الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نذهب لمؤتمر الخريف أو لا نذهب ؟!

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2007 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


وردتني بالأمس بعض الرسائل التي تستنكر موقفي بضرورة حل السلطة الفلسطينية وربما تغيير الاستراتيجية السياسية برمتها والانتقال إلى المطالبة السلمية بعودة حكومة عموم فلسطين فنحيا نحن والإسرائيليين في دولة واحدة. هذا الموقف هو موقفي الشخصي والذي لن تغيره هذه المقالة، لكن أحد القراء الأعزاء وضعني في خانة صعبة، فهو يطلب مني تحديد الموقف من مؤتمر الخريف، هل نذهب، أو لا نذهب ؟
فكرت من جديد في الموضوع، والواقع أنني أكثر ميلاً إلى الذهاب بدلاً من الطريق الموصدة التي وصلنا إليها، فالعالم لم يعد يحتمل شيء اسمه الاحتلال أو الاستيطان، وأمريكا لديها عدد من الدوافع الداخلية والخارجية لأخذ المؤتمر على محمل الجد، ودول الاتحاد الأوروبي أرسلت رسالة شديدة اللهجة إلى إسرائيل في السياق نفسه، فلماذا نرفض مقترح تقسيم فلسطين من جديد ؟ يمكن فقط للمقتنعين بقصة فلسطين من البحر إلى النهر وحدهم أن يرفضوا الذهاب إلى مؤتمر أمريكا، أما المقتنعين بضرورة إيجاد حل سلمي لصالح التعايش فهم يفكرون في الأمر بصورة أكثر إيجابية.
عام 1947 رفض العرب قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وفق القرار 181، بل وقام العرب في حينها بمقاطعة جلسات الأمم المتحدة ذات الصلة ببحث التقسيم لينفرد المندوب الإسرائيلي وحده بإلقاء قصائد الهولوكوست ويستدر عطف العالم حول حق اليهود في دولة خاصة بهم، وبدلاً من قراءة الظروف والمستجدات وتداعيات الحرب العالمية الثانية، قمنا برفض التقسيم جملة وتفصيلاً، ثم أعلنا الحرب على الكيان العبري الناشيء فما كان من اليهود إلا وأن قاموا بالمذابح وقاموا بتهجير 531 بلدة وقرية ومدينة. من السهل اتخاذ القرار بالحرب، ولكن من الصعب أن تضمن نتائجها !!
اليوم ما وسيلتنا لاسترداد الحقوق ؟ الحرب مثلاً ؟ لا أعتقد عاقلاً يفكر بطريقة الحرب لأن ميزان القوى منكسر لصالح إسرائيل بصورة فظيعة، والحقيقة أن التحدي الفلسطيني ليس في مواجهة إسرائيل عسكرياً فهذا ما لا طاقة لنا به، بل يكمن التحدي في قدرتنا على بناء الدولة ومؤسساتها تبعاً للكفاءة والقدرة على الريادة بعيداً عن الفساد، والحقيقة أن فصائل المعارضة ( حماس في المقدمة ) ترفض الدولة إن جاءت بقيادة فتح !
استناداً إلى تجربة أوسلو، واتجهتنا كشعب، مشكلتان على الصعيد القومي، الأداء الفتحاوي السيء لبناء المؤسسات بصورة فئوية خالية من الكفاءة، ثم المعارضة الأصولية ( حماس والجهاد ) وطريقة رفض أوسلو عبر المفخخات داخل إسرائيل !! كلاهما كارثة أدت إلى بعثرة الجهود والتضحيات ودماء الشهداء، فلا مؤسسات ديمقراطية تؤسس للدولة المدنية، ولا نحن حافظنا على اقتصادنا التابع لإسرائيل فتم تحطيم الطبقة العاملة ( حوالي 60% من الشعب ) واضطرت إسرائيل لبناء الجدار لحماية نفسها من العمليات التي تستهدف المدنيين.
المطلوب الآن عقليات جديدة، تقبل بتقسيم فلسطين أو تطالب به أمام مؤتمر تحضره الدول العظمى، والمطلوب أيضاً التوحد الفلسطيني خلف الرئيس عباس لأنه يناضل لأجل حقوق الشعب الفلسطيني بصورة جادة، والمطلوب أيضاً، في حال فشل المؤتمر، أن يخط الشعب الفلسطيني استراتيجية جديدة لأن جميع الاستراتيجيات القديمة تعفنت وأثبتت فشلها وأوصلت الشعب إلى منزلقات لا يحسده عليها أعداؤه قبل أصدقاؤه. لنذهب إلى المؤتمر موحدين نحو دولة في حدود 67 بما في ذلك القدس الشرقية ثم التأسيس لمفاوضات الحل النهائي بما في ذلك مستوطنات الضفة واللاجئين والحدود والمياه. لا يمكن تحقيق كل ذلك ولا شيء على الإطلاق بمجرد عدم الذهاب، مثلما لم نحقق شيئاً بعد 60 عاماً من قرار التقسيم الذي رفضناه.
ثمة مقالة قديمة لعزمي بشارة، أثرت في الرأي العام المعارض، حتى أنني أقرأ أجزاء منها منسوخة حرفياً، مثل أن أمريكا وإسرائيل تريدان من المؤتمر مجرد علاقات عامة لجر العرب نحو التطبيع، وأن أمريكا اخترعت المؤتمر مثل أكسسوار لتجميل أهدافها وأهداف إسرائيل، وأن البديل هو عدم الذهاب وعدم التوقيع، وكأن عدم الذهاب سيفتح المعابر وأن عدم التوقيع سيدفع إسرائيل للانسحاب تحت وطأة مدفعيتنا الثقيلة (؟)، أو أن عدم الذهاب والتوقيع سيدفع إسرائيل إلى مناقشة ملف اللاجئين، أو مناقشة حصتنا من المياه بعدالة. كلا، عدم الذهاب يعني تفاقم كل شيء في غير صالح الشعب الفلسطيني، ولكي نذهب يجب على حماس وفتح أن تقومان برأب الصدع الحاصل بعد سيطرة حماس على غزة وذلك بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه بأقصى سرعة ممكنة، بل يجب إرجاع التفويض الكامل للرئيس عباس وطاقم المفاوضات طالما أن أي اتفاق سيوقع سينشر بالتفصيل على الشعب الفلسطيني كي يتوجه إلى صناديق الاستفتاء للمصادقة عليه، بعكس ما حدث أيام كارثة أوسلو. نريد نزاهة وشفافية ومصداقية مع الشعب، لأن ما يبنى على الكذب و" العونطة " واللفلفة سرعان ما ينكشف وينهار. الوحدة الوطنية ليست قصائد تغنى، وليست رصاصاً يبعثر في الهواء مثلما حدث بعد توقيع اتفاق مكة، الوحدة الوطنية معان حقيقية تجسدها الأمم عند المفترقات الصعبة والحادة والخطيرة. لنذهب إلى المؤتمر موحدين، وهناك لنطرح مطالبنا العادلة، هناك أمام العالم، لا ينبغي تفويت هذه الفرصة الثمينة، أما إذا فشل المؤتمر فإن خياراتنا بأيدينا، ولكل حادث حديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة المصرية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية | #عاجل


.. إسرائيل تعرض خطة لإدارة قطاع غزة بالتعاون مع عشائرَ محلية |




.. أصوات ديمقراطية تطالب الرئيس بايدن بالانسحاب من السباق الانت


.. انتهاء مهلة تسجيل أسماء المرشحين للجولة الثانية من الانتخابا




.. إيلي كوهين: الوقت قد حان لتدفيع لبنان الثمن كي تتمكن إسرائيل