الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطلب جماهير الفَجِر .. سيمات للطبگة تِجُر !

علاء الزيدي

2007 / 10 / 19
كتابات ساخرة


في موروثنا النفيس ، ثمة لآلىء يتم إخراجها قسرا ً عن سياقها اللائق ، لتتحول إلى عامل عرقلة وتثبيط همم ، أو شعار تواكل وتكاسل وقطع أمل وغسل يد من أي تطوير أو تقدم أو رقي .
" القناعة كنز لا يفنى " ، هذه المقولة العلوية الخالدة ، التي ينحدر عنها السيل ، ولا يرقى إليها الطير ، واحدة من تلك اللآلىء الأغلى من المهج والأحداق .
هل أراد أبو الحسنين ، بهذا الإيجاز الإعجازي ، أن يدفع المقتدين به إلى التخلي عن أي طموح ، والقبول بأي فـُتات ؟
ليست تلك شيمة علي ّبن أبي طالب ، الحادي بالرّكب ، إلى الأمام والأعلى والأرقى ، في كل نأمة وهمسة وسكنة . لكنه أراد للعيون أن تمتلىء بالممكن والمستطاع ، في حدود الطاهر الحلال ، قبل أن يملأها تراب الشره الحرام ، حين تمتد ّ المطامح – دونما ضابط أو رادع أو كابح - إلى مملكة الآخر ، وحريمه ، وحيـّزه ، ومتاعه . بما يعنيه ذاك ، من فوضى وشغب وانهيار أخلاق ، وسلب ونهب .
فهمنا السلبي ّ ، للتراث العلوي السرمديّ ، أوردنا موارد الذل ّ ، وعقر أرجلنا عن أي ّ خطو ٍ جريء . وإن شئت َ أمثلة ً ، أمطرتها عليك بلا توقف ، لكنـّي أكتفي – بغية التخفيف - بواحدة ٍ طريفة :
زار أحمد حسن البكر ، يوما ً من أيام عهده البائد ، ناحية " سويج شـِجـَر " المعروفة بـ " الفجر " ، في حوض الغرّاف . ولم يكن في الناحية جسر يليق بالآدميين ، أو حتى بغيرهم ، يعبرونه إلى الضفـّتين لاستدرار معايشهم . كانت ، ثمـّة ، مجرد طبگة ، أي كلك خشبي كبير ، اهترأت أسلاكه ، حتى كاد أن يجنح أو يرتكس ، في أية لحظة ، حاملا ً معه عشرات الأرواح الطرية إلى الفناء ، بلا أي ّ ذنب ٍ جنته ، إلا لقناعة ٍ بوضع مختل ٍّ ، وُضعت في غير موضعها .
خرج المواطنون المدجـّنون ، عن بكرة أبيهم ، وهم يصفـّقون ويهزجون ويرقصون ويهوّسون ، على طريقتنا التاريخية التي أجدناها وحـُزنا فيها على أعلى الشهادات والإجازات ، مهيبين بالمهيب الركن ، أن يبحث ، لإنقاذ طبگتهم الهرمة عن حل ّ . إنما ، لأنهم قنوعون ومطيعون ومستمرئون للخضوع الأبدي لكل ّ غالب أو متغلـّب ، فقد اكتفوا بحل ّ ترقيعي ، عوضا ً عن المطالبة بإنشاء جسر ٍ ينهي بلواهم ومعاناتهم .
هتفوا ، بالهتاف الذي قرأتـَه أعلاه ، والذي يعني ، أنهم لايطالبون بأكثر من أسلاك سليمة ، لسحب كـَلـَكهم .
بعد كل ّ هذه السنين الطوال ، ماتزال الحال على تلك الحال . فالغرّاف السومري ُّ أبو الخير والخصب والنـَّماء ، شاخت جسوره وشحب لونها ، في الحي ّ والفجر والقلعة والرفاعي والنصر والشطرة والغرّاف . والغـِريـَن ( الطمي ) بلغ التراقيَ ، وقيل من راق ، وكاد أن يقترب إلى ربّك المساق ، كمدا ً . وقلعة سكر ، مدينة الرمان وعريان ( السيد خلف ) وشاكر حسن آل سعيد ، لا تطمح أكثر من العودة إلى الحظوة والقدر اللذين كانت عليهما في العهد الملكي ، يوم كانت قضاء ً ، فحوّلتها العهود الجمهورية الزاهرة إلى ناحية باهتة الألوان . والشطرة ، مدينة عبد المهدي المنتفكي وعلي الشرقي وخيون العبيد وحسين الشعرباف وهادي الحمداني تحنّ إلى أيامهم ، يومَ كانت تدخل التاريخ ، بيسر ٍ ، من أوسع أبوابه . تـُبنى على غرّافها الجسور وتتشرّف بزيارتها الملوك ، وتـُلقى في أسواقها ومقاهيها المعلـّقات ، وتـُشكـَّل في صالوناتها ومجالسها السياسات والتنظيمات . فيما هي اليوم ، تمضي أيامها الرتيبة حسرات ٍ على وردة أو حديقة أو نسمة هواء نقية أو أرجوحة عيد .
القناعة كنز لايفنى ، عندما لاترى تراثـك نهبا ، فقط لا غير . أما السكوت على تبديد الثروات ، ذات اليمين وذات الشمال ؛ ربع مليون لهذا الأزهر ، ونصف مليون لذاك الأغبر ، دونما شكران ٍ أو قبول ٍ أو ثناءٍ على صنيع " ابن الرَّفـَضي " ؛ هذا السكوت ، جريمة وعار وخزي وغباء ، يتحوّل إلى حالة قردانية بابونية مستديمة لاينفع في علاجها إلا القبر ، خاصة ً إذا رافقته الهوسات والأهازيج والرقصات ، استقبالا ً لهذا اللص ّوتوديعا ً لذاك الحرامي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا


.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور




.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين