الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة الاقليات العرقية والدينية في منطقة الشرق الاوسط

حسقيل قوجمان

2007 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


وجه الي قارئ عزيز بعض الاسئلة عن القضية الكردية واتفقنا على عدم نشر الاجوبة باللغة العربية قبل نشرها باللغة الكردية في العراق. أجبته على سؤاله الاول واخبرني ان المقال نشر في جريدة كردية وعلى هذا الاساس ارسله الى النشر باللغة العربية متأخرا.
سؤالك الاول هو:
"لم يكن هناك موقف بناء وإيجابي من مسألة حقوق الاقليات العرقية و الدينية في منطقة الشرق الاوسط وكان هناك سعي دؤوب سيما بعد الحربين العالميتين لتذويب أو تمييع تلك الحقوق في بوتقة"الوطن الواحد" و"الشعب الواحد" و ماتتفرع منها من مسطلحات لا تصب في نهاية المطاف شيئا في جعبة تلك الاقليات، برأيكم لماذا هذا"الحذر"و"الحساسية المفرطة"من مشكلة الاقليات في المنطقة؟"
ان مشكلة الاقليات القومية والدينية والعرقية والاثنية ليست جديدة وليست محصورة في منطقة الشرق الاوسط. كانت مشكلة الاقليات على انواعها دائما سلاحا في ايدي السلطات الحاكمة تستخدمه كما تستخدم كافة انواع الاسلحة والوسائل من اجل المحافظة على نظامها وعلى استغلالها للطبقات الكادحة. فاذا استعرضنا تاريخ اوروبا الاقطاعية نجد الكثير من مظاهر هذه الاضطهادات العنصرية والدينية والعرقية. الحديث يطول اذا بدأنا في ايراد الامثلة على ذلك ولكن يكفي ذكر احداث معروفة قليلة للبرهان على ذلك مثل محاكم التفتيش ضد المسلمين واليهود في الاندلس والحروب الكاثوليكية ضد البروتستانت والهيكونوت والمجازر ضد اليهود في روسيا القيصرية وفي العراق المجازر ضد الاثوريين واليزيديين في الثلاثينات من القرن الماضي ثم الفرهود ضد اليهود في بغداد بعد سقوط حكومة رشيد عالي الكيلاني.
وقد اتخذت الراسمالية في استعمارها للشرق سياسة اضطهاد الاقليات كسياسة رسمية سميت سياسة فرق تسد استخدمتها بريطانيا على سبيل المثال في الهند باختلاق المجازر بين المسلمين والهنود. وحين تطورت الراسمالية الى مرحلتها الامبريالية طورت سياسة فرق تسد لكي تشمل العالم المستعمر كله. وكانت معاهدة سايكس بيكو نموذجا ساطعا على ذلك. فحين اقتسمت الدول الامبريالية منطقة الشرق الاوسط اي المستعمرات العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى كان من اهم وسائلها خلق الاقليات الدينية او العرقية او القومية في توزيعها للشرق الاوسط فيما بينها.
وكان نصيب الاكراد النصيب الاكبر في هذا المجال. فقضية الاكراد تختلف عن حالات الاقليات الاخرى الموجود بصورة طبيعية ضمن سكان منطقة معينة اذ ان الاكراد منتشرون في ارض واسعة متواصلة جغرافيا كان من الممكن جعلها دولة واحدة تضم جميع الاكراد بدون ان توزع اراضيهم على اربعة دول لكي يصبحوا اقلية في كل دولة من هذه الدول الاربع. ان تقسيم الارض الكردية الى اربعة اجزاء كان مقصودا من قبل الدول الامبريالية التي اقتسمت الشرق الاوسط فيما بينها بعد انهيار الدولة العثمانية. وقد جرى هذا التقسيم المصطنع لكي يحقق الاهداف الاستعمارية في خلق الصراع الكردي للاكراد في سبيل مكافحة التمييز الذي تمارسه عليهم جميع هذه الدول الاربع والنضال من اجل الحصول على بعض الحقوق من الدول الاربع التي قسموهم اليها. ان تاريخ نضال الاكراد في هذه الدول الاربع ومنها العراق من اجل الحصول على حقوق متساوية مع سائر السكان حافل بالاحداث الدامية والتضحيات الغالية. فقد اتخذت هذه النضالات اشكالا عديدة من مجازر وانتفاضات وحتى ثورات.
ولكن هذا التقسيم وخلق الاقليات لم يقتصر على الاكراد ولو ان قضية الاكراد هي الرئيسية. فعلى سبيل المثال ضموا الاهواز القسم العربي في جنوب ايران الى ايران ولم يضموه الى مكانه الطبيعي في البلد العربي المجاور فاصبح العرب اقلية في ايران تناضل هي الاخرى في سبيل الحصول على بعض الحقوق التي حرمتها منها الاغلبية السائدة والقابضة على السلطة في ايران بمختلف فئاتها الحاكمة المتعاقبة تاريخيا وهي في اشد مظاهرها اليوم.
كان من المحتم في حالة الاكراد في جميع هذه الدول الاربع ان تظهر اتجاهات متناقضة. فالاكراد في كل منطقة من مناطقهم الكردية كانوا وما زالوا يشعرون بحقهم مع كافة الاقسام الكردية الاخرى في تكوين دولة خاصة بهم شأنهم في ذلك شأن كل قومية بهذا الاتساع والتعدد والتواصل الجغرافي بين اراضيهم. وكان من المحتم ايضا ان تنشأ اتجاهات ناتجة عن الواقع السياسي القائم اي ان تشعر كل فئة من الفئات الكردية ان من حقها ان تتمتع في البلد الذي تعيش فيه بحقوق متساوية مع سائر القوميات وخصوصا مع الاغلبية القومية في البلد الذي تعيش فيه. فنشأ بالضرورة شعور بالوطن الواحد والشعب الواحد والحقوق الوطنية الواحدة. وتحتم وجود الصراع بين هذين الاتجاهين. وتاريخ القومية الكردية في كل اقسامها الاربعة تاريخ زاخر بالصراعات بين القومية الكردية والقوميات التي تشكل الاغلبية وصراع في الاتجاهين، الاتجاه الوطني الذي يناضل في سبيل الحصول على حقوق داخل القطر الذي يعيشون فيه والاتجاه القومي الذي يناضل في سبيل تحقيق الهدف القومي في تأسيس دولة الاكراد المستقلة المنفصلة عن جميع هذه البلدان. ان هذا الصراع المتنوع هو من خلق القوى الاستعمارية التي استولت على جميع بلدان الشرق الاوسط بدرجات متفاوتة حسب توازن القوى وهو مقصود لانه احدى اهم الوسائل في تحقيق السيطرة الامبريالية على هذه المنطقة. وكانت السلطات الموالية للاستعمار والخاضعة له تنفذ شاءت ام ابت سياسة المستعمرين بهذا الخصوص.
حتى بعد الحرب العالمية الثانية حين حصلت اغلب المستعمرات على استقلالها من الحكم الامبريالي المباشر جرى وضع الشروط التي تؤدي الى نضالات مستمرة بين اقليات واغلبيات مصطنعة في تلك البلاد. واكبر مثال على ذلك الهند. فمنذ حصول الهند على استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية قسمت الى هند وباكستان وجعلت السلطة على كشمير موزعة بين الهند وباكستان وها هي الحرب سجال بين الهند وباكستان منذ اكثر من ستين عاما والنضال المتواصل للكشميريين من اجل الحصول على استقلالهم ولم يجر حلها حتى يومنا هذا. ان سياسة فرق تسد تبقى قائمة ما دامت الحكومات الامبريالية متسلطة على العالم عسكريا وسياسيا واقتصاديا واعلاميا. وها نحن شواهد لما يجري اليوم في العراق نتيجة لسياسة فرق تسد التي تمارسها الولايات المتحدة بعد ان احتلت العراق.
ان مشكلة الاقليات ونضالاتها الدائمة للحصول على حقوق متساوية مع الاغلبية في كل بلد تبقى ما دامت الدول الامبريالية متسلطة على ذلك البلد. والحل الوحيد الممكن لمشكلة الاقليات هو تحرر البلد الذي تعيش فيه من السيطرة الامبريالية وتحقيق نظام سياسي مستقل للبلد وهذا ما يمكن ان يتحقق في الثورة ضد الاستعمار والطبقات الحاكمة الموالية للامبريالية في كل بلد. هذا ما حدث في الاتحاد السوفييتي في ثورة اكتوبر. فلم تبق في الاتحاد السوفييتي مشكلة اقليات لان كل اقلية قومية اخذت استقلالها الذاتي ونالت حقوقها المتساوية مع القوميات الكبرى في جميع المجالات. فلم تكن مشكلة مثلا بين القومية الروسية الكبرى في الاتحاد السوفييتي اثناء وجود النظام الاشتراكي الحقيقي وبين منطقة اذربايجان الكردية بل نالت اذربايجان استقلالا كاملا واحرزت جميع حقوقها القومية سياسيا وثقافيا واقتصاديا مثل سائر القوميات في الاتحاد السوفييتي ولم تنل القومية الروسية الكبرى من الحقوق ما لم تنله دولة اذربايجان ذات الاستقلال الذاتي.
ان مشكلة الاقليات مرتبطة بالمشكلة العامة للمجتمع ولا يمكن حلها الا بحل المشكلة العامة اي بالثورة على النظم الامبريالية والطبقات المحلية الموالية لها وتحقيق حكم الطبقة العاملة اي النظام الاشتراكي. وفي النظام الاشتراكي لا تبقى ثمة ضرورة للنضال من اجل الحقوق المتساوية في البلد الاشتراكي الواحد وحتى من اجل اعادة تكوين الدولة القومية لكافة الاكراد في ارضهم المشتركة الموزعة حاليا لان ذلك يجري بصورة طبيعية خالية من الصدامات بين قومية واخرى وبين منطقة واخرى.
حسقيل قوجمان







ـ شهدت و تشهد المنطقة حلولا جزئية لبعض من مشاکل الاقليات العرقية و الدينية کما کان الحال بالنسبة للکورد في العراق و مشکلة الجنوب السوداني، ومثلما هناك في الافق حالة من الانفتاح و السعي لمعالجة قضية الامازيغ و مشکلة الصحراء في المغرب، والامر الذي يجب ملاحظته هو أن هذه الحلول الجزئية قد رافقت تدخلا دوليا أو لنقل نظاما دوليا جديدا ولو لم يکن الامر کذلك لکانت الامور على نصابها القديم، ما رأيکم بصيغة تلك الحلول و هل هي عملية و ستساهم في غلق تلك الملفات أم إنها بداية للمزيد من تعقيدها؟
ـ المشکلة الکوردية واحدة من المشاکل المعقدة و المستعصية في المنطقة عانت و تعاني منها أربع دول رئيسية في المنطقة، ومع الاخذ بنظر الاعتبار إشکالية"الجغرافيا السياسية" و، مسائل أخرى عديدة متداخلة مع بعضها، فإنه لا يبدو أن هناك ثمة أمل يلوح في الافق لحل المشکلة حلا جذريا، کيف هي نظرتکم للقضية الکوردية في ضوء الوضع الحالي في المنطقة و تأثيرات السياسة الدولية فيها؟
ـ مع أن الکورد في العراق قد نالوا شيئا من الحقوق و متنفسا للتعبير عن أنفسهم في زمن الرئيس السابق صدام حسين، لکنهم وفي نفس الوقت عانوا الامرين من ذات النظام و لاقوا مالم يلاقوه في ظل أي نظام سابق، وبغض النظر عن القوى اليسارية العراقية و في طليعتها الحزب الشيوعي العراقي، لم تکن هناك من قوى سياسية عراقية تؤمن أساسا بحقوق هذا الشعب، في عراق اليوم، کيف ترون واقع حال القضية الکوردية وهل إنها تتمکن من إجتياز العقبات و الحواجز الاکثر من کثيرة في طريقها؟
ـ تجربة برلمان و حکومة إقليم کوردستان هي تجربة ناجحة بنظر الکثير من المراقبين و العديد من الاوساط السياسية و الاقتصادية النافذة في العالم بشهادة أنها تمکنت من تحقيق الامن و الاستقرار في الاقليم، کيف تقرؤون هذه التجربة و ماهي توقعاتکم بشأن مستقبلها؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نسبة مشاركة -قياسية- في الدورة الثانية من انتخابات فرنسا الت


.. لحظة اصطدام طائرة بالأرض أثناء هبوطها




.. حمدوك لسكاي نيوز عربية: لا وجود لحل عسكري للأزمة السودانية


.. قصف إسرائيلي عنيف جنوب لبنان.. وحزب الله يستهدف قاعدة بطبريا




.. حمدوك: تنسيقية تقدم السودانية ليست واجهة لقوات الدعم السريع