الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدورالمطلوب من الحكومة العراقية لتحسين المستوى المعيشي للموظف

علي جاسم

2007 / 10 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عندما تكون لدى الدولة العراقية النوايا الصادقة لبناء جهاز ادراي نزيه ورصين قادر على النهوض بواقع عمل المؤسسة الحكومية بشكل يجعلها قادرة على تحقيق تطلعاتها في انشاء الدولة العصرية الحديثة ينبغي عليها ان تضع نصبها عينها جملة من القضايا التي تشكل محور اساسي في بناء اي مفصل من مفاصل الدولة وركن مهم من اركانها المتعددة.
واول تلك القضايا هي استقطاب العناصر الجيدة والنزيهة وجعلها تتبوء المناصب الادارية العليا والتي تتيح لها مسؤولية الاشراف على عمل المؤسسة الحكومية ومن ثم تشكل هيئة للمتابعة والمراقبة تشبه مكاتب المفتش العام الموجود في الوزارت العراقية تتولى مسؤولية مراقبة العمليات المشبوهة ومتابعة الموظفيين المفسدين في المؤسسة ،وليس بالضرورة ان يكون اعضائها ومنتسبيها من الوزارة او المؤسسة بعينها وان يكون عملها بشكل سري واستخباراتي بمعنى ان يعمل أعضاء المراقبةوالمتابعة بشكل مخابراتي يعتمد على جمع المعلومات والتدقيق في اية معلومة ومتابعة مصدر هذه المعلومة،لان الفساد الاداري الذي ينخر كل مفاصل الدولة العراقية الجديدة يشكل تهديد وخطر على الامن القومي والمصلحة العليا للبلاد ولايقل خطورة عن الارهاب بل ان الاثنان وجهان لعملة واحدة .
وهذا الحقيقة تتطلب وجود جهد وتنسيق مشترك بين وزارة الامن الوطني وجهاز المخابرات العراقية من جهة وبين هيئة النزاهة من جهة اخرى فالمخابرات مسؤولة عن حماية الامن القومي من خلال حماية الامن الداخلي من خلال جمع المعلومات الدقيقة ومتابعة المفسدين ومن ثم تقديم تلك المعلومة والوثائق الى هيئة النزاهة والتي تقوم بدورها بتقديم المسؤوليين عن الفساد الاداري الى الجهات القضائية مع مراعاة السرية المطلقة في العمل فضلاً عن اختيار اناس ذو اختصاص معروفين بنزاهتهم وكفائتهم وحرصهم الوطني وغير مرتبطيين بالاحزاب والحركات السياسية حرصاً على عدم تسرب المعلومة خارج دائرة الجهة المسؤولة عن جمع المعلومات.
ثمة مسالة اخرى ينبغي اتباعها عند معالجة الوضع الاداري في المؤسسة الحكومية تتعلق بضرورة اعادة هيكلة وزارات ودوائر الدولة على اساس اعتماد التحصيل العلمي والخبرة الميدانية والنزاهة معيار في اختيار الموظفيين في الوزارت ،بمعنى ان تكون الدرجة العلمية للموظف وتحصيله الدراسي المعيار الرئيسي لتعينهِ في الموقع الذي يتناسب مع امكاناته وقدراته العلمية والميدانية وليس على اساس الانتماء الطائفي والعرقي والحزبي ...وهذا ماحصل في المؤسسة الحكومية بعد سقوط النظام السابق والذي شهد تبوء الكثير من الاشخاص للمناصب الاداري المهمة في الدولة بالرغم من عدم امتلاكهم اية مؤهلات تمكنهم من تولي اي منصب اداري بل اصبحت الطائفية والمحسوبية والحزبية المنطلق المعتمد في التعيين في الدوائر الحكومية .
لذلك اصبحت هيكلة المؤسسة الحكومية ضرورة لامناص منها من اجل محاربة الفساد الاداري المتفشي ومن اجل المضي في اصلاح النظام المؤسساتي في الدولة العراقية.
