الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل للاقليات مصلحة قي تقسيم ا لعراق ؟

عربي الخميسي

2007 / 10 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


أثار مشروع السناتور الامريكي جوزف بايدن تقسيم العراق، والذي اقره مجلس الشيوخ الامريكي القاضي بانشاء فيدراليات على اسس طائفية وعرقيه في العراق اهتمام معظم الدول العربيه والعالميه ، ومن الجانب العراقي ، فقد استنكرته الحكومه العراقيه ومعظم القوىالسياسيه العراقيه من احزاب ومنظمات ومؤسسات ورجال السياسه وعلماء الدين ، كما اثار جدلا ساخنا في الساحه الاعلاميه وتناوله الكتاب والمحللون السياسيون والمهتمون بالقضيه العراقيه عرب واجانب كل من موقعه وحسب قناعته ، الا ان نسبة الرفض كانت تشكل الغالبيه من الاصوات تقريبا ، وان اختلفت وجهات النظر بعض الشيئ من واحد الى آخر وبدوافع مختلفه باختلاف المصالح .

من المعلوم ان المكونات الاساسيه للطيف العراقي من الناحيه القوميه ، هم العرب والكرد بضمنهم ( الكرد الفويليه ) و (الكرد الايزيدين ) والتركمان والاشوريين والكلدان والسريان والارمن ، ومن الجهة الدينيه اسلام ( سنة وشيعه ) ومسيحين وايزيدين وصابئة مندائيين وشبك ، كل هؤلاء المواطنون عاشوا وتعايشوا بعضهم مع البعض الاخر منذ الاف السنين بشكل طبيعي و بمعزل عن وصايه احد ، ولم تعرف في حينها النعرات الطائفيه او القوميه او المذهبيه او المناطقيه كما هي عليه الان و بشكلها المسيس الحالي كسبب للفرقه بينهم ، رغم تواجدهم في ظل سلطات متعاقبه وانظمة حكم مختلفه حكمت العراق على ممر العهود ، وكانت روح الاخوه والتالف والتاخي هي الصفات الطاغيه على العلاقات بين جميع الاطراف وعلى النطاق الشعبي غير الحكومي ، الا ان بعض تلك المكونات كان قد تعرض الى القتل والاضطهاد والتعسف من قبل السلطه السياسيه الحاكمه ايام الحكم الملكي ، كما حدث للكرد والاشورين والايزديين والكرد الفويليين فيما بعد ولغايات بعيده كل البعد عن رغبات ومشاعر الشعب .

وعندما اعلن يوم تاسيس جمهورية العراق الاولى في ثورة 14 / تموز 1958 وكنتيجه لها أي للثوره ، حصل تلاحم اوسع للعلاقات بين جميع مكونات الشعب العراقي عرب وكرد واشور وتركمان وباقي الاقليات ، بسبب الوعي الثقافي الجديد والافكار السياسيه التحرريه والتقدميه التي اتت به الثوره ، وقناعة وايمان الغالبيه العظمى من الجماهير بصدق شعاراتها ومنجزاتها ، التي عمت الجميع وعلى اساس مبدأ المواطنه وسيادة القانون واحقاق الحقوق المشروعه للانسان العراقي .

كانت اطياف الشعب باحسن حالاتها من حيث الوئام والتلاحم حتى مجئ البعث الفاشي للحكم ، حينئذ بدأت حالات التطاحن والاقتتال بين الاخوه العراقيين من ابناء الشعب الواحد ، وكنتيجة لتلك الشعارات القوميه المتطرفه والعنصريه والنعرات الطائفيه والمذهبيه وممارسات حزب البعث الشوفيني وتعاونه مع الاجنبي ، كلها مهدت لأنقلاب 8 شباط الاسود سنة 1963 وغذاها واسس لها فيما بعد نظام حكم البعث البائد ، الذي جاء به الانقلاب الدموي و طوال مدة الحكم الصدامي البغيض ، المبني على اساليب الاكراه والمخادعه والمراوغه والنفاق ، ومنها الانشطه الدينيه ، التي كان يطلق عليها الحمله الايمانيه ، نتج عنها الغلو الطائفي والدعوه لها وتجذيرها وتوظيفها لصالح الحكم الفردي الدكتاتوري التسلطي وديمومته ، على حساب مصلحة الشعب الواحد بكامل اطيافه ومكوناته الاساسيه ، مستندا على استخدام العنف وتشويه صورة الديمقراطيه ومسخ القانون وبذر روح الفرقه والافتراق بين ابناء الشعب العراقي

إن مسالة تقسم العراق الى دويلات فيدراليه على اساس طائفي او قومي عنصري اواي شكل من اشكال الانفصال وتحت اية تسميه من المسميات ، لا تخدم اطلاقا جماهير الشعب العراقي عموما والاقليات بشكل خاص ، بسبب عدم امكان توفير الحد الادنى من حقوق الاقليه المتواجده تحت ظل تلك الدوله الفيلدراليه قوميه متطرفه كانت ام طائفيه ، بل من المستحيل تأمين ذلك بالمطلق ، مهما كانت الوعود وحسن النوايا وكلمات الشرف ، ما لم تتوفر امور اساسيه بنظام حكم تلك الدوله ، وعلى رأسها احلال الحكم الديمقراطي وايجاد دولة المؤسسات الدستوريه والقانونيه ، واهمها فصل الدين عن الحكم ، وضمان الحقوق للفرد والجماعه ، في الحريه والعدل والمساواة والعداله الاجتماعيه وباقي الحقوق من منطلق مفهوم مبدأ حق المواطنه
وكنتيجة للاحتلال الامريكي للعراق تفرط العقد الاجتماعي بين مكونات الشعب ، وحلت محله نزعات الخوف والشك وفقدان الثقه والامان والتقاتل والتناحر وغيرها من السلبيات التي افرزت تداعيات شائنه مرفوضه بين ابناء الشعب ، قامت بتغذيتها جهات ظلاميه من داخل العراق ومن خارجه خدمة لمصالحها الذاتيه والانانيه ، حين رفعت خطاب الطائفيه والعنصريه والمناطقيه والدينيه وعملت بتعميقها بين نفوس البسطاء من الناس ، مما ادى الى تزايد روح العداء والقتل على الهويه ، واما بالنسبة الى ابناء الاقليات والمكونات الصغيره فقد تعرضت الى الذبح الى حد الاباده في بعض منها ، والتهجير والاغتصاب والتعذيب والاستلاء على ممتلكاتهم المنقوله وغير المنقوله ، واصبح امرها مرهون باهواء قادة المليشيات وتحت سيادتهم المباشره .

ان تقسيم العراق الى اقاليم ودويلات متفرقه بغير الأسس والثوابت العلميه التي يجب توفرها بالدوله الديمقراطيه الفيلدراليه ، لا يرجى ابدا من هذه الدول رعاية الاقليات وضمان حقوقها السياسيه والاجتماعية والثقافية والدينيه المشروعه اطلاقا ، ولأنها ستشكل اقليه عدديه في كل دوله سوف لن تكن مؤثره وذات صوت مسموع ، وهي ايضا تدرك تماما اي الاقليات ان لا حياة لها بظل حكم طائفي ديني متعصب ، ينظر الى ابنائها نظرة عداء وتعالي وتكبر بدعوى الكفر والالحاد ، وهما معصيه جسيمه من وجهة نظرها تستحق القتل ، وتلك الدول القوميه والعنصريه هي الاخرى التي تتناسى المكونات الصغيره وتتجاهلها وتعتبر ابناءها من الدرجه الثانيه او الثالثه حسب هواها وتتعامل معهم على هذا الاساس .

الاقليات تدرك جيدا ان مصالحها جزء لا تجزأ من مصالح الشعب عموما ، وحيث ان الشعب بمجموعه يعاني من سلبيات وهضم للحقوق ، وعليه لا يمكن ضمان حقوق الاقليات الا من خلال حكم ديمقراطي ودولة حره ذات استقلال سياسي تتمتع بالسياده الكامله ، تفصل الحكم عن الدين ، وذات مؤسسات دستوريه وقانونيه ، يسودها العدل والحريه و يتساوى بها الافراد بالحقوق والواجبات وفق مفهوم حقوق المواطنه الحقه .

ومما مر بنا اعلاه فلا نرى للاقليات اية مصلحه لا من قريب ولا من بعيد بتقسم العراق الى كيانات او دويلات اواقاليم ، مع الاعتراف التام للشعب الكردي بحقوقه المشروعه لتأسيس دولته وفق مبدأ تقرير المصير والاقرار بالامر الواقع .
الحقوقي / عربي الخميسي
ت1/ 2007 / استراليا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا تلغي حفل التخرج الرئيسي جراء الاحتجاجات المؤي


.. بالمسيرات وصواريخ الكاتيوشا.. حزب الله يعلن تنفيذ هجمات على




.. أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من مسيّراته خلال ح


.. أردوغان: سعداء لأن حركة حماس وافقت على وقف إطلاق النار وعلى




.. مشاهد من زاوية أخرى تظهر اقتحام دبابات للجيش الإسرائيلي معبر