الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مع بداية جولة رايس: حقيقة المواقف من -المؤتمر الدولي- المرتقب!
احمد سعد
2007 / 10 / 17مواضيع وابحاث سياسية
بدأت وزيرة الخارجية الامريكية، كوندوليزا رايس، جولتها الجديدة في اطار مكوك الجولات، متنقلة بين القدس ورام الله، ومصر ولندن، تحضيرا للقاء الذي دعا اليه الرئيس الامريكي، جورج دبليو بوش، في شهر تشرين الثاني القادم، والذي يطلق عليه جزافا اسم "المؤتمر الدولي" للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين!!
يدور نقاش جدّي بين الفلسطينيين على الساحة الفلسطينية في المناطق المحتلة وخارجها، وبين اوساط عربية شعبية ودولية حول الموقف من المؤتمر الامريكي، هل من مصلحة الفلسطينيين حضوره ام مقاطعته؟ هل سيدفع هذا المؤتمر عملية التسوية السياسية باتجاه الحل الدائم للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني – العربي ام انه لن يكون اكثر من منبر للعلاقات العامة تستفيد منه ادارة بوش للتخفيف من ورطتها وازمتها في العراق المحتل، كما يستفيد منه المحتل الاسرائيلي لكسب مزيد من الوقت في اطار تنفيذ مشروعه الاستراتيجي لمنع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة!!
لست حياديا في تحديد الموقف من هذه القضية، ولا اقف في مدرج المتفرجين او على رصيف مجرى الاحداث من هذه القضية التي تتعلق بمصير شعبي الذي يعاني من مآسي النكبات والاحتلال الهمجي وجروحه تنزف دما. ولهذا، ففي سياق هذه المعالجة سأطرح بشكل موضوعي الموقفين، الرافض والداعي للمشاركة في مؤتمر بوش، الذي ستترأسه كوندوليزا رايس، واعبر عن حقيقة موقفي ومدلوله السياسي.
* الموقف الرفضي: يتبنّى هذا الموقف بالاساس على الساحة الفلسطينية كل من حركتي "حماس" والجهاد الاسلامي وبعض قوى الرفض العربية. فهذه القوى تطرح موقفها الرفضي ولكنها لا تطرح البديل، لا تطرح برنامجا متكاملا لتخليص الشعب الفلسطيني من براثن ذئاب المحتلين واسيادهم الامريكان وانجاز الحق الوطني الفلسطيني المشروع بالتحرر والدولة والقدس والعودة. وتستند هذه القوى برفضها للمشاركة في المؤتمر على ما يلي:
* اولا: ان الشعب العربي الفلسطيني في المناطق المحتلة وخارجها غير موحّد الصفوف في الموقف من المؤتمر، فهنالك تناقض في الموقف بين الرئاسة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس التي تسيطر على الضفة الغربية وبين الحكومة المقالة برئاسة حماس واسماعيل هنية التي قامت بانقلاب عسكري على الشرعية الفلسطينية وتمترست في السلبطة بقوة الفدعرة البلطجية العربيدة على قطاع غزة. فغياب الوحدة الوطنية الفلسطينية بسبب الخنجر السام الذي غرزته حركة حماس في قلب وظهر القضية الوطنية يضعف الموقف الفلسطيني في المؤتمر كما يضعف التأييد التضامني العالمي للحق الوطني الفلسطيني المشروع. ويضيف الرفضيون المزاودون وطنيا، ان من يشارك في المؤتمر لا يمثل كل الفلسطينيين!!
* ثانيا: ان المحتل الاسرائيلي يذهب الى مؤتمر بوش وهو متمسك بلاءاته الرفضية التي تنتقص من ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية. وقد ثبت ذلك من خلال الجولات الست لمحادثات الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت، فرئيس حكومة الاحتلال رفض ان يتمخّض عن المؤتمر المرتقب موقف واضح حول المبادئ الاساسية للحل الدائم الذي يشمل الموقف من الثوابت الاساسية للحقوق الوطنية الفلسطينية وهي الحدود (العودة الى حدود الرابع من حزيران السبعة والستين) والقدس واللاجئين واقتلاع المستوطنين، والمياه والامن، وتحديد جدول زمني لغروب ليل الاحتلال. ولم تكتف حكومة الاحتلال الاسرائيلي برفض أي التزام بتجسيد ثوابت الحقوق الوطنية وبزوال الاحتلال الاستيطاني للمناطق المحتلة والتمترس بموقف لا يتعدى ان يخرج عن المؤتمر بيان مشترك "حول النوايا" التي لا تصرف في أي بنك، بل اضافة الى ذلك واصل المحتل الاسرائيلي اعماله الاجرامية الاستفزازية بتوسيع رقعة الاستيطان والتهويد في منطقة القدس ومواصلة بناء جدار الضم والفصل العنصري ومواصلة فرض حصار التجويع على قطاع غزة والقتل والملاحقات والاعتقالات بحق الفلسطينيين.
فإذا كان هذا هو موقف الطرف الآخر، الاسرائيلي، فأي فائدة سيجنيها الطرف الفلسطيني من المشاركة في المؤتمر؟ يقول الرفضيون!
* ثالثا: ان المضيف الامريكي، الداعي لعقد المؤتمر في "بيته" لا يخفي موقفه المنحاز الى جانب المحتل الاسرائيلي في الموقف الذي ينتقص من ثوابت الحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية. وفي تصريحها عندما وصلت الى المنطقة امس الاول الاحد، قطعت وزيرة الخارجية الامريكية الشك باليقين بتأكيدها ألا "يتوقع الفلسطينيون" أي اختراق في المؤتمر الدولي! وان عملية الاستيطان الجديدة في القدس الشرقية المحتلة تنزع ثقة الفلسطينيين حول موقف اسرائيل من قيام دولتين متجاورتين"!! فالمدلول السياسي لهذا التصريح ان ادارة بوش لن تمارس أي ضغط على حكومة الاحتلال الاسرائيلي فيما يتعلق بموقفها المتنكر للثوابت الفلسطينية. كما ان رايس في جولتها الحالية، كما في الجولات السابقة، وفي لقاءاتها المتكررة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم تتطرق لا من قريب ولا من بعيد الى رسالة الضمانات التي قدمها بوش الى شارون اثناء زيارة الاخير لواشنطن في العشرين من ايلول الفين واربعة والتي تتضمن تأييد ادارته لضم كتل الاستيطان لاسرائيل والموافقة على التنكر الاسرائيلي لحق العودة للاجئين الفلسطينيين وبقاء القدس موحدة تحت السيادة الاسرائيلية، ورسالة ضمانات بوش لشارون لا تتناقض من حيث مدلولها السياسي مع "رؤيا بوش" حول قيام الدولتين، لان الحملة الاستيطانية الاخيرة في القدس تعني عمليا ربط القدس بمستوطنة معاليه ادوميم والذي يعني ايضا فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية نهائيا، فصل شمال الضفة عن جنوبها، تواصل اقليمي بين القدس ودولة الاستيطان مع اسرائيل مقابل دولة كنتونات فلسطينية تتواصل عبر دهاليز مواصلات و"تحتضن" بين ظهرانيها "حية رقطاء" هي دولة الاستيطان. فاذا كان هذا هو الموقف الامريكي المعادي للحقوق الوطنية الفلسطينية فاي مردود خير سيجنيه الفلسطينيون من المشاركة في المؤتمر الدولي المرتقب؟!