ان المقصود من الهيكلة هنا ليس اقصاء الموظفيين من وظائفهم انما نعني اعطاء كل ذي حق حقه اي وضع الشخص المناسب في المكان المناسب بغض النظرعن انتمائه الطائفي والعرقي ،اضافة الى عامل اخريلعب دورمهم في ترشيق المؤسسة الحكومية وترتيب اوراقها من جديد ويكمن في حماية الموظف من العناصر المفسدة من خلال حمايته من اية ضغوطات قد تؤثر عليه وتجذبه نحو الفساد والرشوة ،فأغلب عمليات الفساد الاداري التي حصلت بعد سقوط صدام نفذت بالاكراه والتهديد وهناك الاف الشواهد والادلة التي تثبت هذه الحقيقة وتأتي في مقدمتها سيطرة العصابات والمافيات الحزبية والطائفية على عددٍ كبير من وزارات الدولة وهذه العصابات تمارس التهديد من اجل اجبار الموظف الى الانسياق وراء مطالبهم ولو اجرينا احصاء بسيط للمركبات الحكومية التي سرقت من دوائر الدولة لوجدنا ان معظم تلك السرقات تمت بالتنسيق والتخطيط المسبق مع سوائق تلك المركبات .
لذلك عندما يشعر الموظف بوجود سلطة القانون ويلتمس هيمنة المؤسسة الامنية الحكومية في الشارع يستطيع ان يتصدى لاية عملية ابتزاز اوتهديد وسيلجأ الى الاجهزة الحكومية لكشف العناصر المفسدة التي تهدده وتستفزه.
أذن تحدتنا عن عدد من القضايا الاساسية التي تسهم في بناء اجهزة حكومية نزيهة ومخلصة لكن تبقى هناك قضية مركزية ينبغي وضعها ضمن دائرة التحليل والمناقشة والتي من شأنها ان تقضي على الفساد الاداري بنسبة كبيرة داخل المؤسسة الحكومية وهي قضية سلم الرواتب الوظيفي والذي يحتوي على العديد من المؤشرات السلبية والثغرات والتي تأتي في مقدمتها التفاوت الكبير بين مرتبات الموظفيين في المناصب الادارية العليا والتي تبلغ بالملايين وبين الموظفيين العاديين الذين لاتتعدى مرتباتهم "200"الف دينار شهرياً مع الملاحظة بان هناك بعض الموظفيين يتقاظون "75"الف دينار ويعملون في اماكن حساسة مثل حراسة المخازن وسواق المركبات الحكومية.
وهذا التفاوت في اجور الموظفيين يمثل نقطة البداية لوقوع الموظف في مطب الفساد والرشوة فلوجعلنا سلك التعليم أنموذجاً للاجور المتدنية للاحظنا بانه ومنذ زمن النظام السابق يعاني من قلة اجوره الشهرية والتي كانت لاتتعدى الثلاثة الف دينار شهرياً الان فقد اصبح المعلم يتقاضي مئتان الف دينار شهرياً ولو نظرنا لهذا المبلغ من دائرة اوسع واشمل لوجدنا انه لايتناسب مع المستجدات التي تحيط بالموظف فهناك اجور الكهرباء "المولد" عشرة الاف دينار للامبير الواحد اضافة الى اجور شراء المشتقات النفطية "اسطوانة الغاز 20الف دينار ولتر النفط الابيض 1000دينار ولتر البنزيين 500دينار"فضلاً عن ارتفاع اسعار المواد الغذائية والمنزلية الى جانب امور اخرى ،فكيف يستطيع المعلم او المدرس ان يسد كل تلك المتطلبات بهذه المرتبات المتواضعة ؟
وهذا الامر ينطبق على كافة موظفي الدولة فالجميع يعاني من هذه المعاناة التي تمهد لتفشي الفساد والرشوة خصوصاً وان الذهنية العراقية مازالت تعاني من غبن الدولة لحقوقها لذلك فان الحكومة العراقية مطالبة بأعادة النظر بسلم رواتب الموظفيين وعليها ان تضع نصب عينها المتطلبات التي لاحصر لها التي يحتاجها المواطن العراقي فأذا كانت الدولة عاجزة عن تأمين كل متطلبات الموظف من كهرباء ومشتقات نفطية ومواد غذائية وسكن مجاني فعليها ان تراعيه في المرتب حتى تقضي على كل مسوغات سرقة اموال الدولة وتقضي على الفساد الاداري وتقتلعه من جذوره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية