الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن..صناعة تاريخ ام ارادة جماعة

ثائر سالم

2007 / 10 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الوطن والعولمة

لم تتشكل الاوطان يوما، او تخلق هويتها الوطنية، وفقا لارادة جماعة او جماعات. حتى تلك التي تشكلت نتيجة تقاسم استعماري للمنطقة او للعالم، وبدت وكانها كيانات صنعتها الارادة السياسية للمستعمر ، لم يمكن صياغتها بعيدا عن حقائق الجغرافيا ومعطيات التاريخ . التي بدت غالبا ، بصيغة القدر، في تكونها وتبدلها واضمحلالها، في المكان والزمان. وكون الاوطان ، بمعنى ما، ان هي الا امكنة . الا ان ما يحول الامكنة اوطانا ، علاقة البشر بها، وفيها، وعليها فيما بينهم. ..حينما انتجوا ، وحازوا، واستهلكوا،...حينما فكروا ، وتصرفوا ، وتعارفوا على قواعد ، افضت الى قيام انماط من التفكير والسلوك، القيم والعادات .
المقصود بشكل عام هو ، وجود نمط من الثقافة والمارسة ، في مستواها المعرفي النظري الادراكي، ام في مستواها الحسي العفوي .. ضمن رؤية ثقافية مشروطة بزمنها ومكانها. في كل الاحوال عليها ، بل لايمكنها الا التعبير، عن طبيعة تلك المنظومة من العلاقات، التي استدعتها او تطلبتها. والعلاقة العامة، التي بامكانها ان تؤطر هذه العلاقات قد تكون بين جماعة او جماعات، متشابهة او مختلفة،( اثنيا ، دينيا )، تخلق مؤسساتها ، التي تنظم علاقاتهم بينهم ، وتعبر عنهم ، في نمط ( حقوقي ، اجتماعي ، ثقافي) محدد.
العلاقة العاطفية بالمكان، لا يمكنها لوحدها خلق وطن، حقيقي الاسس والمقومات. ولكن الاوطان هي من يمكنها ان تخلق ، في سياق علاقات الضرورة والمصلحة ، التي تدخلها او تقيمها ، العلاقة العاطفية بالمكان.
الوطن، لايخلق حسب الطلب ، ولا يمكنه ان يكون، وليد فكر او منتوج ارادة، ايمان او عقيدة . بل هي المصالح ، ومزايا العيش المشترك، وظروراته المتعددة. الاوطان، كما هو معروف، ككيان او كعلاقة، انما تبلغها الشعوب ، في مرحلة من تطورها، وحينما تستدعيها شروط ومستلزمات ، تلك المرحلة .
فقط افراد احرار يملكون ذواتهم ، ويتمسكون باولوية هويتهم ، ضرورة وحاجة لحياتهم ، التي لايمكنها ان تكون الا في بنية سياسية، وكيان مادي وعلاقات في الارض لا في السماء ، وفي زمن يعيشه الناس. بنية قطعت شوطا في الحياة العصرية ، لا يمكنها القبول بتدخل،اية مرجعيات ، مناقضة لها ، في الاهداف والمصالح او تركها تكون هوية تتقدم اولويتها على اولوية الهوية الاعم. كما لا يجب ان يسمح لاية مرجعيات ، ثقافات او بنى، بان تقيد حدود المواطنين البشرية وحقوقهم وعلاقتهم بموطنهم ، كافراد احرار ، او ان تؤثر على حقهم في تقرير مصائرهم .

تتقاطع عند هذا (الكيان) ـ المفهوم اليوم ، (وظيفة او ضرورة) ، اجندات عدة، بعضها استحضرتها موضوعية ، نزعة التطور االعولمية العامة ، فكرا، علما، ثقافة ، وابداعا علميا.....مغلفة بنزعة انسانية ، تحاول تقديم نفسها كجوهر فوق تاريخاني (ثابت) ، لا تاريخ له ، ماضيا او حاضرا ، معزولا عن محيط وظروف تطوره وصراعاته واشكالاته . الامر الذي لا تزكيه، كل معطيات اليوم ، في السياسة والاقتصاد والقانون الدولي ، وفي كل ميدان من ميادين الحياة ، وفي اي بقعة على الارض ، وصلتها مدنية العولمة الاستعمارية ، النهابة ، اللاانسانية ، المتوحشة .

