الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة مقتدى الصدر .. قراءة من زاوية شبابية

نضير الخزرجي

2003 / 10 / 30
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

كثر اللغط حول ظاهرة السيد مقتدى الصدر كما كثر الحديث من قبل حول شخصية والده الفقيد السيد محمد الصدر , فقد قيل عن الوالد الشيء الكثير الى حد تهمة العمالة لنظام صدام حسين, وقد اغتيل غدرا , واقل ما يتهم به الابن انه شاب غض حديث السن لا يفقه من السياسة ألفها ولا من الفقاهة بائها, و عندما تقع المقارنة مع غيره من رجال الدين في العراق فان وجه المقارنة يتجه صوب الحلقات الشابة المحيطة به المنحدرة من قرى وارياف العراق فضلا عن مدنها, مع اعتياد الذاكرة العراقية الشيعية الى رجال دين يخط الشيب وجوههم ويزين الانحدار ظهورهم وتطلي النعومة اكفهم , وتطبع الحمرة خدودهم.
ترى لماذا يلتف شباب تعرقت اياديهم وتخددت اوجههم حول شاب يتهمه البعض بالصبيانية, ولماذا يندر رؤية وجوه علمائية تخطت الخمسين او الستين تقف معه في الواجهة؟
تسهل الاجابة عن مثل هذا السؤال فيما لو اجلنا النظر في تاريخ التحرك السياسي لوالده والمحيط الذي تحرك فيه وفاعل وانفعل وتفاعل معه, عند ذاك تظهر الاجابة جلية غير سحابية.
ما يمكن قوله هنا أن والده الفقيد السيد محمد الصدر رغم نضاله الطويل في مرحلة الشباب الى جانب الفقيد السيد محمد باقر الصدر المستشهد في نيسان ابريل من عام 1980, فان مظاهر تحركه في عمق الوسط العراقي بدأ في السنوات الاخيرة التي سبقت اغتياله في مدينة النجف الاشرف في 19/2/1999م, والشيء الذي فعله السيد محمد الصدر ولم تفعله الحوزة العلمية في النجف الاشرف من قبل انه نزل الى العشائر العراقية , فكتب لها فقهها, وتفاعل مع ابنائها واستقبلهم في حوزته العلمية ومدارسه واوجد جسرا كان مفقودا منذ عهد بعيد بين الحوزة العلمية والعشائر العراقية , ولذلك صعب على الكثيرين من العراقيين الذين تركوا العراق منذ عقدين او اكثر تفهم الظاهرة الجديدة في العراق, لانهم في الاصل لم يحتكوا بها مباشرة، أو انهم ورثوا حوزة علمية اقتصرعمل وكلائها على مراكز المدن الرئيسية وتجاهلت قطاعات كبيرة من المجتمع العراقي ولم تنفعل او تتفاعل معه, في حين ان السيد محمد الصدر نزل الى القرى والارياف والقصبات ناهيك عن المدن, فكانت حاشيته ومريديه خليط من ابناء العشائر المشهورة في العراق, ولذلك بدأت تطرق اسماع العراقيين اسماء علمائية وقيادية لم يألفوها من قبل وقلما عهدوها في الحوزة العلمية في النجف الاشراف , فهذا الشيخ من عشائر الجنابي وذاك من عشائر الخفاجي والمياحى والخزعلي والميالي والخزرجي والبصري والكاظمي والناصري والبغدادي وغير ذلك.
ولما رحل السيد محمد الصدر عن هذه الدنيا غدرا مع اثنين من اولاده حيث كانا بمثابة الساعد الايمن والايسر له, ترك ارثه القيادي لنجله الشاب السيد مقتدى الصدر , فلم يرث الولد من أبيه مالا او عقارات أو أموال الامام المهدي المنتظر عليه السلام التي اصبحت نهبا استمرأها البعض كما يقول مؤيدوه وينطق به الواقع,وانما ورث مكاتب ومساجد في كل قرية ومدينة عراقية يؤمها شباب عراقي , ولذلك فمن الطبيعي ان تكون حاشيته شابة لان حاشية والده كانت شابة ولان والده من الاصل رحل عن الدنيا شابا بمقاييس الحوزة العلمية (ولد في 23/3/1943م). هذا مع الاخذ بنظر الاعتبار ان رجل الدين المتفاعل في  الساحة الشعبية العراقية وخاصة في ظل نظام غير منتخب كنظام صدام حسين هو محط جذب للشباب المتحمس للتغيير, وفي نفس الوقت هو موضع انتقاد من بعض العمائم المسنّة، ومجال للسخرية من شرائح من المجتمع العراقي التي يصعب عليها تحريك الماء الراكد وان كان باتجاه القناة السليمة.
ومن سخريات القدر ان السيد محمد الصدر تعرض الى ما تعرض اليه السيد محمد باقر الصدر قبل ربع قرن حيث اضطر تحت ضغط كبار الحوزة العلمية في النجف الاشرف الى سحب نسخ رسالته العملية في فقه المعاملات والعبادات (الفتاوى الواضحة) من الاسواق ومنعها من التداول، واعتكف في بيته قسرا بعد ان قاطعه معظمهم وحورب حتى في لقمة العيش, والى ما تعرض اليه السيد محمد الشيرازي قبل اربعين عاما حيث حورب بدعوى عدم الاجتهاد وقد ظل يلعق جراحاته حتى اخر عمره رغم ما تركه من ارث فقهي وموسوعة فقهية عجزت الحوزات العلمية عن انجاب مثيلاتها حتى اليوم.
وتأسيسا على ذلك فان ينبغي النظر الى (الشبابية) في ظاهرة السيد مقتدى الصدر على انها ظاهرة جد طبيعية افرزتها حقيقة التحرك الحوزوي المتأخر على العشائر العراقية ، فهي ليست ظاهرة منفصلة عن المجتمع العراقي او غريبة عنه, ربما اعتبرها البعض ظاهرة جديدة , وهذا صحيح , ولكن الجدة فيها ليست مدعاة للطعن  بلحاظ انها جاءت متساوقة ومتحايثة مع المساحة الزمنية التي تحرك فيها الفقيد الراحل السيد محمد الصدر ومده للجسور مع العشائر العراقية مستفيدا ما امكنه من الحملة الايمانية التي اطلقها نظام صدام لامتصاص نقمة الناس من تداعيات حرب الكويت وسنوات الحصار الاقتصادي, وانفتاح النظام على العشائر.
واذا امكن تفهم مثل هذا الواقع الذي عليه العراق اليوم , فان من الحكمة السياسية التعامل مع هذا الواقع من موقع المسؤولية والتفاهم لا من موقع التعالي والتقاطع, لكون القوات الامريكية والبريطانية او سلطة التحالف هي سلطة طارئة افرزتها الحرب وهي شاءت او أبت راحلة عن العراق, في حين ان الملايين العراقية التي يتهما البعض بالشبابية والصبيانية تمثل شعب العراق او جزء كبيرا منه, واذا امكن لسلطات الاحتلال البريطاني قبل ثمانين عاما ان ترحل رجال الدين الى ايران بتهمة العجمة والتدخل في شؤون العراق العربي , فانه ليس بامكان سلطة التحالف او بديلتها ان تبعد رجال الدين وهذا الشباب الخارج من رحم الازمات الى ايران او غيرها بتهمة العجمة والتدخل بما لا يعنيها, لانتفاء العجمة عن الشيوخ الجدد ولصعوبة تباين السلطة في بغداد مع الموازين والاعراف العشائرية في العراق , خصوصا وان الاخيرة شديدة اللصاق والتلاحم مع الحوزة العلمية ورجال الدين, كيف وان رجال الدين الشباب هم من ابناء هذه العشائر نفسها, فان الموقف اكثر من صعب.
الرأي الآخر للدراسات/لندن









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا