الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظاهرة الصوتية الخفية في شعر محمود درويش

علاء هاشم مناف

2007 / 10 / 15
الادب والفن


الظاهرة الصوتية الخفية في شعر محمود درويش
انجازاً دلالياً

يبدو ان ظاهرة الاصوات الخفية في شعر محمود درويش تقوم على مفهوم مركزي في المنظومة الدلالية الظاهرية في الشعر ، ويبدو من خلال المختصر الصوتي لتقاليد الدلالة التاويلية ، وطريقة الفعل اللغوي ومقترباته بفعل التقريبية الدلالية وهي تتعارض مع البداهة في الشعر ، ودرويش موضّع اللفظ الشعري وجعل له صوتا ظاهريا داخل برهان وظيفي اخباري عن بيان في توحيد الدلالة الشعرية والتمثيل للباطن الحضوري في نسج الظاهرة الصوتية الباطنة .
يقول درويش:
يْختارُني الايقاع ، يتشّرق ُ
أنا رجعُ الكمان ، ولست ُ عازفه ُ
انا في حضرة الذكرى
صدى الاشياء تنطق بي
فأنطق ....
ان المعنى الموضوعي لمركزية الصوت الخفي قد تمركزفي هذا الانجاز الشعري ، وحقق للفظ الشعري بمركزية الجملة الشعرية والتقابل في التدقيق الاشاري في تعريف لدلالة الصوتية في ( يختارني الايقاع ) والعودة الى طبيعة المعنى بافتراض لايستقيم خارج حقيقة الدلالة الصوتية من حيث الوصول الى منطق تاويلي في ( أخي اناأختك الصغرى ، فأذرف باسمها دمع الكلام) ويتشكل عبر هذا الفعل السيكولوجي الصوت الباطني وهي اشارة الى تبيان التمثيل المتخيل في قوة الصوت الباطني وقد بلغ الحد السيكولوجي مبلغا في التعبير عن الحاضر الذاتي للصوت الخفي عند درويش وهو يشير الى اللحظة الشعرية لتتحدث عن حقيقة الامكان في ذلك المعنى الحصري للصوت
سمعت قلب الامّ
يخفق بي :
انا امرأة مُطلقة ٌ،
فالعن باسمها زِيز الظلام
وكلّما شاهدت ُ مرآة على قمرٍ
رأيت الحب شيطاناً
هذا التحديث الشعري في ظاهرة الصوت يعطينا عملا تواصليا لكي تتحدد القرائن الدالة على فعل الوجود الصوتي الخفي داخل هذا التمثيل السيكولوجي ، وهي اشارة الى غاية الوعي التمثيلي لفعل اللحظة نفسها ، وهنا تستبق الخاصية الذاتية عند درويش حالة النضوج حيث يمسك الشاعر بالتشكيل الخارجي للصورة واعطاءها التعريف السيكولوجي وشكلا من فضاء الذات والصيرورة الذهنية ليتبين الايقاع الصوتي .
يحملق بي :
انا مازلتُ موجوداً
وهو طرح تخصيصي بحكم حالة التمثيل المأخوذة عن المعنى ولكن على اساس معنى الاستحضار بعد اعادة توليد الحضور الصوتي باعتباره محور للاستحضار القائم على :
ولكن لن تعود كما تركتك
لن تعود ، ولن اعود
وهذا هو التواصل بافتراض الحقيقة الصوتية وهي شرط لذلك التقابل التاويلي والفهم للصياغة اللفظية ، وهي الاجوبة المناسبة لمعنى الاسناد في القول الذي بني على التشكل الاتي :
فيكمُل ُ الايقاع ُ دوْرته ُ
ويشرق ُ بي ...
هذا الحد في فهم عملية توحد المعاني داخل منعرج لفظي يتعدد في الفهم والتاويل وبعملية التطابق داخل بنية تحليلية بدلالة اللغة وحقيقة المواجهة في اكمال دورة الايقاع وهو السعي فعلا الى تاكيد هذا الضرب من الاصوات الخفية وبايقاعات تكشف عن ادلة تتميز بها لغة الشعر عند درويش وهي تكشف سلم الاصوات على المستوى الجوهري او على المستوى التمثيلي والاشارة هنا تتعلق بالاشارة الفعلية لمنطق الحدث الشعري من خلال اللغة ،والصوت الشعري الخفي ، فالتعريف بالمعنى عند درويش يتشكل بالزمن وبالنساء وهو تفصيل اسنادي تعريفي لحركة الاصوات وهو قابل الى التعريف اللانهائي المرتبط بالاشارة (اللازوردية ) لانها اسانيد تتعلق بالمفهوم الحكمي وانتسابه الى خاصية تعريفية انثوية ، فهي خارج الزمن التعريفي ولانها داخلة في اللفظ التحليلي الصوتي وهي تقع في تشكيلة المعنى الاحادي والمضغوط بمفهوم التحليلات المركزية للاصوات .
