الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثيران لا تستحق الرحمة !

جمعة كنجي

2007 / 10 / 23
الادب والفن


شرع عاشور يبحث عن عمل آخر . فوجد له عملا ً في مزرعة قريبة من مدينة الموصل . صاحب المزرعة رجل ثري ، مهنته شراء العجول الصغيرة ، ومن ثم تسمينها ، وبيعها في المدينة . وقد إنحصر عمل عاشور في تقديم العلف والماء للعجول . أمّا زوجته جرادة فتولت مهمة تنظيف الحضيرة . وترتب على حماره شوشو نقل العلف على ظهره من المخزن للحضيرة .

وقد ورث صاحب المزرعة الثري خبرة ً عن أبيه في مجال تسمين العجول .
وأوصى صاحب المزرعة عاشور بشيئين إثنين : ألا يقدم للعجول علفا ً أكثر مما تحتاجه ، وأن تظل مربوطة على الدوام .

واضب َ عاشور على عمله ، يقدم العلف والماء للعجول ثلاث مرات في اليوم ، وحرص على تنفيذ وصية صاحب المزرعة .كبرت العجول ، وأصبحت ثيرانا ًكبيرة ، ضخمة ، باعها صاحبها في المدينة ، فحصل على أرباح جيدة .

قرر صاحب المزرعة أن يزيد راتب عاشور . فله ولزوجته جرادة فضل كبير من نجاح عمله .

إشترى وجبة أخرى من العجول . إستمر عاشور يعمل بهمة وحماس ، وحرصت جرادة على تنظيف الحضيرة بعناية فائقة .. وأصبح بأمكان شوشو أن يتناول ما يشاء من علف العجول . ذات مرة ، سافر صاحب المزرعة إلى جهة بعيدة ، وأوكل عاشور بأدارة العمل إلى حين رجوعه .

لكن فكرة جهنمية خطرت على ذهن عاشور : " لماذا لا يقدم المزيد من العلف للعجول لكي تسمن بسرعة ؟ .. لو فعل ذلك ، فإن صاحب المزرعة سيحصل على أرباح أكثر ، وفي فترة زمنية أسرع ، قد يزيد أجوره أيضا ً..!" . بدأ عاشور يعلف العجول ببذخ ، كبرت بسرعة ،أصبحت ثيرانا ً جاهزة للبيع . لكن صاحب المزرعة تأخر ، وبقيت الثيران تأكل وتأكل ..

إحتار عاشور في أمره : البطر جعل الثيران هائجة ، وجرادة تخاف أن تدخل الحضيرة .
عاد صاحب المزرعة من سفره . لم يصدق ما رأى : أيمكن أن تكبر العجول بهذه السرعة ؟!.
أثنى صاحب المزرعة على عاشور وزوجته جرادة ، ونوه إلى أنه سيزيد من أجرهم .

الثيران الآن جاهزة للبيع . صاحب المزرعة توجه إلى المدينة ليعقد صفقة مع الدلالين . عاشور في غاية الفرح والرضا. لقد أثبت بأنه رجل مجد ومخلص في عمله. شيء واحد ينغص عليه سروره. الثيران تبدو عصبية المزاج ومشاكسة . قال لجرادة : " لو حررنا الثيران من أربطتها ، أفلا يحتمل أن تصبح هادئة وديعة؟ " . وافقته على رأيه ، عندئذ اخذ عاشور يحرر الثيران من أربطتها واحدا ً بعد الآخر .

إنطلقت الثيران تتراكض في أرجاء الحضيرة ،هي في أشد حالات الهياج . أدرك عاشور أنه قد إرتكب خطأ ً كبيرا ً . كل ثور بدأ ينظر للآخر بشزر . نفخ أحد الثيران بغضب ، إندفع يهدد الآخرين بقرنيه الطويلين . نشبت معركة طاحنة بين الثيران ، سقط بعضها على الأرض داميا ً . وعلا خوار الثيران الهائجة ،لم يعد في مقدور عاشور السيطرة عليها . حاصرته الثيران في زاوية الحضيرة ، صرخ من مكانه مستنجدا ً : " جرادة .. جرادة ! إفتحي الباب ، وأخرجي شوشو ، الثيران ستقضي عليه " . وحين فتحت جرادة الباب ، إنطلقت الثيران هاربة في كل إتجاه .
قفز عاشور من النافذة وهو يتمتم ساخطا ً : " حقا ً .. إن الثيران لا تستحق الرحمة ! ".
وعندما عاد صاحب المزرعة ، لم يجد أثرا ً لا لعاشور ولا لزوجته ولا لأي ثور .. !
19/10/1985








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل