الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يرض باللاشيء لن يبقى له شيء

محمد جمول

2007 / 10 / 21
القضية الفلسطينية



يذكرني مايجري من مباحثات وما يقال عن التحضير لما يوصف بأنه سيكون واحدا من حلقات مسلسل السلام،الذي استمتع جيلي على مدى نصف قرن بمشاهدة حلقاته الماضية غير الممتعة ،برسم كاريكاتوري نشرته إحدى الصحف الغربية في فترة احتدام النقاش بين الأتراك والأوروبيين حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. في هذا الرسم يظهر رجل تركي متوسط العمر ، حاملا حقيبة كبرى عند باب القلعة الأوروبية وإلى جانبه زوجته المحجبة بلباس المرأة المسلمة التقليدي. وفوق الباب على السور يظهر رجل أوروبي وهو يخاطب الرجل التركي قائلا له: " أفتح لك الباب بشرط أن تعدني بعدم الدخول."
من خلال مايدور الآن من مباحثات وما تتداوله وسائل الإعلام يبدو أن على الفلسطينيين أن يذهبوأ إلى مؤتمر أنابولس مقيدين بأكثر من شرط ، وأهمها أن لا يطلبوا شيئا ولا ينتظروا شيئا. والشرط الآخر هو أن يتنازلوا ،على الأقل ، عن نصف ما وعدوا به سابقا على الأقل، التزاما بما صار يمكن اعتباره سابقة تعتبر في هذا المجال بحكم القانون. فقد تعودنا أن يذهب العرب إلى مثل هذه المؤتمرات مسلحين دائما " بحكمة " الصبر، مصابين بداء السخاء. ولذلك يتمنى كل جيل أن يكون الجيل الذي سبقه حصل على ما وعد به. ومن هنا يصبح قرار التقسيم حلما بعيد المنال إن لم يكن مستحيلا . وما وعد به الفلسطينيون من دولة على الأراضي المحتلة العام 1967 أصبح في أوسلو مساحات من الأرض مربعة ومستطيلة ومثلثة وذات أشكال هندسية عجيبة تفصلها الطرق الدائرية والالتفافية والحواجز العسكرية عن بعضها بشكل يجعل الوصول إلى أوسلو أو واشنطن أسهل من الانتقال من قرية فلسطينية إلى أخرى مجاورة. وحين ذهب الراحل ياسر عرفات إلى كامب ديفد آخر مرة ، فشلت المفاوضات لأنه على ما يبدو وجد أن عليه أن يتنازل هذه المرة عن النصوص المكتوبة في الكتب وعن المحفوظ منها في الذاكرة وعن أحلام الأطفال الذين لم يكونوا قد ولدوا بعد.
من الواضح أن الدول العربية التي تريد المشاركة في المؤتمر المقبل لا تزال تتحلى" بحكمة " الصبر ولو على مضض. فبعد ما يشبه الرفض والإيحاء بوجود مايشبه التروي والتفكير بمصالح شعوب المنطقة والشعب الفلسطيني، عادت هذه الدول لتقول إنها ستحضر المؤتمر . ويبدو أنها قبلت بذلك لمجرد أنه طلب منها أن تفعل ذلك وبناء على وعود من الثعالب أن تقلع عن مضايقة الدجاج وأكله، ثم في النهاية عودة إلى مقولة " ليس بالإمكان أفضل مما كان". تلك المقولة الكاذبة التي لاعلاقة لها بما كان ممكنا أو غير ممكن، وإنما كانت دائما مرتبطة بما يريده هؤلاء الحكام وما لا يريدون مما يرضي السيد الأبيض دائما.
ما يلفت الانتباه في حديث أي مسؤول في السلطة الفسطينيةهو تأكيده القاطع على نقتطين: أولهما الرفض المطلق لإمكانية أي حوار مع حماس في وقت يؤكد فيه أنه لا يجوز أبدا الغياب عن أي لقاء مع الإسرائيليين، مع علمنا مسبقا، واعتمادا على التجارب السابقة،أن هذه السلطة ذاهبة لتعطي لا لتأخذ. إلا إذا اعتبرنا إطلاق سراح 190 أسيرا من أصل ما يزيد عن 12000 أسير إنجازا لايندى له الجبين. والنقطة الثانية التي يحب هؤلاء المسؤولون التأكيد عليها هي عشقهم المفرط للديمقراطية التي جاءت بمحمود عباس رئيسا للسلطة الفلسطينية وتجاهل الديمقراطية التي جاءت بحماس إلى السلطة وكأنهاوليدة زواج بين لوطيين.
هذا يشير إلى مسألة في غاية الأهمية والخطورة. وهو أن هذه السلطة ذاهبة للتفاوض بالشروط الأميركية الإسرائيلية، أي للتفاوض من أجل التفاوض والتنازل عن نصف ما بقي من أحلام الفلسطينيين. وبذلك تكون هذه السلطة حصلت على ماسيقدم الطرف الآخر وهي في حالة مريحة بعد الإحساس أن بإمكانها تحميل حماس ومن يقف في صفها مسؤولية النتائج . أما الأميركيون والإسرائيليون فسيكونون أكثر ارتياحا لأنهم أقنعوا السلطة بأنها حصلت على أفضل ما يمكنها الحصول عليه،وهو أقل من "لا شيء" ما دامت تنازلت عن بعض حقوق الأجيال القادمة، وقد يكون منها حق العودة. ومن جهة أخرى تحصل إسرائيل على جرعة أخرى من التطبيع مع بعض الدول العربية وعلى الغطاء الضروري لما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة من ضربة متوقعة لسوريا أو إيران. وبعدها سيعود الجميع إلى المفاوضات الجديدة، ولكن بالشروط القديمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