها المنطقة العربية منذ حرب تحرير الكويت في العام 1991 إلى اليوم، فهو ليس إلا نتاج طبيعي للسياسات العربية الخاطئة، التي يتجلى اليوم عدم صوابها في هذا المأزق الذي يوجد فيه صانعو السياسات في العالم العربي. فوجود التفوق العسكري الإسرائيلي الفعلي شيء والاعتراف به وتكريسه في التعامل الدولي شيء آخر تماما، فلو قبل العرب بتطبيق معيار مزدوج للأمن يبيح لإسرائيل ما لا يبيحه لغيرها، لأصبح عليهم أن يوقّعوا على صك خضوعهم الطوعي لإسرائيل وتسليمهم لها بكل السيادة والهيمنة في منطقة الشرق الأوسط.
إنّ الاتفاقات الإقليمية نحو الشراكات، التي من شأنها بلوغ مرحلة النضج في المستقبل غير البعيد، تفرض إعادة النظر في هذه السياسة وفي تناقضاتها الداخلية. إذ يجب تفعيل التوجه العربي نحو المجتمع الدولي من أجل شرق أوسط يستطيع إجبار إسرائيل على فتح منشآتها النووية أمام وكالة الطاقة الذرية، والانخراط الجدي في عملية سلام عربي – إسرائيلي، يقوم على أسس الحق والعدل والتوازن وعودة الأراضي العربية المحتلة إلى أصحابها في الاردن وفلسطين وسورية ولبنان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا