الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المواطنون يشتكون من تكاسل السلطة لإنقاذ منكوبي رفح والاحتلال يحرم أطفالها من بهجة البراءة في رمضان

حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)

2003 / 10 / 30
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

قرعت شابة في التاسعة عشرة من عمرها ترتدي ثيابا رثة متسخة وتصطحب طفلا لها في الثالثة من عمره  عليه ملابس رثة ومتسخة أيضا جرس باب مكتبي. أرجوك ساعدني؛ أحتاج إلى القليل من المال لشراء طعام لأسرتي ودواء لابني.. اشتكى الطفل من ألم يصدر من قدمه، انحنت الأم فخلعت له فردة من حذائه الموبوء بالخروق.. نظفتها من حصى صغير كان قد تسلل إلى داخلها..  الطفل يواصل البكاء.. أمسك فردة الحذاء بيده الناعمة.. وضعها على المنضدة الصغيرة التي كنت أجلس مع أمه حولها.. دفع الطفل بفردة الحذاء كما يفعل طفل يلهو بلعبة سيارة.. لبنى وطفلها يرسمان صورة شقاء الإنسان الفلسطيني الذي تطحنه دبابات جيش الاحتلال الإسرائيلي.. أنا هجرت من مناطق جنوب غزة إلى دير البلح الواقعة وسط قطاع غزة بعد أن هدم الاحتلال بيتنا قبل عدة أشهر، قالت المرأة التي تسعى لالتقاط قليل من المال لتوفير احتياجات أسرة لا يعمل رجلها..
قوات الاحتلال الإسرائيلي استبقت شهر رمضان بعملية "الحل الجذري" في رفح التي أدت إلى تشريد أكثر من 300 عائلة باتت تعيش في العراء بعد هدم أكثر من 220 منزلا كان بعضها يأوي أكثر من أسرة.. رفح مدينة منكوبة، هكذا أكد مسئولون فلسطينيون.. الاحتلال هدم منذ بدء الانتفاضة وحتى الآن أكثر من 1120 منزلا هدما كليا فيها..
من يفقد بيته، يفقد بهجة قدوم شهر يحتفل فيه الكبار والأطفال في العالم الإسلامي كله.. في رفح لم ينطلق الأطفال هذا العام في الشوارع بفوانيس رمضان وبأناشيد معزوفة على ألحان بهجة البراءة.. الألم يعتصر قلوب الأمهات والآباء والأجداد أيضا.. سكان الخيم التي تنتصب في قلب رفح يرسمون لوحة قاتمة عن حرب تشنها قوات عدوان لا يفرق بين الأطفال ورجال المقاومة.. كل فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة يحمل روحه على يده. قنابل طائرات إف 16 وصواريخ الأباتشي لا تقتل فقط أولئك الذين تزعم إسرائيل أنهم متورطون في عمليات عسكرية ضد أهداف فيها.. آلات العدوان الغاشم تشتهي لحوم الأطفال الطرية.. العدوان الغاشم يأكل أيضا قلوب الأطفال الطرية وهم يعيشون معاناة حياة قاسية في منطقة تزيد نسبة الفقراء فيها عن 70% من مواطنيها..
في كل مكان في قطاع غزة، تنشط حملة جمع تبرعات لإنقاذ منكوبي رفح. المواطنون الفلسطينيون يشعرون أن السلطة الرسمية لم تبذل الاهتمام المناسب الذي يحتاجه مشردو حملة تدمير المنازل في رفح. الكاتب الصحفي مهيب النواتي كتب يصور مشاعر مواطنيه من موقف السلطة من متضرري مأساة رفح فقال:  تم تناسي محنة ومأساة هؤلاء المتضررين من قبل قطاع كبير من المسئولين في السلطة على اختلاف أركانها ومؤسساته. أضاف: ويتساءل المواطن الفلسطيني عن أداء قيادات السلطة وطريقة معالجتهم لهذه المأساة في الوقت الذي يرى ويسمع فيه عن استقالات لحكومات أو وزراء معنيين لمجرد حدوث كارثة طبيعية في بلد ما لان هذا المختص أو هذه الحكومة لم تستطع تقديم يد العون والمساعدة بالسرعة الكافية التي تضمن لهؤلاء السكان تجاوز محنتهم بشكل سريع.
محافظ رفح مجيد الأغا قال أنه تم صرف 500 دولار قدمتها وكالة غوث اللاجئين لكل عائلة من العائلات المنكوبة. المواطنون يتساءلون: هل يكفي هذا المبلغ المتواضع لإعادة ترتيب حياة أسر يصل بعض أفرادها إلى 15 فردا؟
المواطنون في كافة قطاع غزة استجابوا للحملة الشعبية الرامية إلى تقديم يد العون لمنكوبي رفح..
منكوبو رفح يعربون عن استغرابهم مما يصفوه بالتكاسل المتعمد من السلطات الرسمية. قال مواطن: لا نشعر بأن هناك من يدعمنا من المسئولين.
أحمد الذي كان يقيم في منطقة الحدود الفلسطينية المصرية في رفح باع حلي زوجته وأثاث بيته. فهو عاطل عن العمل منذ عدة سنوات. والاحتلال هدم بيته. ويعيل 12 فردا.
قال إنه لجأ لمؤسسات خيرية لتوفير بعض احتياجات شهر رمضان لأسرته فلم يجد آذانا صاغية. أضاف أن المساعدات الغذائية الموجهة لمنكوبي رفح تصل لمعارف المسئولين عن توزيعها وليس لمن يستحقها.
في رفح المنكوبة بتعسفات الاحتلال الإسرائيلي استقبل المواطنون شهر رمضان بجيوب فارغة. المحال التجارية فيها بضائع يحتاجها المواطن للوفاء بمستلزمات رمضان: لكن أحدا من أصحاب هذه المحلات لن يفتحها أمام الجمهور بالمجان.. الخياة التجارية تعاني من حالة قريبة من الشلل.. موظفو السلطة وحدهم يملكون دخلا منتظما يستطيعون تنظيم حياتهم به، لكن غالبية القادرين على العمل عاطلون؛ فمن أين لي أن ألبي احتياجات أسرتي في رمضان؟ قال مواطن من جيش البطالة العريض في رفح..
لم يتمكن سمير، من مخيم يبنا في رفح من شراء مستلزمات رمضان.. هل أنت عاطل عن العمل أيضا؟ كلا، أنا تاجر، لكن كساد السوق يمنعي من الوفاء بمتطلبات العائلة اللازمة لشهر رمضان، قال.
وأضاف: يعود كساد السوق إلى الحصار والعدوان المستمر الذي يستهدف رفح. إغلاق المعابر بين رفح وبقية قطاع غزة من جهة والأراضي المصرية من جهة أخرى يجعل نقل المواد التجارية عملية شاقة وبسبب زيادة تكلفة النقل وما يترتب على ذلك من زيادة التكلفة والسعر تصبح التجارة غير ذات جدوى.
قوات الاحتلال هدمت مخازن المواد الغذائية خلال هجومها الأخير على رفح، قال تاجر جملة: لقد هدمت قوات الاحتلال أكبر مخازني في بلوك (l) الذي كنت أخزن فيه مواد تموينية كنت قد أعددتها لشهر رمضان، خسائري تزيد عن 100ألف دولار، وما تبقى من سلع كنت أحتفظ بها في مخازن أفلتت من همجية قوات الاحتلال لا تحظى بإقبال الزبائن كما كان الحال في أعوام سابقة؛ رمضان هذا العام سيمر قاسيا؛ قال التاجر الفلسطيني.
ومحمود يعيل أسرة من 11 فردا. هدمت قوات الاحتلال بيته الكائن في حي السلام برفح هدما كاملا. يعيش في خيمة يتشاجر فيها ضجيج أطفال حرمهم الاحتلال من بيت نشأوا فيه وحرمهم من بهجة رمضان.. الشتاء قادم، وفي رفح الواقعة على حدود صحراء سيناء من جهة وصحراء النقب من جهة أخرى، يكون البرد عدوا.. اهتمام محمود ينصب على توفير مأوى صالح يقي من وحشية الطقس القادم. الاستعداد لرمضان وتوفير الاحتياجات اللازمة له مسالة خارج اهتمامات مواطني رفح.
كان وضعه الاقتصادي قبل هدم بيته يسمح له بتوفير احتياجات أسرته. عليه الآن أن يخصم قدرا كبيرا من دخله المتواضع ليسدد أجرة بيت ينوي الانتقال إليه.
عائلة العبسي المكونة من ست أشقاء وأبنائهم الأربعين تتذكر بحسرة أيام رمضان في الأعوام السابقة. الاحتلال هدم بيوتهم التي كانوا قد قضوا فيها اشهر رمضان مختلفة عن رمضان العام الحالي. قال نافذ العبسي: كنا نعيش أجواء رمضان الدينية ومعانيها ونتسامر في الليل ولكننا اليوم في الخيام نشعر وكأن رمضان لم يأت.نؤدي الشعائر الدينية فقط، ولكن الفرحة لا تدخل قلوب أطفالنا.
عزام  يواصل العيش في بيته الذي هدم الاحتلال بعض أجزائه. يجب إصلاح ما تهدم من البيت قبل مجيء البرد، يقول: هذه ألويوية مقدمة على شراء احتياجات أسرته اللازمة لرمضان.
وقال: لن أشعر ببهجة رمضان حتى ولو وفرت ما تعودنا على توفيره في الأعوام السابقة؛ لماذا؟ جيراني فقدوا أحد أبنائهم في الهجوم الأخير على رفح، قال عزام.
وفي بيته يأوي عائلتين من أقاربه الذين هدمت قوات الاحتلال بيتيهما بالكامل: الضيافة لها كلفتها أيضا، ولن أتخلى عن مساعدة أهلي قال عزام.
محافظ رفح ناشد المجتمع الدولي أن يسارع لتقديم العون لمنكوبي محافظته وأشاد الأغا بالتضامن الشعبي مع منكوبي رفح وقال إن إدارة المحافظة تحاول توفير قطعة ارض لكل متضرر من العدوان الإسرائيلي
ووصف ظروف مواطني رفح بأنها قاسية جدا وأعلن أن المحافظة تسعى لتوفير مواد تموينية لتوزيعها على المنكوبين لتخفف عنهم بعض أعباء الحياة.
وحول استعدادات المحافظة لشهر رمضان، أشار إلى أن المواطنين يمرون
وقال إن مدينة رفح شهدت اسوأ كارثة منذ العام 1967 بسبب الدمار والتخريب الذي أحدثته الدبابات والصواريخ الاسرائيلية. ووصف ما جري في حملة "الحل الجذري" التي نفذتها قوات الاحتلال مؤخرا في رفح بأنها حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني لحثه علي الاستسلام.
وقال إن قوات الاحتلال دمرت اكثر من 220 منزلا وقتلت وجرحت العشرات وهجرت اكثر من 1600 طفل وامرأة وشاب وعجوز إلى العراء، ودمرت كافة مرافق الخدمات من مياه وكهرباء وصرف صحي لتضييق الخناق علي شعبنا الصامد. وأضاف: هؤلاء المشردون بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة من كافة الدول الشقيقة والصديقة ومنظمات الإغاثة الدولية والإسلامية لأن فصل الشتاء بات علي الابواب. وناشد الجميع التدخل لوقف العدوان الذي لازال مستمرا علي المدينة المنكوبة حتي الان وقال ان الدبابات الاسرائيلية لا تزال تطوق أحياء عديدة من مخيم رفح الغربي والشمالي وتنوي مواصلة عمليات القتل والتدمير والتخريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المنتخب الإنكليزي يعود من بعيد ويتأهل لربع نهائي مسابقة أمم


.. أسير محرر يتفاجأ باستشهاد 24 فردا من أسرته في غزة بعد خروجه




.. نتنياهو في مواجهة الجميع.. تحركات للمعارضة الإسرائيلية تهدف


.. أقصى اليمين في فرنسا يتصدر الجولة الأولى للانتخابات التشريعي




.. الغزواني يتصدر انتخابات موريتانيا