الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور الاحتلال الأمريكي في بناء الدولة الطائفية في العراق

فاخر جاسم

2007 / 10 / 14
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


يواصل الباحث والمفكر العراقي الدكتور لطفي حاتم أبحاثه حول تأثير تطور العلاقات الدولية على المنطقة العربية، حيث صدر له مؤخراً كتاباً عن تداعيات الغزو الامريكي للعراق، تحت عنوان: الاحتلال الأمريكي وإنهيار الدولة العراقية.

يضم الكتاب ثلاثة فصول، الأول تناول فيه تأثيرات الاحتلال وأزمة العراق الوطنية، مشيراً في البداية إلى السمات الأساسية للتشكيلة الاجتماعية للدولة العراقية قبل الاحتلال، حيث يرى الباحث ان القاعدة الاجتماعية للدكتاتورية المتمثلة ب( البيروقراطية الطفيلية، الفئات التجارية ومالكو الأرض) لم تستطع الصمود بعد الغزو بسبب عدم تحولها إلى قوة اجتماعية مهيمنة من قبل الاحتلال الامر الذي أدى إلى نشوء الفراغ الامني وما نتج عنه من تدمير بقايا الدولة عبر عمليات السلب والنهب والتدمير، سرعة انهيار أجهزة الدولة وخاصة المؤسسة الدفاعية والأمنية. ويتوصل الباحث إلى استنتاج هام يقول: إن انيهار الدولة، بعد الاحتلال، وتفكك تشكيلتها الوطنية، انتج ميولاً متزايدة ، نحو سيادة المؤسسات الأهلية في الحياة السياسية، خاصة المؤسستين العشائرية والدينية، الأمر الذي سهل استغلال هاتين المؤسستين من قبل حركات الإسلام السياسي وزجها في الصراع السياسي اليومي لصالحها.

ثم يحلل الباحث طبيعة الشرائح الاجتماعية الجديدة وسماتها الرئيسية التي تتمثل بـ:

ـ تشكلت قوى جديدة من خلال عملية النهب والسطو على ممتلكات الدولة العراقية المنهارة.
ـ تطور الفئات الجديدة استنادا إلى النهب المتواصل للثروة الوطنية عبر شبكات المافيا المتشابكة مع دول الجوار.
ـ استيلاء القوى الطبقية الناهضة على الأراضي وتوزيعها على المؤيدين لها.
ـ امتلاك الفئات الجديدة النافذة لواجهات تجارية/ خدمية تابعة للأحزاب السياسية بهدف احتكار عمليات الاستيراد والتصدير.

في الفصل الثاني تناول الكاتب استخدام الشرعية الانتخابية لبناء الدولة على أسس طائفية مشيراً إلى الى ان الشرعية الانتخابية كرست قانونياً، الاصطفافات الطائفية القومية، معللاً سبب ذلك إلى طبيعة تصويت المواطنين، الذي لم يكن تصويتاً للهوية الوطنية، بل جاء تصويتاً لهويات متعددة، طائفية ـ أثينية.
ويشير الباحث إلى أن الشرعية الانتخابية أستخدمت لبناء شرعية دستورية يمكن ان يفضي تطورها اللاحق إلى تقسيم العراق إلى ثلاث كتل سكانية، شيعية، سنية وكردية، تقوم العلاقة بينها على الطائفية السياسية، حيث تبني مؤسسات الدولة استناداً على الروح الطائفية القومية.

ويلفت الباحث الانتباه إلى ان كثير من أسباب تفتت الوعي الوطني تشكلت في مرحلة الدكتاتورية، قبل الاحتلال، حيث يشير إلى إنه: بسبب الممارسات الطائفية للحكم، واستبعاد الأكثرية العربية/القومية عن المراكز الوظيفية في الجهاز البيروقراطي لم تسد روح المواطنة في الدولة العراقية بل جرى تقسيم المواطنة العراقية على أسس الولاء السياسي وارتباطاته المناطقية " ص36 .

ولغرض إعادة بناء الدولة العراقية على أسس وطنية بعيدة عن المحاصصة الطائفية ـ القومية يطرح الباحث مجموعة من المعالجات منها:
1 ـ اعتماد حقوق الإنسان/المواطن ومعاييرها الدولية أساساً في حماية الدولة لحقوقه السياسية/الاجتماعية وتشريعها في نصوص دستورية.
2 ـ بناء الشكل الفيدرالي للدولة على ان يجري تحديد الصلاحيات /الواجبات بين المركز والأقاليم بصياغات دستورية غير قابلة للتفسيرات السياسية.
3 ـ بناء شكل الحكم على قاعدة برلمانية، الامر الذي يتيح الفرصة أمام التيارات السياسية بالدفاع عن مصالح قواها الاجتماعية (ص 37).

وفي الفصل الثالث، تناول الباحث التشكيلة السياسية للعراق وتعثر بناؤها الديمقراطي، مركزاً على دور التدخلات الدولية وتاثيراتها على استقلال ارادة القوى السياسية. يقسم الباحث التشكلية السياسية العراقية الراهنة إلى ثلات تيارات، التيار الإسلامي بشقيه الشيعي والسني، التيار القومي بفرعيه العربي والكردي، التيار الديمقراطي بفصائلة الليبرالية واليسارية.
ففيما يخص التيار الإسلامي، يشير الباحث إلى ترابط أهدافه مع قوى إسلامية في دول الجوار العراقي الامر الذي يفرض ضرورة تعاون أطرافه مع الدول المجاورة للعراق ومراعاة مصالحها عند تحديد سياساته. إما التيار القومي العربي فإنه مضطر إلى ربط توجهاته السياسية بأمن بعض الأنظمة العربية الداعمة لسياسات هذا التيار. وبخصوص التيار القومي الكردي، فإنه يسعى لتحقيق أهدافه عبر التعاون مع الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، بسبب معارضة دول الجوار لأهدافة القومية. ويرى الباحث ان التيار الديمقراطي، هو الوحيد الذي يدعو، بدرجات متفاوتة، إلى بناء الدولة العراقية على قاعدة الديمقراطية بعيداً عن التدخل الخارجي.

أخيراً يشير الباحث إلى المخاطر التي تهدد وحدة العراق الجغرافية السياسية وتجعل استقلاله وسيادته الوطنية واقعة تحت تأثيرات القوى الخارجية، وخاصة قوى الاحتلال الامريكي ودول الجوار العراقي. ومن أهم هذه المخاطر:
ـ إن الأحزاب المهيمنة على العملية السياسية في العراق في المرحلة الراهنة، تملك مليشيات مسلحة تستخدم لفرض الواقع الراهن وتأبيده بالقوة، الأمر الذي لا يسمح بخلق دولة وطنية قائمة على هوية عراقية واحدة.
ـ مساعي قوى الاحتلال للمحافظة على الواقع الراهن وما يوفره من ظروف لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية.
ـ استفادة دول الجوار الأقليمي من حالة الصراع بين المكونات السياسية والطائفية والقومية في المجتمع العراقي لأن حالة الصراع هذه، تسهل تدخلها في الشؤون الداخلية العراقية.
ـ غياب المرجعية الوطنية العراقية العراقية الموحدة، قادرة على تقديم رؤية مشتركة تحد من التدخل الخارجي في شؤون العراق وتعيد له استقلاله الوطني.

ختاماً، يعتبر الكتاب اضافة نوعية للمكتبة العربية التي تعاني من قلة الأبحاث الجادة التي تتناول الغزو الامريكي للعراق، وتأثيراته السلبية على التطور المستقل لشعوب منطقة الشرق الاوسط.

الكتاب: الاحتلال الامريكي وانهيار الدولة العراقية.
الكاتب: الدكتور لطفي حاتم/ عميد كلية القانون والسياسة في الاكاديمية العربية في الدنمارك.
النشر: دار تموز ـ السويد ـ 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الذي يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟ | الأخبار


.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟




.. -هدنة تكتيكية- للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة ونتانياهو ي


.. جرّاح أسترالي يروي ما حصل له بعد عودته من غزة




.. حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. والترددات على تطورات الحرب في غزة