وهي تتجلى ، يوما بعد يوم ، هوة متزايدة بين الشعوب . ....في مستوى حياتها ، في فرص تطورها، نوع ومدى حقوقها ، وفي جدية وصدقية ، مستوى حريتها، بشكل يحول نزعتها الانسانية ، الى موقف ( ظاهري ، شكلي ) ، مخادع في عالميته ، عاجز عن ايجاد حلول لتناقضاته الاساسية ، الا عبر طريق الهروب الى ا لامام ، بتشديد الظلم والعدوان ، ما دام ذلك ممكنا او نافعا لاغنى عنه ، حتى ولو في اقصر الاماد.
هنا تتشكل ارضية اشكال وازمة وحتمية فشل العولمة ، لا كعملية مستقلة عن خاصية الجوهر اللا نساني المستعد لازهاق ارواح الملايين ، وتدمير بلدان باكملها ومسحها من الخارطة ، ان اقتضى الامر وتطلبت ذلك مصالحه. ورغم ذلك فهو لاينسى ان يذكرنا ، في كل لحظة ، بل ويطلب منا ، ان نردد بعده ، فضائل حريته وديموقراطيته الاستعمارية، ودلائل انسانيته، التي تشهد عليها سجونه ، وغاراته العسكرية على بيوت المواطنين ، وحرية وديموقراطية ، شركاته الامنية الخاصة ، التي تتمرن بارواح المواطنين الابرياء ، السائرين في شوارعهم ،.....نعم تتسلى بمشاهد القتل ، مستهدفة اشاعة الرعب في نفوسهم ، دون اي مسائلة قانونية.
ولكن السوق قبلة تلك النزعة العامة والاهداف الملموسة ، ( الربح ـ المصلحة الانانية ، التطور السريع )، لابد لها من ، شكل خاص ، تتجلى فيه سوقا، على المستوى ال( قومي ـ وطني ـ المحلي )....بمعنى لابد لها من بلدان ومجتمعات تتحقق فيها اهدافها. الوحشي ـ في درجة جشعه واهدافه، واللااخلاقي ، في وسائله ، ستنعكس آثار تلك الانانية ، التي لايمكنها ان تريد، للاخر التطور ، فقرا وبؤسا ، وسيدفع البلد والانسان ثمنها ، من حاذرن ومن مستقبله.
ولكن الامر على الضفة الاخرى من العالم وحقول تجارب لبحوث وسياسات ، وساحات حروب ، وقتل همجي عنصري، ولاسباب تافهة احيانا ، لاتعدو ان تكون تعبيرا عن ازمة نظام روحية وانحطاط اخلاقي ، يمارس تفوقه العنصري الذي، يحميه ويغذيه، ترف تخمة وسفه .
( الانانية ـ الوحشية) ، التي تتناقض جوهريا مع نزعة عالمية للعلم والمعرفة والانتاج للسوق التي تضيق فيها لتخطي كل موانع التطور والانتشار العالمي ، في القفز على كل ماهو معيق لها ، وطنا او قومية و متطلبات ومتناقضات عملية العولمة ... ترف وتطور فقر وتخلف، علم وجهل ، حرية واستعباد (مطلق ونسبي) ..تنمو الهوة بين البلدان ، وتتسع مخاوف او مصالح ، يهددها وجوده ـ بقائه ، عند البعض ، وتتهدد عند الاخر بغيابه . فبين عولمة معاصرة تحصل الان للسوق، فرضتة ارادتها ،ومنتوجها ، واغلب قيمها ، موفرة ارقى مستويات، الحياة العصرية ، وابشعها بؤسا وتخلفا ، في عالم واحد، تريد خضوع الجميع له ، و لقواعد اللاعدل واللامساواة والظلم ، بل ومساعدته على تثبيتها ، في عالمها.
استصغار شان الوطن وهوية المواطنة في الوعي السياسي ، وتبرير الخضوع لاجندات وهويات ، لامصلحة لها في العراق وطنا جامعا لا طاردا لناسه، والسعي لتحقيق القطيعة الثقافية ، والسايكولوجية بين مكوناته المتنوعة المتعايشة، وبشكل متجرد من اية قيود اخلاقية او انسانية ، شكلها وعي الهوية، ومنافعها ، وخصوصا المنتظرة، هو اكثر المشاريع العنصرية والطائفية ضررا بالعراق، وشعبه وكل مكون من مكوناته . متى كانت الهوية العراقية ، عائقا في طريق تطور واستقرار العراق؟، قدر ماكانت وستبقى ، عامل قوة ودفع لعملية التنمية الاجتماعية، واطارا افضل للتطور الاقتصادي والاجتماعي . في اي من تجليات الفكر او الممارسة السياسية او الحياة اليومية، ، كاتجاه وممارسة قانونية او دولتية، لم تكن حقائق التنوع والاختلاف، وانماط المعيشة ، نتاج ثقافة، شعبية سياسية او حزبية او دينية ، تقوم على التمييز بين المواطنين (عرقيا او دينيا او مذهبيا ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتوسع في إفريقيا.. والسودان هدفها القادم.. لماذا؟ | #ا


.. الجزيرة ضيفة سكاي نيوز عربية | #غرفة_الأخبار




.. المطبات أمام ترامب تزيد.. فكيف سيتجاوزها نحو البيت الأبيض؟ |


.. حماس وإسرائيل تتمسكان بشروطهما.. فهل تتعثر مفاوضات القاهرة؟




.. نتنياهو: مراسلو الجزيرة أضروا بأمن إسرائيل | #غرفة_الأخبار