الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برنامج الحد الادنى بين فتح وحماس

عماد صلاح الدين

2007 / 10 / 19
القضية الفلسطينية


برنامج الحد الأدنى بين فتح وحماس
أ.عماد صلاح الدين
باحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان
18- 10 - 2007
يقول كثير من قيادات وناطقي حركة فتح، أن حركة حماس لا تختلف في برنامجها السياسي المرحلي عن برنامج حركة فتح السياسي . وحجتهم في ذلك أن برنامج حماس في هذا السياق، كان قد صرح به سابقا الشيخ الشهيد احمد ياسين ،حين أعلن عن استعداد حركته لقبول الانسحاب من جميع الأراضي المحتلة عام 67 ، مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وممتلكاتهم التي هجروا منها عام ثمانية وأربعين . وبهذا يكون برنامج حماس هو نفس برنامج حركة فتح الذي يقولون انه ينادي بدولة مستقلة على كامل أراضي الرابع من حزيران 67 ، وبعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأرض والبيت هناك حيث كانوا يعيشون عبر القرون والعقود .

لكن ، هل بالفعل أن برنامج الحركتين بالاستناد إلى ما تقدم متطابقان أو ،على الأقل، قريبان من بعضهما البعض ؟

المراقب للمشهد السياسي الفلسطيني برمته ،وبالتحديد الدوائر الفاعلة فيه ؛ واقصد هنا حركتي حماس وفتح ، يجد أن حركة حماس في طرحها لرؤية الحل المرحلي ،استجابة لدواعي ومتطلبات الواقعية السياسية ،ثابتة على موقفها المتعلق ببرنامج الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية ؛ فهي تؤكد مرارا وتكرارا على قبول الدولة المستقلة الكاملة السيادة على جميع الأراضي المحتلة عام 67 ، وعلى ضرورة التمسك بحق العودة كما هو دون تحويل أو تحوير أو غيره ، وهي في طرحها هذا أوضحت أنها ليست على استعداد أن تقدم أية تنازلات أو اعتراف بإسرائيل مسبقا ،دون تحقيق وإنفاذ تلك الحقوق على ارض الواقع في سياق الحد الأدنى هذا. وهي تقول أن مسألة الاعتراف بإسرائيل يكون لها حديث آخر عندما تعلن إسرائيل عن التزامها بالاعتراف بهذه الحقوق، ومن ثم صيرورتها حقيقة وليس في إطار الوعود والتمنيات ، وهي تتمسك بهذا النهج بالاستناد أولا إلى طبيعة الكيان الصهيوني القائم على فكرة التوسع والأخذ دون إعطاء أي شيء ، ثم هي تستشهد بسابقة التعامل الإسرائيلي المخادع والمضلل في سياق عملية السلام منذ مدريد وحتى آخر جولة تفاوضية معه ؛ إذ اعترفت القيادة الفلسطينية بإسرائيل، وقدمت لها التنازلات في كل صعيد سياسيا وامنيا . لكن النتيجة، كانت كارثية بحق الشعب الفلسطيني ولا أدل على ذلك من حالة التهويد القائمة فعلا في أجزاء كبيرة من الضفة الغربية فضلا عن القدس التي أصبحت معزولة عن محيطها بسياج الاستيطان الإسرائيلي القاتل و الخانق.

حركة فتح ،وعبر قيادتها السياسية ومن يدورون في فلكها السياسي، خرجت شيئا فشيئا سلبيا عن إطار الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية المتعلقة بالدولة واللاجئين الفلسطينيين ؛من خلال دورة التنازلات المجانية غير المتوقفة ،فهي من قبولها بمرجعية مجلس الأمن الدولي المتمثلة بالقرارين 242 ،338 ، انتقلت إلى مرجعية مدريد ومن مدريد إلى أوسلو السيئ المعروف ثم إلى غيره من الاتفاقات المرحلية والتجزيئية ،وصولا إلى القبول بخارطة الطريق التي لا تنفك قيادة حركة فتح عن إعلان التمسك بها بطريقة أكثر تشددا من التمسك بالمبادرة العربية مثلا . وخارطة الطريق مع التحفظات الإسرائيلية عليها، ومع جملة تعهدات بوش لشارون عام 2004 ،بشأن التجمعات الاستيطانية الكبيرة في الضفة ،وضرورة بقائها، وكذلك بشأن القدس واللاجئين وضرورة عدم تقسيم الأولى و عدم عودة الأخيرين إلى ديارهم ، لا تبقي غير قليل ،لا يجدي ولا ينفع، من طموح وأمال الفلسطينيين بشأن إقامة الدولة وعودة اللاجئين، ويبدو اليوم أن القيادة في فتح انتقلت قليلا نحو منحدر التنازلات من خلال جعل مرجعية السلام متمثلة برؤية بوش وربما غدا تكون رؤية أولمرت وبيريس وحاييم رامون .

في خضم لقاءات الرئيس عباس ورئيس وزراء إسرائيل المتكررة والعديدة، في الأشهر الأخيرة من هذا العام تحضيرا للاجتماع الدولي ،الذي دعا إليه الرئيس بوش الابن في تموز المنصرم ، لا تنفك القيادة الفتحوية ،التي تقود جولات اللقاءات، عن طمأنة إسرائيل بأنها لا تطالب بحق عودة اللاجئين إلى أراضيهم وديارهم التي هجروا منها ،لدرجة أن أيهود أولمرت رئيس الحكومة الإسرائيلية تفاجأ واندهش كثيرا ،حين اعلمه أبو مازن بهذا ،بمعنى قوله : متى سمعتني أطالب بعودة اللاجئين إلى إسرائيل. أنا أطالب بعودة اللاجئين إلى الدولة الفلسطينية ، والدولة الفلسطينية مسألة نتفق عليها ، وأما بالنسبة للدولة المستقلة والقدس ، فان القيادة الفتحوية من أبو مازن إلى معظم أعضاء "الاوركسترا" في سلكه السياسي تبدي الاستعداد لفكرة ما تسمى بتبادل الأراضي مع إسرائيل، وهذا يعني احتفاظ إسرائيل بالكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة ومن بينها مستوطنة معاليه ادوميم التي تساوي مساحتها تقريبا مساحة "تل أبيب" إذ تقدر ب 48 ألف دونم مقابل 51 ألف دونم لتل أبيب. فما بالنا -أيضا- بمساحة المستوطنات الأخرى ؟؟ ،والمشكلة أن قيادة فتح تتحدث عن القيمة والنوعية في عملية التبادل هذه ،التي تشمل أجزاء كبيرة من الضفة والقدس ، مقابل ماذا ؟ ، كل ذلك مقابل الحصول على أراضي من صحراء النقب القاحلة ، أو تسهيل مهمة الفصل " الترانسفير " على إسرائيل بحق فلسطينيي المثلث والجليل وأم الفحم ، من خلال قبول ضم هذه المناطق إلى الدولة الموعودة .

أما القدس،فقيادة حركة فتح تقبل في سياق اقتراحاتها الأخيرة للإسرائيليين، بنقل بعض الأحياء البعيدة عن القدس إلى سيادتها الشكلية وليس الحقيقية ؛ لان السيادة الحقيقية ،حسب اقتراح قيادة التفاوض، ستكون في رام الله .

بعد كل هذا ،كيف يمكن لقيادة فتح أن تسمي أن برنامجها السياسي ذا الحد الأدنى هو هو برنامج حركة حماس الذي أعلن عنه الشيخ ياسين رحمه الله ،وأكدته الحركة فيما بعد . فلا برنامج حركة فتح هذا بنهج منهاج برنامج حماس القائم على عمود التمسك بالحقوق والثوابت، دون تقديم التنازلات المسبقة ،وان كان برنامجا مرحليا يراعي ما هو كائن على الساحة المحلية والإقليمية والدولية ،ولا هو من حيث المضمون والمحتوى بشبيه من قريب أو بعيد ببرنامج حركة حماس ؛ فبرنامج قيادة فتح الجديدة ،وبالنظر إلى إستراتيجية المفاوضات التي لن يسقط أبو مازن غصن زيتون سلامها أبدا ،لا يحقق ولا يأتي للفلسطينيين إلا بذلك القدر الذي تجود بها إسرائيل وتباركه قوى الاستعمار الأمريكي والغربي . ونحن والحالة هذه نكون حتما في إطار الحديث عن دولة المعازل الممسوخة الهيئة، والمعدومة السيادة والاستقلال ،وعن إعدام حق العودة للمنكوبين من الفلسطينيين الذين قامت على نكبتهم أعمدة المشروع الغربي والصهيوني في فلسطين وأرجاء المنطقة العربية الإسلامية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن