الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمعيات الطوعية، ومنظمات المجتمع المدني وتحديات خدمة المجتمع

الحزب الشيوعي السوداني
(Sudanese Communist Party)

2003 / 10 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بيان من الحزب الشيوعي السوداني:

الجمعيات الطوعية، ومنظمات المجتمع المدني
وتحديات خدمة المجتمع

في الأسبوع الأول من مايو المنصرم، نشرت الصحف، ان 350 جمعية طوعية وحقوق إنسان، مطالبة بتوفيق أوضاعها – أي استكمال شروط ومقومات تكوينها وتسجيلها والتقيد بالنظم واللوائح .. وأعلنت مفوضية العون الإنساني عن تسجيل 887 جمعية خلال السنوات 2001 – 2003، وان 361 جمعية ثقافية أهلية تم تسجيلها في وزارة الثقافة والإعلام، وعشرات أخرى في طريقها للتسجيل.
تغطي هذه الجمعيات مساحة واسعة من المناشط المتنوعة في المجتمع السوداني:- الإغاثة، شئون النازحين، حقوق الإنسان، ضحايا التعذيب، حماية البيئة، المرأة، الطفل، مراكز البحث والثقافة والنشر ... ولهذا ندعم حقها في النشاط المستقل عن الدولة، وان يصان هذا الحق بنصوص واضحة وقاطعة في الدستور.
وبما أن هذه الجمعيات والمنظمات قد ارتبطت بأهداف إنسانية وديمقراطية تلبي احتياجات ماسة للمجتمع السوداني، يصبح لزاماً عليها ان تتقيد بضوابط ذاتية ترتقي لسمو أهدافها، وتحمي سمعتها من التجريح .. ومن بين تلك الضوابط:
1- أن تسجل كجمعية طوعية لإداء نشاط طوعي لا يشترط المكافأة أو العائد المالي في صيغة إجور أو مرتبات أو حوافز.
2- ان تمتنع عن التسجيل تحت إسم تجاري أو شخصية اعتبارية وهمية، وان تلتزم وتستكمل كافة إجراءات التسجيل حتى الإشهار.
3- أن تظل عضويتها مفتوحة لكل راغب في المشاركة في نشاطها وفق أهدافها ونظمها، وأن تعقد جمعيتها العمومية الدورية وتجري انتخاباتها وتعلن نتيجتها في الصحف أو أي وسيلة إعلامية أخرى – وهذا تقليد راسخ في مؤسسات النشاط الأهلي الطوعي في المجتمع السوداني: الأندية، الجمعيات الخيرية، اتحادات الطلاب ... الخ.
4- ان تنشر ميزانيتها، وتوضح أي دعم  مالي أو عيني تتلقاه من الداخل أو الخارج، وأن تخضع ميزانيتها وحساباتها لمراجعة قانونية، يتولاها مقابل أجر زهيد مكتب مراجعة قانوني ناشط في الجمعيات الطوعية أو منظمات المجتمع المدني، أو تحت إشراف اتحاد المراجعين القانونيين بوصفه أحد منظمات المجتمع المدني.
5- أن تعلن التزامها بتقاليد النشاط الأهلي الطوعي، ذي الجذور الضاربة عميقاً في نسيج المجتمع السوداني،  والذي شيد صروح تنظيماته ومؤسساته الأهلية بالجهد الذاتي وتبرعات المجتمع الذي اقتنع بجدوى تلك المؤسسات.
التشريد والعطالة وشظف العيش، ليس مبرراً لتحويل الجمعيات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني إلى "مشروع إعاشة" لعضويتها أو بعضاً منها – تلك ممارسات ترهن العمل الطوعي لعطايا الممولين في الخارج والداخل، وإكراميات الأثرياء والباحثين عن الجاه الاجتماعي، وتسلب المجتمع مناعته الطبيعية المستمدة من تراثه ومعتقداته، والتقيد بفضيلة التضامن والتكافل، وتتركه فريسة سهلة لسطوة رأس المال الذي يحول كل شئ إلى سلعة تباع وتشترى، من الأحذية إلى الضمائر والأدمغة !
لقد أولى الحزب الشيوعي الجمعيات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني إهتماماً مستحقاً هي جديرة به، فتناولتها دورة لجنته المركزية – أغسطس 2001 – ص 14 – 15، باعتبارها ظاهرة عالمية متعددة الأهداف، مراكزها ومصادر تمويلها في غرب أوربا وكندا والولايات المتحدة. ورغم تصنيفها كمنظمات مستقلة عن حكومات تلك الدول، إلا أنه استقلال نسبي، محكوم في نهاية الأمر بالاستراتيجيات العامة لحكوماتها واحتكاراتها الكبرى ومراكز صنع القرار والصراعات على مراكز النفوذ والتأثير على الرأي العام. ومع ذلك، وبرغمه، ما زال المجتمع السوداني يفتقر لخدماتها ومساعداتها، شريطة ان تصل مباشرة للمحتاجين إليها، أو الشرائح المستهدفة، دون سماسرة ووسطاء ومنتفعين، وشبهات فساد وسياحة واسترواح، ولعل في هذه المحاذير ما يفسر الصراعات الشخصية، والمنافسات العبثية التي تتناقلها المجالس، وتنحدر أحياناً إلى مستوى المقاضاة في المحاكم، كأنما التجربة الوليدة لم يكفها تشوهاً وإعاقة ما لحق بها من ممارسات حزب الجبهة الاسلامية الحالكم وسلطته السياسية التي أنشأت مئآت الجمعيات والمنظمات الطوعية – إسماً – وأعفتها من الرسوم والضرائب والجمارك، وأنعمت عليها "بالأيلولة" وملكتها بعض مؤسسات القطاع العام المخصخصة، وغير ذلك مما كشفه وزير المالية الأسبق، دكتور عبد الوهاب عثمان، في خطاب الميزانية، من بين عوامل تدهور الإيرادات.
من حق الحكومات، مثلما من حق الأحزاب، أسوة بالمواطنين، تكوين مؤسسات لا ربحية أو جمعيات طوعية أو منظمات مجتمع مدني، شريطة ان تحافظ على طابعها ووظيفتها واستقلالها وقيمها الأخلاقية في أداء وظيفتها المعلنة أمام المجتمع، فلا تتحول إلى ذراع للسلطة، أو منبر للحزب والصراعات الحزبية.
الأشكال المستحدثة للجمعيات الطوعية ومنظمات المجتمع المدني، التي تكاثرت خلال عقد التسعينات، امتداداً لمراكزها ورصيفاتها في الدول المتقدمة، مازالت حديثة عهد، وفي حيز النخبة والصفوة – وأحياناً "الشلة"، وعليها ان تجتاز تحديات الإلتصاق الحميم ببسطاء الناس الذين نشأت أصلاً لخدمتهم وتخفيف معاناتهم.
ومع ذلك فهي ليست بديلاً، وحتى معادلاً، للجان الأهلية التي يبادر بسطاء الناس بتكوينها في الأحياء والقرى، لحل مشاكلهم أو بعضاً منها، بعد ان تخلت الدولة عن التزاماتها الخدمية.

الخرطوم: اكتوبر 2003م     سكرتارية اللجنة المركزية
        للحزب الشيوعي السوداني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة - لبنان بعد اغتيال نصر الله • فرانس 24 / FRANCE


.. عاجل | نتنياهو: مقتل نصر الله سيغير موازين القوى لسنوات في ا




.. بدأت باختراق تردداته.. إسرائيل ترسل رسائل مبطنة باستهداف مطا


.. نتنياهو: تصفية نصر الله هي الشرط الأساسي لعودة مواطنينا إلى




.. موازين | الاحتلال وحق مقاومته