الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان رمضان السبب في ترهل مصراوية؟ أم أن السيناريو مترهل من الأساس؟

أمنية طلعت

2007 / 10 / 18
الادب والفن


ربما ما دفعني إلى اختيار مسلسل مصراوية فقط بين مسلسلات رمضان التي وصلت إلى المائة في جميع الفضائيات العربية، هو اجتماع كل من السيناريست الكبير أسامة أنور عكاشة والمخرج الكبير أيضا إسماعيل عبد الحافظ بعد أيقونتهما الخالدة "ليالي الحلمية"، فلقد كنت جد متشوقة لكي أتابع عملهما الدرامي الجديد الذي تم الترويج له على أساس اجتماع العملاقين مرة أخرى بعد وقت طويل جدا.
ثلاثون حلقة لثلاثين يوما رمضانيا، فهل كان هذا هو السبب في وقوع المسلسل في مشكلة المط والتطويل غير المبرر؟ حوارات عقيمة بلا هدف ولا تأثير في المسار الدرامي لقصة المسلسل، الذي تم تقديمه بأنه الجزء الأول من ملحمة تمتد إلى خمسة أجزاء. وهل لم يكن من الممكن أن يتم تقديم هذه الملحمة في جزء واحد يتم عرضه في ثلاثين حلقة؟ في الحقيقة أنا لا أعرف تفاصيل الأحداث التي سيتم طرحها في الأجزاء المقبلة التي من المفترض أن تستهلك من عمرنا خمسة أعوام..لكن بناء على ما تم عرضه وسرده في الجزء الأول الذي شاهدناه في رمضان الماضي أكاد أجزم بأنه كان من الممكن على الأقل دمج جزأين ونصف في جزء وتحويل الملحمة إلى جزأين على عامين فقط.
مرت أيام طويلة لم نكن نتابع شيئا جديدا أو أحداثا درامية قوية تجعلنا نبات الليل متشوقين لمشاهدة ما الذي سيحدث في الغد، إضافة إلى تغييب غير مبرر لشخصيات أعتقد تماما أنها محورية في أحداث الملحمة التليفزيونية الجديدة، فشخصية صابر الحسيني ابن العمدة الراحل الذي يعتقد بأن عبد الفتاح اغتصب حقه في العمودية، من المفترض أنها شخصية محورية في الأحداث حيث أنها العدو الحقيقي أو الشخص المناقض لشخصية عبد الفتاح – هذه الشخصية تم تغييبها عن أحداث المسلسل بحيث لا ندري التطورات أو التحديات التي تواجهها ومن ثم يتم فرضها مرة أخرى على الأحداث فتجعل المشاهد يلتفت مرة أخرى ناحيتها في محاولة لمعرفة ما الذي سيحدث بين عبدالفتاح وصابر حتى أن المشاهد كان دون متابعة الأحداث يدرك ببساطة أن عبدالفتاح سينتصر، رغم أن نصر عبدالفتاح كان بأتي على طبق من ذهب بدون تفصيل للصراع بينهما في المواجهة الدرامية المفترضة.... تقفز شخصية صابر من موقف لآخر بدون تفصيل أو مجرد إلقاء للضوء على ما تفعله كي تصل للقفزة الجديدة التي يتم عرضها، حتى أن المسلسل ينتهي و صابر مقيم في روض الفرج بالقاهرة وقد تحول إلى بك يرتدي البدلة الحديثة متخليا عن ملابسه التقليدية كابن عمدة قرية بشنين... لكن من الواجب هنا التأكيد على أن الممثل وائل نور قدم دور صابر بمهارة تفوق فيها على نفسه حيث خرج من نمطية الأداء الذي اشتهر بها مسبقا في أعماله التليفزيونية وأعطى للدور مذاقا مختلفا حتى أن المشاهد تعاطف معه رغم أنه من المفترض يقدم الجانب الشرير في الملحمة العكاشية.
أما شخصية عبدالفتاح الحسيني (هشام سليم) العمدة الجديد الذي تولى عمودية بشنين، القرية التي تم تقسيم مفردات الحكم فيها فيما بين عائلاتها على أساس العمودية لعائلة ومشيخة البلد لعائلة أخرى والزعامة الدينية لعائلة ثالثة، فإن شخصيته تأتي غير واضحة المعالم، فهو يبدو في الحلقة الأولى قبل توليه العمودية شخص مستكين ومسالم بينما الغلبة واليد العليا لأمه ( سميحة أيوب) فهي التي جمعت الموافقات له كي يكون عمدة وهي التي أسلمته سدة الحكم في البلدة، لكنه وفي لمح البصر وبدون أي مبررات يتحول لشخص فاعل قوي يعرف كيف يدير أمور الحكم وأموره هو شخصيا فيتخذ لنفسه زوجة من علية القوم أصحاب المال والأطيان في البلدة رغم أنه ملتزم بخطبته لإبنة خاله، وعندما ينزعج خاله من الأمر يسر له بأمر يهدئه، وفي لحظات نشاهد زفاف عبد الفتاح الثاني على ابنة خاله ونكتشف أن عاما قد مر ولم تستطع الجازية زوجته الأولى الإنجاب مما جعله يتحجج بالأمر فيعقد قرانه على الثانية، وكأنه كان متأكدا من عقمها فاتفق مع خاله على الانتظار لتنفيذ عهده بالزواج من ابنته!.
لا أستطيع أن أقول أن الأحداث تطورت فالأحداث تسير ببطء شديد ولا تخرج عن نطاق محاولات عبدالفتاح لمد أذرعه للهيمنة على بشنين فهو يسعى للأرض بينما يقابل حب عمره نوراي نصف التركية نصف المصرية، لنعيش معه تفاصيل قصة حبه لها التي لا تحتوي على كثير من الأحداث والإصرار العجيب لنوراي ابنة القصور (المصرواية) على الزواج من العمدة لمجرد الزواج من مصري مثل والدها الذي حرمت منه بفرمانات تركية، ومشاكله مع أخيه الذي يلعب دوره محمد عبدالحافظ ( لا نشاهد محمد كممثل إلا في مسلسلات والده إسماعيل عبدالحافظ مما يدعو للتساؤل؟ ) ثم أخيه الصغير الذي يلعب دور الراوية لمواقف درامية تخصه وحده فمعظم دوره قائم على تسجيل أو سرد أحداث أو تعبيره عن رأيه في أمر ما وفي أول حلقة ظهر بشكل الراوي هذ،ا حتى أنني اعتقدت أنه هو راوية المسلسل الذي يسرد لنا الأحداث بناء على وجهة نظره، لكنه لم يكن وأصبح راوية على نفسه بينما يغيب ويظهر في الحلقات بشكل لا تحتاجه الدراما فهو شخصية غير مؤثرة في الأحداث.
العمدة ( هشام سليم) يتحرك بعشوائية بين زوجاته وحبيبته وأوامره لشيخ الغفر وانغماسه في السياسة وعلاقته بابن خاله في القاهرة ثم أخته رضوانه العاشقة ..... شخصيات كثيرة متشعبة بلا عمق ولا تأثير حقيقي على مسار الأحداث فالعمدة وحدة هو الذي يتحرك أمام الشاشة وهو الذي يفعل ويتفاعل ويقول ويستمع وهو العادل وهو الظالم وهو الوطني وهو المتسلق وهو كل شئ، ولا أنكر أن هشام سليم أكسب شخصية العمدة مظهرا جديدا فقدمه في صيغة شيك هادئة تتناسب وشخص هشام سليم نفسه، لكنني لا أنكر أنني كنت أشعر بالملل من نبرة صوته الهادئة المتواترة بنظامية قاتلة في كثير من المواقف التي كانت تحتاج إلى انفعال ما يجب أن يظهر في الأداء الصوتي والحركي.

المضحك المبكي أيضا هو الظهور الملائكي غير الواقعي للشخصية المسيحية في المسلسل، فأحداث المسلسل لا تشير لأي مسيحي مصري، لكننا كما اعتدنا من عكاشة في جميع أعماله الدرامية، ينبت شخصية مسيحية من لا شئ وبدون سبب درامي حقيقي، ففجأة وبعد سقوط رضوانة أخت العمدة في حبال المرض النفسي نتيجة فقدها لحبيبها يأتي الطبيب (بقطر) وزوجته الطيبة الجميلة معه لعلاج الفتاة، ثم يدخل الأخ الأصغر للعمدة بمنولوج داخلي (عبيط) يقول أنه لأول مرة يشاهد مسيحي في مصر وأنهم فيما يبدو طيبي القلب.... ثم تختفي الشخصية مرة أخرى تماما عن أحداث المسلسل... ولا أدري لماذا لم ير سيادته مسيحيين في مصر من قبل؟ ألا يعيش فيها ( بسلامته؟)، ثم لماذا جاء الدكتور بقطر ولم يأت الدكتور حسنين مثلا طالما لا يوجد سبب درامي لأن يكون مسيحيا؟ والأهم لماذا دائما نلبس شخصية المسيحي شكلا باهتا لإنسان بلا موقف ولا وجود مؤثر وفاعل في الحياة؟ هل خاف عكاشة من أن تواجهه الكنيسة مثلما فعلت مع فيلم بحب السيما؟ وإذا كان خائفا من مثل تلك المواجهة فلماذا لم يبعد عن تلك المنطقة ويريح نفسه طالما أحداث المسلسل لن تضطرب إذا غاب الدكتور بقطر؟