* رابعا: لقد تحمّست ادارة بوش بدعوة الانظمة العربية التي تضعها واشنطن في خانة "الانظمة المعتدلة" التي تقيم معها علاقات حميمة سياسية واقتصادية واستراتيجية وتعلف بعضها بفتات مائدة المساعدات الخارجية، دعوة كل من السعودية ومصر والاردن وقطر والمغرب. ويتسلح وفد العرب هذا الى المؤتمر المرتقب "بالمبادرة السعودية العربية" للتسوية والتي اقرتها القمة العربية في مؤتمرها سنة الفين واربعة في بيروت. التمسك بالمبادرة موقف حسن، ولكن في حالة فشل هذا المؤتمر، كما هو متوقع، فهل ستتخذ هذه الانظمة اية اجراءات ضد اسرائيل وامريكا، وهل تفكر اصلا بأية مواجهة معهما. ما يحزّ في النفس ويثير الغضب العادل ان في ايدي العرب اكثر من سلاح لو استغل كما يجب في الدفاع عن القضايا العربية، عن القضية الفلسطينية والعراقية والسورية واللبنانية وغيرها لحقق مكاسب كثيرة وللجم العدوان الاجرامي الامبريالي الامريكي – الاسرائيلي ضد مصالح شعوب المنطقة، بأيدي العرب سلاح النفط، فمنطقة الخليج العربي – الفارسي تختزن اراضي بلدانها اكثر من خمسة وستين في المئة من احتياطي النفط المكتشف في العالم. كما ان دول الخليج العربية اصبحت من مصدري الرأسمال الى الخارج وتبلغ حصتها 15% من مجمل الرأسمال العالمي المصدر الى الخارج. ولكن في ظل التدجين الامريكي لهذه الانظمة فان هذه الاسلحة تستغل لمزيد من اضطهاد شعوب هذه البلدان العربية.
* الموقف المؤيد للمشاركة: تؤيد الدعوة للمشاركة في المؤتمر الذي دعا اليه بوش السلطة الشرعية الفلسطينية بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكذلك قوى عربية وعالمية كثيرة من انصار التسوية السلمية العادلة للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني – العربي. فالسلطة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس تدرك اكثر من غيرها انه لا يمكن "قطف الدبس من قفا النمس" الاسرائيلي – الامريكي، تدرك حقيقة الموقف الرفضي الاسرائيلي والموقف الامريكي المنحاز الى جانبه وهي لا تعلق آمالا "بزرع البحر مقاثي"، بان يتمخض عن المؤتمر الدولي الحل الجذري للمأساة الفلسطينية ولنكبته واحتلال اراضيه. وينطلق هذا التيار من موقف يستند الى حقيقتين، الحقيقة الاولى، ان الشعب الفلسطيني يواجه الوحش الاسرائيلي – الامريكي وظهره الى الحائط في غياب عمق استراتيجي دولي وعربي جدي يسند ظهره به في معركته التحررية، لا يوجد اليوم اتحاد سوفييتي ومنظومة اشتراكية وعلى ارانب الانظمة العربية المدجنة في الوكر الامريكي لا يمكن الاعتماد، ولهذا فانه في مثل هذه الظروف على القيادة الفلسطينية الشرعية اللجوء الى المناورة بحكمة لحماية الحقوق الوطنية الفلسطينية. والحقيقة الثانية، ان القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس تدرك جيدا ان الرأي العام العالمي في مختلف مناطق عالمنا، في آسيا واوروبا وامريكا اللاتينية وغيرها مهيأ لدعم الحق الفلسطيني وللتسوية السياسية للقضية الفلسطينية، وانه بدون حل عادل لهذه القضية لن يكون أي سلام او امن او استقرار في الشرق الاوسط. ولهذا فالمراهنة الفلسطينية في المؤتمر المرتقب ليست على الموقف الاسرائيلي او الامريكي بل على الرأي العام العالمي لكسب مزيد من التضامن والتأييد للحق الفلسطيني المشروع، ومزيد من العزلة الدولية للمحتل الاسرائيلي وسنده الامريكي. وبصراحة فان احدا لا يعلم ماذا سيحدث اذا ما فشل المؤتمر، كما هو متوقع، هل ستنفجر الانتفاضة الثالثة ام ماذا؟
وما نود قوله لجميع المزاودين وطنيا ان المحك لتقييم مصداقية او عدم مصداقية المشاركة في المؤتمر الدولي هو طابع الموقف الفلسطيني من ثوابت حقوقه الوطنية، ونحن على ثقة بان الرئيس محمود عباس والوفد الذي سيشاركه بحضور المؤتمر لن يفرطوا بأية ثابتة من ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف – فالسيادة الفلسطينية على جميع المناطق الفلسطينية المحتلة منذ السبعة والستين والقدس الشرقية عاصمة الدولة العتيدة وحق العودة للاجئين حسب قرار الشرعية الدولية 194 ليست ابدا سلعا للمساومة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من
.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال
.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار
.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل
.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز