الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسترقاق الارادة

أمياي عبد المجيد

2007 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


يحدث أحينا أن يتساءل البعض في غمرة من النشوة المصاحبة لرغبة جامحة في تحقيق الرقي الاجتماعي ويقولون : لماذا يرتكز الحكم في يد الطبقات البرجوازية ؟! في الحقيقة هذا سؤال يحمل حمولة أيديولوجية في الظاهر يعتقد انه الصراع الذي بدا منذ زمن بين البوليتارية ، والرأسمالية المتوحشة ، بيد أن الأمر عندما نتناوله من الزاوية الأيديولوجية نفسها لا يمكن أن يكون إلا تحول مجتمعي لم يبنى على أساس الأيديولوجية بقدر ما كان هذا التحول / التميز ارتباط بنظم سياسية فاشلة، ولا تضع محددا لعملها، فيمكن أن تجد سياسيا يجمع بين صيغتين لنظام الحكم ينفذ من خلالهما إلى إدراك الاستغلال الجيد على الجانبين من المكون الأساسي لمجتمعه ، وهذا ما يحصل في معظم الدول العربية .
إن الجانب الأول المذكور غالبا ما يتم تغطيته بتبيان التمايز واستغلال الثقة بين المواطن وهذه التنظيمات السياسية ، ومن الصعب أحيانا أن نعثر عن ذلك الخيط الفاصل الذي يتخذه هؤلاء في الدفاع عن مصالحهم، أما الجانب الثاني وهو اقرب وضوحا في سعيي هذه الطبقة إلى ابتكار آليات مختلفة لاسترقاق الإرادة المجتمعية هو: السعي الحثيث من قبلهم إلى إيجاد صيغ للحكم تكون على قدر من التجانس مع الغاية من تواجد هذه الكيانات التي افرزوها وكونوها ، بمعنى آخر لا يمكن أن تكون الطبقة البرجوازية عاملا مشاركا في تحديد الآليات التي يجب أن يعمل عليها النظام ، وانما يجب على النظام أن يستمد شرعيته من هذه الطبقة مباشرة ، دون أي اعتبار لما دون ذلك من الطبقات ، لان الطبقة الأولى تعتبر أن الأخذ بعين الاعتبار الطبقات السفل هو بمثابة تراجع ضمني عن القيمة الأخلاقية والمعنوية التي يجب أن تمتاز بها طبقتهم هذا من جهة ، ومن جهة أخرى في حالة ما إذا كانت الطبقة البرجوازية أداة في صياغة النظم السياسية بجانب الطبقات الأخرى فان هذه المشاركة ستفرز قوانين تأخذ في عين الاعتبار وجود قوة شعبية ينتمي جل منتسبيها إلى الطبقة الكادحة ، وهذا أيضا يمثل في الفهم العام وضع حدود لصلاحيات البرجوازية كآلية مسيطرة على مقاليد التحكم في السلطة .
وإذا كانت هذه التنظيمات المفرزة من قبل الطبقة الأولى تستمد تبريرات لتواجدها وهيمنتها في كونها آلية لخدمة الصالح العام وتنشيط الحركة الاقتصادية بالأساس لما تتوفر عليه من أموال طائلة ، فان الطبقات الأخرى وان كان من باب البديهية أن تستفيد من هذه الحركة وان في نطاق التمايز المجتمعي ، والسيطرة ، إلا أن غاية استرقاق الإرادة أبانت على إفرازات خطيرة تسير نحو تعميق هذا الاسترقاق وتغطيته بشرعية ممكنة :
أولا : ربما يعتقد البعض أن وجود مؤسسات مختلفة في المجتمع ذات صيغة تدعي أنها قريبة من المجتمع يصبح أمر كاف لتحقيق كل الضمانات ، والاهم تحقيق الأمن الاجتماعي في حين يتناسى هؤلاء أن هذه المؤسسات أصلا وجدت لخدمة مصالح البرجوازية ، وإلا فكيف نفسر على سبيل المثال أن اغلب الأنظمة تجمع كل السلط ولا تتطلع في الجوهر إلى تحديد صلاحيات كل سلطة ، والتمييز بين التشريع والتنفيذ ، بمعنى أن هذه الأنظمة لا يمكن بآيّة حال من الأحوال أن تكون ضد مصالح البرجوازية ما دامت هذه الأخيرة تحقق لها الاستمرارية .
ثانيا : عدم الاعتراف المستمر بكون باقي أفراد الشعب أفرادا مؤسسين لقيم اجتماعية تخص مجتمعهم في نطاق المشاركة ، دونما ربط تواجدهم بهذا المجتمع على أساس تحقق قيم الطبقة الأولى التي لا يمكن أن يرقى ماديا بالخصوص الكادحون إلى التعايش معها ، وهذا حتما يقوض المساواة ، ويذكي الطبقية والانتقاص من قدرات هؤلاء على تنظيم كيان قادر على تدبر أمره ، أو المشاركة في غياب الصيغة الأساسية لأي مشاركة من هذا النوع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : هل طويت صفحة الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. هل يستنسخ حزب الله تجربة الحوثي في البحر المتوسط؟ | #التاسعة




.. العد العكسي لسقوط خاركيف... هجوم روسي شرس يعلن بداية النهاية


.. أمير دولة الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق بعض بنود الدستور




.. الحرب في غزة تحول مهرجان موسيقي إلى ساحة سياسية | #منصات