أما بالنسبة للإخراج فلم يصدمني كثيرا، فاسماعيل عبدالحافظ لم يخرج عن أسلوبه المعتاد حيث اللعب بحركة الكاميرا في بانات لليسار واليمين بشكل سريع أو الكلوز السريع أيضا لتقديم مفاجأة ما على لسان الممثل أو الهبوط السريع بالكاميرا الكرين من أعلى للتركيز على صورة لحدث درامي يقع على الأرض... لم يكن هناك جديد لدى إسماعيل عبدالحافظ وشعرت وكأنني أشاهد مسلسلا ينتمي لحقبة الثمانينات وأوائل التسعينات، مما دفعني للتساؤل ألا يضطلع المخرجين الكبار على الأساليب الحديثة في الإخراج ليحاولوا أن يطوروا من أساليبهم؟
أما السيناريست الكبير الذي أعتبر نفسي واحدة من أشد المعجبين به وبأعماله فلا أدري لماذا خرج من تحت يديه المسلسل بهذا الشكل؟ هل اضطرته آليات رمضان للكتابة بهذا البطء لدرجة أن قماشة الأحداث اهترأت بين يديه؟ أم أنه لم يعد لديه أفكارا ولا حوارات جديدة ومتطورة تتناسب وعصرنا يمكنه أن يقدمها للمشاهد؟
لقد قرأت في أحد الصحف أن أسامة أنور عكاشة يبحث في الهوية المصرية من خلال مسلسله مصراوية، وتساءلت ألم يكن بحثه في الهوية المصرية أكثر قوة وعنفوانا وعظمة في أرابيسك؟ حتى زيزينيا التي انتقدها كثيرون كانت أكثر قوة من مصراوية.... ثم السؤال المحير الذي سألته لنفسي كثيرا .... لماذا أطلق على المسلسل اسم مصراوية؟ بينما مثلت نواراي الزوجة الثالثة للعمدة عبدالفتاح (غادة عادل) هذه المصراوية... ولم تكن الشخصية أكثر من مجرد زوجة ثالثة للعمدة تختلف فقط في لون عينيها الأخضر وشعرها الأصفر وارتدائها لملابس القصور والبشاوات، لكنها لم تكن شخصية مؤثرة في الأحداث ولم تعبر بحال من الأحوال عن سؤال الهوية المصرية سوى في أنها ابنة لخلطة تركية مصرية.
كنت أتمنى أن أشاهد عملا دراميا حقيقيا يعيد للشاشة المصرية قوة الدراما التي تزعمها أسامة أنور عكاشة والتي أتذكر تماما كيف كنا نبات الليل نفكر فيما سيحدث غدا ...لا يمكن أن تنمحي من ذاكرتي أعمال مثل الشهد والدموع ولا أبوالعلا البشري ولا أرابيسك وليالي الحلمية رغم أنها مثلت أعمالا شاهدتها في طفولتي وفترة مراهقتي... لكنها ثبتت في ذاكرتي ولا يمكن أن تمحى أبدا.
فأين مصراوية من ما سبق وذكرته من أعمال.... إنه صورة باهتة جدا لأعمال عكاشة العظيمة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في