الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بشار الأسد: -عنترة- في أنقرة

هوشنك بروكا

2007 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


أمس(الأربعاء، 17.10.07)، وافق البرلمان التركي بتأييد 526 نائباً من أصل 550، على مذكرةٍ قدمتها حكومة العدالة والتنمية، بزعامة أردوغان، للقيام بتنفيذ غارةٍ(أو غاراتٍ)، لمدة سنةٍ كاملةٍ، لأجل ملاحقة مقاتلي العمال الكردستاني ب ك ك، في عمق العراق الكردي(إقليم كردستان العراق).

على الرغم من أن المذكرة أكدت على "وحدة الأراضي العراقية"، وعلى أن "أي عمل عسكري سيستهدف فقط انفصاليي حزب العمال الكردستاني، الذي تتهمه انقرة باستخدام كردستان العراق، قاعدةً خلفيةً، لتنفيذ عمليات في الأراضي التركية"، إلا أن الواضح في استراتيجية المصوّتين ب"نعم كبيرة" على مذكرة الدخول "الحلال"، في أراضي "العراق الكردي"، هو إعطاء الضوء الأخضر(الممنوع بالمناسبة، في إشارات المرور التركية، لأنه يشكل مع الأحمر والأصفر، اللون الأساس في العلم الكردي المتحقق والمفترض) لتركيا العسكرية الأتاتوركية، باستباحة "شبه الدولة الكردية"، في "الجنوب الكردستاني" وأكراده، أولاً وآخراً.

الأجندة التركية، من وراء الموافقة التركية الكاملة(كل البرلمان التركي، عدا الكتلة الكردية المنضوية تحت لواء حزب المجتمع الديمقراطي) على هكذا "دخول أو تدخلٍ تركيٍّ أخضر"، ب"نعم خضراء"، معروفة من أنقرة إلى كركوك، مروراً ب"قميص عثمانها" الممثل بالمكون التركماني، كمكوِّن أصيل وحقيقي(له ما له، وعليه ما عليه)، من مكونات العراق الكثير.

الهدف التركي الأساس من صك هكذا قرارٍ، هو ضرب الكيان الكردي الناشئ، في خاصرته، الذي لا يروق، بالطبع، لهوى القابضين على شئون التركيَتين: تركيا كمال أتاتورك "العلمانية" العسكرية، وتركيا أردوغان الإسلامية "المحجّبة".

الذي استوقفني واشمأزني في سيرة هذا القيام والقعود التركيين، هو "التأييد العنتري"(كما دائماً) للرئيس الشاب الدكتور "المناضل" بشار الأسد، لأي اجتياحٍ أو إجتياحاتٍ تركية، قادمة، لأراضي إقليم كردستان العراق.
في مؤتمره الصحفي المشترك مع نظيره التركي عبدالله غول، قال الدكتور "المناضل" أن "سوريا(المختزلة في شخصه وعائلته "المناضلة" طبعاً) تؤيد، دون شك، القرارات التي اتخذتها الحكومة التركية، وتقبل بها كحق مشروع لتركيا، في ضرب معاقل حزب العمال الكوردستاني داخل أراضي إقليم كوردستان العراق".
أيّد الدكتور "المناضل، وهو العربي "الأول" و"المتمسك الأول"، كما تزعق ماكينته الإعلامية، ليل نهار، ب"وحدة وسلامة العراق العربي، شعباً وأرضاً"، أيّد "القائد المناضل" القرار التركي، ب"دون أدنى شك"، استباحة أراضي إقليم كردستان العراق .

في دمشق(قلب العروبة النابض، وأم العروبة النابضة، وقلعة الصمود والتصدي)، يخطب رئيسنا الدكتور، "القائد الثابت"، وبالتفصيل الممل، في "شعبه العربي"، داعياً إياه "التمسك بثوابته القومية"، من المحيط إلى الخليج.

في دمشق، دكتورنا "الرئيس الثابت"، هو عراقي "ثابت" أكثر من العراقيين، إذ يتمسك(بالكلام طبعاً)، من موقعه ك"قومي عربي ثابت"، وكأمين عام دائم ل"حزب البعث العربي الإشتراكي" الدائم، بالعراق الواحد، ذي الشعب الواحد، والعروبة الواحدة، والدين الواحد، والتاريخ الواحد، والجغرافيا الواحدة.
أما في أنقرة، فهو يتحول بقدرة قادر، إلى "تركي ثابت"، حين يؤيد، دون قيدٍ أو شرط، التدخل التركي، عسكرياً، في شئون ذات "عراقه العربي"، والذي يتحول في بعضه، هناك، وفقاً لأجندة إقليمية معروفة، يفهمها الرئيس الدكتور جيداً، إلى "إقليم كردستان"، الغير معترف به، "بعثياً"، أصلاً، والخارج على "ثوابت" قصره "المناضل" في المهاجرين.

العراق، في دمشق، وفقاً لتنظيرات الدكتور "المناضل الثابت"، الرئيس، و"البعثي الأول" في القرن الواحد والعشرين، هو "ثابت قومي"، بينما هو ذاته(بشحمه ولحمه)، في أنقرة "متحول قومي"، قابل للشطح السياسي، والأخذ والرد، في البازار التركي.
هو العربي القومي، بإمتياز، ينظّر في دمشق المهاجرين، ل"سلامة وحدة، وسيادة، وكرامة العراق العربي، الواحد الثابت"، بينما هو ذاته، ينظّر في أنقرة، لنظرية "الحق التركي الثابت" الذي لا غبار عليه، ويسمح تالياً، ويبيح لتركيا السيدة، الصديقة الجارة، باجتياح واكتساح "كرامة وسلامة وسيادة" عراقه العربي "الشقيق"، الذي يبكيه هنا وهناك، بمناسبة وبدونها، كلما سنحت ل"دولته"، الفرصة "القومية"، بركوبه.

الرئيس الدكتور "الثابت"، لم ينتظر "نعم" البرلمان التركي، للمصادقة على قرار الحكومة المقترح. بل سارع إلى "التأييد العاجل" والأكيد، سلفاً، "للحق التركي" في إجتياح واستباحة سيادة وكرامة العراق، عبر بوابته الكردية الشمالية.
رئيسنا الدكتور "الثابت"، نسى(أو تناسى) في أنقرة، أن العراق هو "جزء عزيز" من "أمته العربية"، ونسى أن "كرامة العراق وسيادته" هي "جزء عزيز" من كرامة وسيادة أمته العربية الواحدة، "ذات الرسالة الأبدية الخالدة".
رئيسنا "المناضل الثابت"، والمعروف ب"عنترياته" القومية "الثابتة"، خرج هذه المرة أيضاً، كعادته، على سربه، ليغني وحيداً، في أنقرة "الصديقة".

تصرف الرئيس الدكتور "المناضل"، ك"عنترة" في أنقرة، ليس بالتصرف الغريب أو اللامتوقع من "دولته" الموقرة.
فهو، "القومي الكامل"، عوّدنا نحن "الخارج قوميين"، في مناسباته القومية(وما أكثرها)، على "عنترياته" القومية "الكاملة المكملة".

فهو، إذ يتحدث عن إسرائيل العدوة في "مزارع شبعا" اللبنانية مثلاً، يتناسى إسرائيل في "جولانه" المحتل. وكأن إسرائيل هي "إسرائيلان": واحدة "عدوة" في لبنان، وأخرى "صديقة" في "الجولان".

