الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمة دوريس أديبة نوبل

محمد الأحمد

2007 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية



ها قد فازت أخيرا العمة دوريس بجائزة نوبل للآداب، من بعد ان وصلت الى عامها الثامن والثمانين، ومن بعد ان وصلت إليها الجائزة وقد عصف بها الزمن وجعلها تمشي بتؤدة من دون أن تستعمل عكازا، وبعد جرفت السنوات الثقيلة كل ملامح البهجة من وجهها، لانها على مدى سبع وخمسين عاما من الكتابة، لم تعرف التوقف، عن حمل دفترها الصغير الذي سرعان ما يمتلئ لتعطيه إلى حفيدتها التي ستدون لها ما كتبته بواسطة مفاتيح الكومبيوتر، حيث بقيت تحبذ القراءة على الكومبيوتر، وليس الكتابة كما تقول لأغلب أصدقائها، فالعمة متوقدة الذهن تذهب للتسوق بنفسها، من دون ان تنسى بان تضيف كتابا جديدا في كل مرة الى سلتها الشرائية، المحملة بالخضار الطازج، عندها الاهتمام الأكبر بالقراءة من الاهتمام بالكتابة، تقرا بالانكليزية والفرنسية والاسبانية، والفارسية، حيث كان مسقط رأسها في بلاد فارس (ايران) عندما كان ابوها ضابطا انكليزيا يعمل هناك. جالت طويلا في بلدان جنوب افريقيا، وعاشت قسما من طفولتها في افريقيا ما اثر كثيرا على أعمالها وعاصرت احداثا جسام وتحولات اقليمية حادة، تزوجت مرتين، وطلقت مرتين، وبقيت مناهضة بارزة لحركات تحرر المراة في العالم، كتبت مدافعة بقوة بالغة عن ضرورة إفلات المرأة من الاستغلال الجسدي، وضرورة حمايتها من العنف الأسري، وقد ناضلت طويلا مناشدة العالم الرأفة بالمرأة ككائن شريك، وليس ككائن مملوك للرجل كالأسير الضعيف. كان خبر فوزها بجائزة نوبل قد وصلها عندما كانت لوحدها تحمل كيسها المعتاد، ورن هاتفها الجوال، وقد ردت على المتصل بانها لم تعد تهتم بالامر كما لو وصلها متاخرا، ولكنها فرحت كثيرا، قائلة:- (أوه السيد المسيح!... أنا لا أَستطيعُ أَنْ أَهتمَّ أقل). وقررت ترك التسوق لتعود الى شقتها وتستعيد هناك أنفاسها، وأيضا لتقاوم وقع الخبر عليها، كونها تدرك جيدا ما معنى ان يفوز اديب ما بجائزة نوبل العظيمة، وهي التي تعلمت من معظم الكتاب العباقرة الذين وصلوا اليها بواسطة نوبل الكبيرة، فهي تعتبرها جائزة إيصال الأعمال الأدبية الى الخلود، وهي بلاشك مؤمنة بان نوبل تمنح وفق مناهج قويمة و لاشك بأنها ستجد أشهر الصحافيين ملاحقة امام عتبة دارها، وبالفعل عندما وصلت العمة دوريس وجدت جمهرة من الصحافيين ينتظرونها عند البوابة، وحملوا عنها كيسها الحافل بالخضار والفاكهة، ودون ان يتخلوا عن اضاءات الكاميرات الوهاجة والتي غالبا ما تعودت عينيها على ان تهرب بهما من منابع الضوء الحاد، اتوا كصحافيين من كل مكان بالعالم يسألونها عن كل ما يخطر ببالهم، وهي تبتسم عند كل خطوة تتقدمها باتجاه بابها، كانوا يسألوها عن انطباعات ليست من صميم كتاباتها، كلها كانت تخطر ببالها، اغلبها تخص وقع الجائزة عليها، فبقيت تقول لهم بتواضع بأنها قد ربحت (جائزة الجوائز) وان نوبل هذه ستجعل قرائها يزدادون ملايين المرات، وستقرأ الناس كتبها الباقية التي لم تنل الفرصة المناسبة من وسائل الإعلام، لانها كتبت كثيرا عن الارهاب، وكتبت عن التطرف المنتبذ، وخاصة الذي يغالي كثيرا بالدم المراق، ومن بين مؤلفاتها الأكثر شهرة (الكراسة الذهبية) و (مذكرات من نجا) و(الصيف الذي سبق الظلام)، كانت (ليسينج) قد رشحت لجائزة بوكر ثلاث مرات، ولم تكن تعلم في يوم ما بانها سوف تكون مرشحة نوبل القوية على مدى حياتها، فالعمة دوريس ليسينج هي المرأة الحادية عشرة التي فازت بالجائزة منذ عام 1901م وهي الكاتب البريطاني الثاني الذي يفوز بالجائزة خلال ثلاث سنوات، حيث فاز بها الكاتب (هارولد بنتر) عام 2005م، وقد وصفت الأكاديمية السويدية ليسينج بأنها (كاتبة ملحمة تجربة المرأة التي سبرت أغوار حضارة متنازعة بتشككها والنار المتقدة في داخلها وقوة الرؤيا لديها)، وبالاضافة الى قيمة الجائزة المادية ستحصل ليسينج أيضا، على جائزة ذهبية ودعوة لإلقاء محاضرة باجر مغر في مقر الأكاديمية السويدية، وأيضا سوف تستلم مبلغا كبيرا من المال يعادل مليوني يورو، وحتما سوف تعاد طباعة كتبها في طبعات غالية وأنيقة، ومذهبة التجليد كحال الأدباء الخالدين الذين ابقت نوبل كتبهم مفخرة رفوف المكتبات الغنية، وسوف تترجم أعمالها قاطبة الى جميع لغات العالم، إضافة الى الطبعات الشعبية التي سوف تدخل بها جميع البيوت، وسوف يقتنيها الناس لتقرا في الحدائق والمترو وصالات الاستراحة. صارت العمة موريس اليوم تبلغ العام 88 هذا الشهرِ، وسوف تعد الفائزُ الأكبر سناً لجائزةِ الأدبَ. بالرغم من أنّها تُحتَفلُ بنشر (دفتر الملاحظات الذهبي) الذي دونت فيها ملاحظات المهمة عن علاقتها بالكتابة وتجربتها المحض، وعلى الأغلب لديها الكثير من الأعمال الأخرى غير المنشورة، ففي سنواتها الأخيرة غير مثيرة للاهتمام الاعلامي، ولم تنشر نتاجاها الجديد حيث إنتقدتْ شديدا، و اتهمت بغرابة الأطوار. (أنا لا أَستطيعُ قَول ما فأَنا مَغْمُورُةُ بالمفاجأة)ِ، وقالَت أيضا. (أَنا بعمر 88 سنةً وهم لا يَستطيعونَ إعْطاء نوبل إلى شخص ما قد مات، لذا أعتقد هم كَانوا يَعتقدونَ من المحتمل بأنّهم يُحسّنونَ أوضاع من يَعطونَه)، سوف تبلغ دوريس ليسينغ الثامنة والثمانين من العمر في 22 تشرين الأول/أكتوبر.
تقول:-(أنا فرحة لان القراء سوف يقرأون كتابي الجديد الذي خفت عليه من ان اموت ويضيع مع ما يتركه الميت من ملابس)، وان نوبل تَسْحبُهم نحو كتابتها الأخيرِ، (ألفريد وإيميلي) الذي يَتخيّلُ عودة أبويها الى الحياة ولم تكن الحرب حُطّمتْهم، كما (أعطيتُهم حياةَ بدون حربِ)، قالتْ: (أعطيتُهم حياةَ، حياة مُحْتَرمة)، وقد جعلها الخبر تحث خطاها للتهرب من تعاظم ضجيج الإعلاميين حولها، من بعد ان منحت ككاتبة بريطانية يوم الخميس وكفائزة بجائزة نوبل للآداب حسبما أخبرتها الأكاديمية السويدية. وجاء في بيان صادر عن الأكاديمية السويدية ان لجنة نوبل اختارت مكافأة الروائية البريطانية التي تتحدث عن (التجربة النسائية والتي سبرت بتشكك ورؤية نافذة غور حضارة منقسمة). وفي لندن قالت متحدثة باسم دار الأدب التي تمثل دوريس ليسينغ لوكالة فرانس برس (نحن سعيدون جدا لانها استحقت فعلا) هذه الجائزة. كتبت الكثير من الأعمال المهمة وبقيت عضوة ناشطة في الحزب الشيوعي البريطاني حتى عام 1956 خلال سحق انتفاضة (المجر)، وقد شٌبّهَتْ بجرأتها في كثير من الأحيان بالكاتبة الفرنسية (سيمون دو بوفوار) بسبب أفكارها المؤيدة لحقوق المرأة. واعدت من أشهر النسوة المتحررات في أوربا، أما كتابها الأكثر شهرة (ذي غولدن نوتبوك) يروي في هذا الإطار قصة امرأة كاتبة ناجحة تكتب مذكراتها في غاية الوضوح والصراحة. وأيضا من بقية أعمالها الناجحة (الذهاب للوطن) (1957) الذي تندد فيه بالتمييز العنصري في جنوب أفريقيا (الإرهابي الجيد 1985) حول مجموعة من الشبان الثوريين من اليسار المتشدد.
الجمعة‏، 12‏ تشرين الأول‏، 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-