الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقابلة مع المفكر السوري عصام الزعيم

عمار ديوب

2007 / 10 / 14
مقابلات و حوارات


البديل عن رفع الدعم والبطاقة الذكية وأسعار مشتقات النفط

1- بعد النقاشات والحوارات التي طالت معظم البيوت السورية عن رفع الدعم عن مشتقات النفط والخوف من ارتفاع الأسعار وقد ارتفعت بالفعل في جميع المواد الاستهلاكية والغذائية وتضررت المحاصيل الزراعية بفعل احتكار المازوت وتوقف مراكز التوزيع عن إعطائها للمواطنين تراجعت الدولة عن ذلك لأشهر معدودة دون أن تتخلى عنه والآن تطرح كبديل البطاقة الذكية ، ما هي قصة هذه البطاقة وتأجيل الدعم .
- المسألة ليست سهلة ، لان الدولة تواجه فعلاً مشكلة ازدياد العجز في الموازنة بتأثير الزيادة الكبيرة في استيراد المشتقات البترولية بأسعار عالمية ومتواصلة الارتفاع مقابل تصدير النفط السوري الخام دون تصنيعه .طوّي مشروع المقترح لتقليص الدعم تحت شعار إعادة توزيعه ، وهذا بفضل مواقف اتخذت من الاقتصاديين السوريين ونقابات العمال والجهات الأخرى .
ولكن ينبغي ألا يكون لدينا أوهام لان الفكرة المطروحة لم تأتي مفاجئةً أو إرتجالاً وإنما نضجت خلال السنوات القليلة الماضية وحظيت بدفع ومعونة فنية وبثبات من صندوق النقد الدولي من جانب ، ومن جانب آخر فإن ازدياد العجز في الموازنة العامة أمر مقلق بالتأكيد ولكن كيف يعالج بحيث يكون العلاج إسعافياً، ولكن تنموياً في الوقت نفسه.
بعبارة أخرى كيف يمكن إن نعالج المشكلة دون أن نسقط في المقاربة الطبقية المعروفة باسم التثبيت المالي وهي ركن من أركان الإيمان والعمل لدى صندوق النقد الدولي؟
إن معالجة المشكلة لها جانب فني اقتصادي وآخر سياسي وإذا كانت السياسة إختزالاً للاقتصاد فإن الاقتصاد يُحدد دائماً في نهاية المطاف المسألة السياسية . ونحن في قلب المعركة تهددنا الإدارة الأمريكية ويهددنا الغلاة الإسرائيليون بالحرب والعدوان ناهيك عن زيادة العقوبات الاقتصادية . كما أننا واجهنا موسماً زراعياً محدود الجودة . إضافةً إلى النتائج الضارة لجذب الاستثمارات السخية في قطاعات العقارات والمصارف والتامين بما أدى إلى تضخم شديد في أسعار الأراضي والعقارات . مما ولّد مضاربةً زادها عامل اللجوء العراقي شدةً دون أن يكون سبباً لها.
لا يمكن أن نعالج المشكلة المطروحة معالجة تكنوقراطية مضادة للنمو والتنمية من جهة وللجماهير الشعبية من جهة أخرى .
لو أن دعاة التثبيت المالي من خلال رفع أسعار المشتقات نجحوا في ما أرادوا لارتفعت الأسعار في القطاعات الاقتصادية كافة من الزراعة إلى الصناعة ومن الطاقة إلى التجارة ناهيك عن البناء . ولارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية ارتفاعات قصوى حيث أنها ارتفعت كما شاهدنا لمجرد التلويح برفع أسعار المشتقات فكيف إذا تمّ رفع هذه الأسعار فعلاً.
إن مقترح البطاقة الذكية حسبما طرحه السيد وزير الاتصالات والتقانة الهام إلى المجلة الاقتصادية يتركز في توفير مؤشرات للمستهلك تتيح له أن يعرف كم استهلك وكم بقيّ له من حق استهلاكي محدد من الدولة في البطاقة الذكية هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن البطاقة الذكية يمكن أن تستخدم وسيلة " للتمييز بين المستهلكين الشرعيين " أي السوريين من حيث الجنسية والمستهلكين الآخرين اللاجئين . بحيث يحجب عنهم الحق في استهلاك المحروقات بالسعر المحلي المتاح للمستهلكين السوريين . وذلك من خلال حجب البطاقة الذكية عنهم ؛ عن هؤلاء المهجريين "أو ربما منحهم بطاقة ذكية خاصة " . هذا الأمر لا نؤيده إطلاقاً بل نستهجنه ونرى أن الموقف الصحيح إنسانياً ووطنياً وإقتصادياً يكون بمنح المهجريين الحقوق ذاتها التي سيتمتع فيها السوريين في حال العمل بالبطاقة الذكية واستخدامها من قبلهم ويكون هذا الحل بالمساواة في الاستهلاك بين السوريين والمهجريين ( ولا أتحدث هنا عن العابرين في سوريا دون الإقامة فيها ولا عن البعثات الدبلوماسية والشركات الأجنبية ) هذا من جهة ومن جهة أخرى فإننا ندرج في هذا الحل البديل عن التمييز في البطاقة الذكية فرض ضرائب على المهجريين بصورة مماثلة للضرائب المفروضة بموجب القانون على المواطنين السوريين وخاصة الضرائب على أرباح الدخول وعلى تداول العقارات وغيرها.
ثالثاً : يدخل في الحل المقترح هنا بديلاً عن التمييز في البطاقة الذكية تحديدٌ جادٌ من الدولة لكلفة الاستهلاك الإضافية المترتبة على مساواة المستهلكين المهجرين للمستهلكين السوريين . ومن ثم يتخذ قرارٌ بدعوة الدول العربية المجاورة للعراق وخاصةً المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات المتحدة والدول الغربية المانحة تقليدياً للمعونات إلى البلدان النامية فضلاً عن منظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي من أجل وضع برنامج وموازنة تموّن من كل هذه الأطراف بما فيها سوريا والعراق والأردن وتركيا . وهذا الأمر سيحظى بالاستجابة ويساعد سوريا في الوقت نفسه في أن تطبق سياسة المساواة بين المستهلكين المحليين والمهجرين بما ينسجم مع مسئوليات سوريا السياسية والأخلاقية ودورها القومي العربي الثابت ويساعدها في الوقت نفسه على أن تقوم بهذه المسؤولية بالتضامن والتكامل مع الدول العربية والإسلامية الشقيقة .
ومرة أخرى المطلوب قدح زناد الفكر وصياغة المبادرة وأخذها والتحرك المطلوب.
2- يجري الكلام عن أن رفع الدعم من أجل التخلص من العجز المالي في وزارة المالية وبذات الوقت يتم إظهار حقائق تستحق الدراسة وهي المتعلقة بأن سعر مشتقات النفط في سوريا يصل إلى السفارات والمنظمات الدولية وحتى شركات النفط بنفس سعر المازوت للمواطنين السوريين ألا يمكن تحديد سعر خاص بهذه الشركات وإيفاء جزء من هذا العجز.
هناك تقاسم في إنتاج النفط السوري الخفيف الذي خلافاً ( للنفط الثقيل) ينتج بالتعاون مع شركات أجنبية وفق ما يسمى عقود خدمة قيمتها تقدر بما لا يقل عن 40% من عوائد النفط الخام المنتج بموجب هذه العقود لكن في الوقت نفسه تستهلك هذه الشركات من خلال نشاطها في سوريا مشتقات بترولية أي منتجات تكرير وكذلك الهيئات الدبلوماسية والمنظمات الأجنبية والدولية المتواجدة في سوريا وقوات الأمم المتحدة حيث تشتري بنزين السيارات أو المازوت بالسعر المحلي . ويمكن لسوريا أن تميّز بين المستهلكين السوريين وهذه الجهات الأجنبية بحيث تدفع هذه الجهات ثمن المشتقات البترولية بأسعار أعلى من الأسعار المحلية المتاحة للمستهلكين السوريين . غير أن فائدة قرار حكومي كهذا تتوقف كثيراً على قيمة الاستهلاك الإجمالية والأسعار البديلة (الأعلى) التي تفرض على هذه الجهات للحصول على المشتقات البترولية المحلية.
لكن هذا الأمر ليس جوهرياً . وما هو جوهري ، هو تمكين المستهلكين السوريين والقطاع الصناعي العام والخاص على السواء والقطاع الزراعي وهو كما نعلم خاص بصورة شبه تامة وقطاع النقل المحلي من الحصول على حاجاتهم من المشتقات النفطية بالأسعار المحلية . ونحن بذلك نرفض المنهج المغلوط الذي لجأ إليه الفريق الاقتصادي في احتساب أسعار المشتقات البترولية المحلية حيث طبّق مفهوم صندوق النقد الدولي في مقاربته هذه الأسعار بالأسعار العالمية. أي أسعار استيراد البديل عن الإنتاج المحلي وذلك لان المشتقات النفطية المحلية تنتج محلياً ولا تستورد. أننا ننتج من النفط الخام المحلي وكلفة إنتاجها تحتسب وفقاً للمعطيات المحلية المطبقة من حيث كلفة استخراج النفط وإنتاجه ونقله وتكريره وتوزيع مشتقاته وبيعها ورسوم النقل والتأمين المرتبط بها وهامش الربح الاقتصادي. وكل هذا يوصلنا إلى رقم إجمالي يقّل بقدر هائل اليوم عن الكلفة المقارنة في أسواق التصدير الدولية ونعني هنا أسواق المشتقات.
أما العامل الثاني فلا يقل أهمية "بل هو يزيد أهمية" عن العامل الأول أعلاه لأنه يتعلق بأهمية التسعير الاقتصادي المحلي في دعم الزراعة والصناعة والإنتاج الوطني عموماً من جهة وتحميل المستهلكين عبئاً سعرياً لا يتفق مستواه مع مستويات دخولهم التي تقلّ بفراسخ عن الرواتب والدخول الدولية من جهة أخرى.
إن كلفة المشتقات السورية المحلية لا تتماثل مطلقاً مع كلفة المشتقات المماثلة في الأسواق الدولية فلماذا يساوى سعر مشتقاتنا المحلية بسعر المشتقات الدولية؟.
وكيف يقبل المرء بأسعار عالمية أو تقترب من الأسعار العالمية ( حسب ما يوصي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي معاً ) والأجور والدخول في بلادنا على ما هي عليه . بل أنها تآكلت في السنوات الثلاث الأخيرة بفعل موجات التضخم المتلاحقة ( أولاً في أواخر العام 2004 ثم في العامين 2005 -2006 وأخيراً في صيف العام الحالي 2007)؟.
3- نسمع وزير النفط يقول أنه يبيع للمواطنين 200 ألف برميل نفط سنوياً ما قصة هذا الرقم؟
مع احترامنا التام لشخص وزير النفط وهو رجلٌ متميز في خبرته. فإننا نظن بأنه تكلم بصيغة رمزية أو مجازية لأننا لا نعلم عن توزيع مجاني لمشتقات النفط في سوريا . أعتقد أنه أراد أن يؤكد على انخفاض الأسعار المطبق حالياً في بيع المشتقات البترولية المحلية . ويقال أن صناعة تكرير البترول الوطنية تخسر كثيراً . وكثيراً ما يصح ما يقال .ولكننا نعتقد أن الأمر في حالةٍ كهذه يتعلق بمواصفات مصافينا الوطنية الحالية مصفاة حمص وبانياس . وشروط الإنتاج وتنظيمه وإدارته الاقتصادية ومدى التحكم في الفاقد واعتبارات أخرى مشابهة ويمكن حل هذه المشاكل قطعاً بحلول دُنية تتمثل بالصيانة والفعالية الوقائية والعلاجية وحلول أوسع قد تشمل إعادة تأهيل المصافي جزئياً أو كلياً ولكن بكل الأحوال فإن أسعار المشتقات عاملٌ حساسٌ جداً في تحديد مستويات التكاليف الأسعار في قطاعات اقتصادية حيوية كالزراعة والصناعة والنقل وذات تأثير فائق على قطاعي الإنتاج والاستهلاك في الاقتصاد الوطني ومع الاتساع المحلي المتزايد على بنزين السيارات ومادة المازوت فإن رفع الأسعار لا يؤدي إلى ترشيد الإنفاق كما ينادي الليبراليون وإنما أيضاً إلى عرقلة النمو الاقتصادي وإضعاف التنافسية السورية وإعاقة النمو في الطلب المحلي . اللازم والضروري لإسناد عملية التنمية من تصنيع وتطور زراعي وغيرها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: اتهامات المدعي العام للجنائية الدولية سخيفة


.. بعد ضغوط أمريكية.. نتنياهو يأمر وزارة الاتصالات بإعادة المعد




.. قراءة في ارتفاع هجمات المقاومة الفلسطينية في عدد من الجبهات


.. مسؤول في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعترف بالفشل في الحرب




.. مصر تحذر من أن المعاهدات لن تمنعها من الحفاظ على أمنها القوم