يقول درويش :
سوف يجيء بوم اخر ، يومٌ نسائيّ
غنائي الاشارة ، لازوردى التحية
والعبارة كل شيء انثوي خارج
الماضي
ان العلاقة بين شعرية هذه الجمل الشعرية تكاد تكون مستقلة عن الخطابات الشعرية التي تحدث المعنى بطلب من حكم المعنى ، فهي ليست بحاجة الى التفصيل او التحليل فهي تقع في الاشكالية النسبية اللغوية ، فهي قابلة ان تكون عوالم صوتية امكانية تحميها الضرورة، والصيرورة لانها حقيقة شعرية باطنة صوتياً، وهي حقيقة تكتسب قيمتها من محيطها الاعتقادي ، كما انها تتضمن اسانيد غير تخصيصية ولا جزئية لكنها قابلة للتمفصل والتجاس الذي يحقق بالمحتوى وخلق صورة الاشياء الخفية ، والانتقال الى الحياة بحالة اسنادية صوتية تحمل خفاء الوعي الاسنادي و بقيمه متمثلة بالحياة المطلقة كما يقول درويش في هذه الابيات :
يسيل الماء من ضرع الحجارة
لا غبار ولا جفاف ، ولا خسارة
والحمام ينام بعد الظهر في دبابة
مهجورة ان لم يجد عشا صغيرا
في سرير العاشقين 000
اذا هذه المقاربة هي من النسب التي تتجاوز حقيقة المفارقة اليومية حيث المعنى يكون اقصى من معنى ذلك التجاور اللغوي ، فهو البعد الذي يندرج في سلّم الانتماء الفكري ، والاجتماعي ، والسياسي ، وهو الواقع المتقد المشتعل بالفعل المنتمي والمستند الى رهنية تلك المقاييس والتي هي حكما متغيرة بتغير الواقع الذي يتشكل 0
بالاعتقاد والقيمة المعبر عنها بالوعي الفكري ( وضرع الحجارة ) هو التعبير الصوتي عن حقيقة الولادات داخل دلالة الثورة وهو التوسع في منظومة الدلالة الاسنادية التحويلية ودليل للانتقال الى تلقائية التغيير بالصوت الخفي في موضع الرفض وبداية جعل الكلمة صورة وصوت لتعريف المعنى الشعري بقوة الصوت ودقة الانجاز اللغوي في استخدام الاغراض التواصلية في ( لاغبار ، ولاجفاف ، ولا خسارة ) من هنا ينطلق نظام التمييز في النص الشعري عند درويش وهو يعين سلم التواصل الفعلي للغة والتمثيل بالمعنى ، وياتي التراكم في الخصائص في تشكيل الذات الشعرية ضمن اطار الواقع السيكولوجي وحاول درويش ان يعبر عن الواقع القصدي بشكل انطولوجي والاقرار بمنظومة الاستكشاف اللاواعية من خلال الوعي اللغوي الظاهري وبالتشكيلة الصوتية التي تعكس الجد في بنية ذلك الحلم الصوتي الذي ابتدأ بالتركيب اللغوي
الفينومينولوجي وهو الايحاء الذي يظهره درويش والقائم على المعاني المزدوجة ليعطي بنية منعكسة في المعطي الحسي ليكون القصدية في الحدث الشعري وبوحدة تجريبية لا واعية تقوم باستبدال للعلاقة المتفردة ، فالدال يتحقق رغم اختلاف العملية التجريبية في النص الشعري ، المهم يبقى الاختلاف في السمة التجريبية ، بهذا التصور لبناء النسق الشعري الذي يتضمن الاستعارة في ( الدبابة المهجورة ) وهي استعارة شكلت قيمة دلالية غير حقيقية لانها لم تكتسب قيمتها من الانتماء الى المحيط الاسنادي اللغوي او الاجتماعي او السياسي وفي هذا لم يوفق درويش في تشكيل هذا الانتماء بالاستعارة لان اعشاش الحمام تبنى على الاماكن الامنه، ثم ينقلنا درويش من الدبابة المهجورة الى سرير العاشقين ( ان لم يجد عشاً صغيراً في سرير العاشقين ) وهنا يتجدد موضوع استخدام الاستعارة خلاف المعنى اللفظي الضمني الذي حدده درويش ، وخلاف المرتكز الصوتي داخل سياق النسق الشعري ، يضاف الى ذلك ان هذا السياق من النصوص الشعرية التي يفهم منها انه لا معنى لجعل الحمام ( ينام بعد الظهيره في دبابة مهجورة ) ويتضح ان مركب الاستعارة داخل السياق الشعري اصبح مجرد حمله شعرية مخالفة فالمعنى ياتي متنافراً مع الاستعارة من هنا يصبح الهدف من هذه الصورة الشعرية عند درويش غير واضح و بالتالي لم يتبين الهدف الحقيقي من الاستعارة داخل النص الشعري وان هذا الاسترسال الشعري لم تتاكد مبالغته او مشابهة وانما هو محض علاقة غير متناسبة ولا مناسبة داخل جدلية هذه الجملة الشعرية 0 من جهه اخرى فان طريقة الاثبات اللغوية داخل هذا المحيط الاعتقادي يصبح ادعاء لان الهدف هو اثبات ( النوم بعد الظهرة ) هل يتشكل نص شعري اسنادي يستعيد المعنى ؟ لان الدبابة مشروع للقتل والاستعارة هي تشكيل للمعنى الاسنادي في النص الشعري ، فالاستعارة كما هو معروف ليس التقدير في عملية النقل بل هي تشكيل معنى الاسم للاشياء وهي من اوجه الدلالة على تشكيل الحدث الشعري ، واننا في هذه الاستعارة للنص الشعري لسنا مقابل حركة نص شعري متمايزة انما ازاء حالة تفاعل جدلي هناك فقدان للمعنى الاصلي وللتفاعل داخل هذا السياق في الاستعارة وهو الجزء الفاعل في القصيدة والصيغة البلاغية عند درويش في (ان لم يجد عشا صغيرا في سرير العاشقين ) هذا الاحساس في التصور يعطينا معنى استنتاجي لفظي ويؤدي الى غياب المشبه ولم يدخل في حقيقة المشبه به ، من هنا يصبح المحيط المقدر للاستعارة هو غير محيطة الفعلي ويتم استبدال
( الثاني يالاول ) أي ( الدبابة بالسرير ) وهو يشكل التحولات الصوتية في الحدث الشعري ، ودرويش مراميه متحولة اصلا داخل تراكيب صوتية توضع العالم الامكاني الخفي وتحمل تلك التصورات القابلة للتعدد ما دام الحلم اصبح هو المخاض في تكوين العلاقة مع الحاضر والمستقبل
يقول درويش :
سارسم للسنونو الان خارطة الربيع
والمشاة على الرصيف الزيزفون
وللنساء اللازورد 000
وانا سيحملني الطريق
وسوف احمله على كتفي
وهذه هي المصدرية النسبية فيما يتعلق بالعوالم الممكنة التحقيق ودرويش يقوم بتخفيف العوامل الاحتمالية ، وان الدلالة الامكانية مرتبطة بالجهد المحدث والمتصور في تعدديته للصوت فهو قابل للتصور والتعدد والافتراض داخل منعطف زمني يشكل فضاءه الصوت ، والزمن يتشكل من تصورات وتفريعات في لا نهائي متماسك في لحظته وعوالمه الممكنة ولحظة تفرعه ونقطة التقائه في خضم من التصورات المشروطه وفي احداث يرسمها العالم المتناهي في الصغر وهو جعل هذه العوالم لانهائية في الخصائص
والتصورات الخفية 0
قرب بئر الماء :
ياولدي ساعطيك البديل
بعوالم لا تختلف ولا تستقيم الا داخل الزمكان ، والمستقبل خارج اليقين والافتراض انطلاقا من التجربة المرتبطة بالممكن والحلم وبحكم الاعتبار الفعلي فانه ينعكس في الذات من الناحية التصورية وبالحتمية اللانهائية ينفتح الامتداد اللانهائي لتصبح الارادة هي حزمة من العوالم الامكانية بصدد بلوغ النهاية التصديقية وافتراضاتها الفيزيقية وهي تقع في سلم التشكيل العمودي ، وعليه يصبح الزمن الفيزيقي زمن يدور باللاوعي ، وتصوره ينفصل عن مظهره وان اظهاره النهاية الممكنه للحدث الفيزيقي هي فكرة لتحصيل الترجيح باختيار ذلك التناظر الفيزيقي الخطي والذي عبر عنه درويش بافتراض العالم الخفي داخل البحيرة والذي يظهر يوما برداءه الابيض وينطلق الى المسلة وفق برهان الحدث الفيزيقي 0
يقول درويش :
وسوف احمل للمسيح حذاءه الشتويّ
كي يمشي ككل الناس ،
في اعلى الجبال 000 الى البحيرة
هكذا يتشكل الخيال الشعري وفق بناء نظري وتصور يتعلق بالسمة التمثيلة التي تكشفت بفرضه تستجيب لعملية التواصل وبالقياسات الهوسرلية المتمثلة بالدلالة الصوتية العامة فيما يتعلق بعبارة ( كي يمشي ككل الناس ) وما يصاحب ذلك من تحولات في المعاني الفيزيقية في ( وسوف احمل للمسيح حذاءه الشتوي ) وهنا تاتي الملازمة المنطقية وفق تصورات عامة فيما يخص نظام التميز التمثيلي والصوتي وهي اشارة الى البنية اللغوية وما يتعلق بالتواصل الاشاري في الاختلاف في الاصوات بالتمثيل والتخيل بالحضور الاختلافي للمسيح والتدرج في الاسناد والنفي الوجودي لحقيقة المعنى وقيمة الانتماء الى المحيط الحياتي لان المسيح انتماء لفظي يتحقق بالانتماء لحقيقة جدلية واقعة تقوم على منطق اسنادي متفرد ،والنص الشعري عند درويش يستحضر الرغبة الحضورية للعلامة واشتقاقاتها وللتمثيل والاختلاف وهو يؤكد تفاصيل العلامات وما يتعلق بفلسفة الحدس الكوني وحضوره الذي يكون التولد والتمثيل والاختلاف وجعل كل التحولات تتعلق بالحضور الشعري وفلسفة الارادة واصالة المادة الفيزيقية بكل مفارقاتها التاريخية وان مايحدثه المعنى في النص الشعري يتعلق بالقدرة المستنتجة من المعنى القابل للتحديد والاحالة والانتماء الى المحيط الفعلي للصوت وللجملة الشعرية وكذلك المحيط الشعري الذي يتقدر بزمكانية قابلة لحركة التاويل المتدفقة بالقيمة والانتماء الى المحيط التقديري وباستنتاج دقيق للمحيط الفعلي للحدث وللخصوصيات والتفاصيل المحالة 0 ويمكننا ان نتاكد من ذلك الصوت الخفي داخل النص الشعري لدرويش 0
يقول درويش :
قرأت ايات من الذكر الحكيم ، وقلت
للمجهول في البئر : السلام عليك يوم قتلت في ارض
السلام ، يوم تصعد
من ظلام البئر حيا !
وهنا يتشكل الكلام بالفاظ واصوات ترجع في ترسيماتها الى النص القرآني في سورة يوسف باطار الايحاء واللفظ والصوت الخفي من الناحية التحليلية يرجع بنا الى العوالم الممكنة من ناحية تقديم المعنى الذي تشكل بالصوت الخفي للنص الشعري ، ان قبول هذه العوالم يعطينا الانتماء الى المسند اللغوي والبلاغي في تحليل النص الشعري ، ودرويش حدد هذا الانتماء لهذا المحيط الفعلي للفظ والمعنى والصوت الخفي الذي حدد قيمة الانتماء الى :
1- قوة الوعي التقديري للنص الشعري
2- قوة النسج المختلف من تشكيل نص الى اخر
3- المظهر الخطابي والبلاغي والمطابقة الدقيقة التي جمعت حدود النص الشعري بالصوت الشعري بالصوت الخفي للنص القرآني 0
ان العالم الشعري عند درويش هو عالم من التحولات الفعلية لعوالم شكلت قبولا للوعي الشعري من خلال نفي الضرورة المحيطة ونفي الصورة المتحولة باعتقادات متقدمة في التقديرات والمعتقدات حيث المعنى الذي يشكل قيمة الصوت المضمر في النص ، يضاف الى ذلك تكنيك الصورة التي تتاكد باللفظ والتي تحتوي الكثير من التفاصيل المترتبة لفظيا والقابلة الى التقدير الاسنادي الذي ينتمي حسب درويش الى المحيط الاعتقادي المتشكل اصلا بالتدرج والاختلاف دائما 0










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي