الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة - الاستكراد - وديموقراطيــــة الإســـتعباد!

مصباح الغفري

2003 / 10 / 31
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

حدثنا أبو يســار الدمشقي قال :
لكي نفهم ما جدّ ويستجدّ من أحداث، لا بدّ من استلهام التراث . ولقد توقفت طويلا ً عند مقولة مولانا الحاكم بأمر الله، ســدد الله خطاه، وجعل الجنة مثواه . أن استيراد الأفكار، هو خدمة للإمبريالية والاستعمار . وأن الديموقراطية الغربية، لا تلائم الشعوب العربية، ولا تساهم في نصرة القضية . ولأنني مواطن من جملة العباد، لا أشك في أن مولانا يريد مصلحة البلاد . لذلك توكلّت على الواحد القهار، فالق الليل من النهار، وبدأت بدراسة مسألة استيراد الأفكار . واعتمدت في هذه الدراسة على تاريخ الخلفاء الراشدين، وما كتبه أسلافنا من العرب الأقدمين . وخصوصاً بعض المخطوطات، التي منع نشرها بأمر سلاح البصّاصين والمخابرات، وإليكم منها بعض المقتطفات :

* " وكان وصولنا إلى مملكة مالي، يوم مبايعة مولانا الوالي . فدعاني حضرته إلى العشاء، وألقى في هذه المناسبة خطبة عصماء . هاجم فيها تعدد الأحزاب، والديموقراطية المستوردة من بلاد الأعراب . قال لا بد لاستتبات النظام، من منع حرية القول والكلام . ومن أمَرَنا بتقوى الله، ضربنا الذي فيه عيناه . ومن سكت وأطاع، فله الأراضي والضياع . ومن تجرأ ففتح فاه، فأواه عليه ثم أواه، ولن يرى بعدها أمه ولا أباه . ثم ردّ على أسئلة الصحفيين، فأعلن أن ليس في البلاد سجناء سياسيين . وأن كل مواطن في مملكة مالي، حرّ في مدح السلطان والوالي . وهذه حرية تنبع من أرض الوطن، وديموقراطية تُجنّب البلاد شرّ المحن . ودعاني حضرته إلى الجلوس، وتبسم بعد التجهم والعبوس . فاعتذرت وغادرت، وفي الطريق أنشدت :
يا غريب الدار لم تكفل له الأوطان دارا
ليس عاراً أن تولّي من مُســـفّينَ فرارا

" من مخطوطة الآراء السديدة في الديموقراطية
الرشيدة، للرحالة عبد الرحمن بن بطوطة"

* " ومن عجب أن جميع الحكام الديكتاتوريين، يقولون في خطاباتهم أنهم ديموقراطيين . لكنهم يُحرّفون الكلم عن معناه، ويُبقون منه شكلَه ومبناه . وللتنفيس عن غضب الناس، والخلاص من وجع الراس، يتحدثون عن الفرع دون الأساس . فاذا كان الشعب يطالب بالعدالة، اعتبروا ذلك جهالةً ورذالة . ثم إنهم يقولون لا بأس، شرط أن لا تكون مستوردة، لأن زؤان البلد، أفضل من الحنطة الجلب . ثم إنهم يصنعون عدالة لبوسها الظلم والقمع، والسلب والنهب والبلع . ويقولون ليس بالامكان، أبدع مما كان، فبأي آلاء ربكما تكذبان ... "

" من مخطوطة ( قلب الحقائق، في حكاية
كافور الآبق ) لأبي الطيب المتنبي "

* " وفي تلك الأيام، كثر لغط العوام، في حق الولاة والحكام . فقد جاءت الأخبار، من جميع الولايات والأمصار، أن أنظمة الحزب الواحد بدأت بالانهيار . وتحدّثَ الناس عن التعددية، وضرورة الحريات الديموقراطية . وأشاع عسس الوالي أن جميع السجناء، سيتم الإفراج عنهم دون تأخير ولا إبطاء . وترقّب أهل البلد ذكرى عيد الجلوس، وقالوا لا بد أن يحدث عندنا ما حدث عند التشيك والبلغار والروس . وتحلّق المواطنون حول أجهزة التلفزيون يترقبون، ومرّت المناسبة بدون تغيير ولا من يحزنون . وبقي المعتقلون في السجون بالآلاف، والناس تدعو ياخفي الألطاف، نجنا مما نخاف . "

من مخطوطة ( التحفة السنيّة، في
مسألة التعددية ) للسان الدين بن الخطاب "

* " سئل أعرابي، وكان عضواً في اللجان الثورية واللجان الشعبية التي شكلّها مولانا السلطان، لماذا لم تحضر " آخر اجتماع للجنة الثورية ؟ ولماذا لم تستمع إلى " آخر خطاب ألقاه مولانا الأخ الوالي ؟

أجاب :
- لو كنت أعرف أنه " آخر " اجتماع و " آخر " خطاب لحضرت دون إبطاء !

* ومن ذلك ما رواه أبو يسار الدمشقي، غفر الله له، قال :
كنت موظفاً في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فسرّحت من العمل، وهذا أمر جلل . إشتغلت في سوق الهال، لتحصيل رزق العيال . حيث أبيع الفواكه والخضار، طيلة النهار . وذات يوم جاءني رجل من الأكراد، يمتطي فرساً من الخيل الجياد . طلب شراء كيسين من البازلاء، لبيعها على فرسه في الأحياء . كان هذا الكردي مثال البساطة والصدق، لم يساوم في السعر، ولأن غَبن المُسترسل الذي لا يماكسُ ظلم، فقد بعته بأقل ثمن . وصار دأبه الشراء مني كل يوم . ثم توارى عن الأنظار، بعد أن خدعه باقي الباعة والتجار، وغشوه بالبضاعة والأسعار .
إستكردوه، ففقدوه !

وكذلك جميع السلاطين والولاة والحكام، يستغلون بساطة الناس فيعاملونهم كالأغنام . وإذا طلبنا منهم الحرية، أو التعددية والديموقراطية، قالوا لنا ما هذه البليّة ؟ نحن ضد استيراد الأفكار الأجنبية ! وديموقراطيتنا يجب أن تكون عربية، نفصّلها لكم كما نشاء، فكفّوا عن الهراء . ونرتدي الديموقراطية التي يخيطون، فإذا نحن في المعتقلات والسجون ! وإذا نحن أحرار في تأييد الوالي، فسبحان الملك المتعالي... اللهم نعوذ بك من الاستكراد، ومن ديموقراطية الاستعباد . فهل إن استيراد المرسيدس حلال، واستيراد أفكار الحرية حرام ووبال ؟ ثم ان أبا يسار حوقل وبسمل، وأنشد وهو يتململ :

من لناءٍ عافَ أهلا ً وصحاباً وديارا
تَخِذَ الغربة داراً، إذ رأى الذلّ إسارا
إذ رأى العيش مُداراة زنيمٍ لا يُدارى

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انبطاح مستوطنين بسديروت خوفا من صواريخ غزة


.. ضابط استخبارات أمريكي يستقيل بسبب ما يجري من أحداث في غزة




.. ملك بريطانيا تشارلز الثالث يكشف عن فقدانه لإحدى حواسه بسبب ت


.. أخبار الساعة | صحيفة أميركية: مصر تدرس سحب السفير وقطع العلا




.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية يقول لـ-العربية- إن واشنطن ض