ألم يقذف رئيسنا "الثابت"، وهو "المناضل الكامل"، الرؤساء والملوك العرب، عقب حرب تموز 2006، الأخيرة، واصفاً إياهم ب"أنصاف الرجال"، وأصحاب "أنصاف المواقف"؟

الرئيس "الكامل"، إذ "يتعنتر" في أنقرة، ويبصم بالعشرة على "الحق التركي الكامل والمشروع، بإجتياح السيادة العراقية"، لم يكن بالأمس القريب جداً جداً، هو نفسه "العنتري الكامل"، في دمشق "المناضلة الصامدة"، حين قصف الطيران الإسرائيلي عمق "الكرامة والسيادة " السورية(06.09.07)، قيل أنه استهدف "مفاعلاً نووياً قيد الإنشاء".

الرئيس "الكامل المكمل"، لم يحرك ساكناً، إزاء هذا "القصف الإسرائيلي" الثقيل جداً، وكأنه كان "قصفاً ودوداً، صديقاً".
لم نرَه، أمس، يتصرف في دمشق "العروبة"، ك"عنترة" مثلما كان اليوم، في أنقرة.
لم نرّه، يتصرف تصرف "الرجال الكاملين"، في الوقت الذي هو يتهم فيه، غيره من الحكام العرب، ب"الرجال الناقصين" أو "أنصاف الرجال".

الرئيس الدكتور الذي "يناضل" في قصر المهاجرين، أيما نضال، احتفظ فقط ب"حق الرد المناسب، في المكان والزمان المناسبين". والكل يعلم، علم اليقين، كعين اليقين، مثلما هو الآخر، "متيقنٌ عليم"، أن ذاك الرد "المفترض" جدلاً، في الزمان والمكان المفترضين، لن يأتي أبداً. ليس لأن الرئيس "مسالم"، لايحب الإنتقام، وإنما لأنه لا يسترجئ، ولا يستطيع إليه سبيلاً.
الرئيس الأسد الثاني، "سفسط"، كعادته، ولف ودار، حول "دواعي وأسباب ونتائج" الغارة الإسرائيلية، وحول ماقبلها وما بعدها، محتفظاً بحق الرد لنفسه فقط، وبوسائله الخاصة المختلفة، التي ليس بالضرورة أن تشبه "وسائل العدو". فالرد، وفق "فلسفة" الرئيس "الثابتة"، "لا يعني صاروخا ضد صاروخ او قنبلة ضد قنبلة".

لاشك، أن لسيد قصر المهاجرين، دوماً "ردوده، ووسائله، وقنابله الخاصة جداً".
فهو سينتقم(مثلما فعل والده من قبل) من إسرائيل، ل"سوريا الجولان"، بالعراق وبفلسطين وبلبنان.
هو، "القائد المناضل الحصيف"، سيرد على تل أبيب وحليفتها "الشيطانة الكبرى" واشنطن، انطلاقاً من "لبنان السيد المنتصر الإلهي"، و"فلسطين حماس"، و"عراق المقاومة والمفخخات".

واليوم، في أنقرة، إذ يؤيد الرئيس ال"عنترة"، "الغزو" التركي القادم، لكردستان العراق، إنما يمارس ذات "الحق السياسي"، الروتيني، الدائم، والبعثي بإمتياز، في الرد على "إسرائيل الكردية" الممكنة، أو "إسرائيل المضمرة"، أي كردستان العراق، التي طالما وصِفت في أدبيات سوريا البعثية، "المناضلة"، بقيادة دكتورها "المناضل"، ب"الجيب الإسرائيلي العميل" في الخاصرة العربية، أو "إسرائيل الثانية".

ما أطلقه الأسد من "تصريحاتٍ عنترية" في أنقرة، ك"مؤيد ثابت" بلا قيدٍ أو شرط، لتركيا "الغازية المحتملة"، الصديقة لسوريا الرئيس، على جمهورية العراق الفدرالية، "الشقيقة"، هي ترجمة صريحة ل"عدائه" الصريح، لعراقٍ أراد له العراقيون، شيعةً، وسنةً، وكرداً، وتركماناً، وآشوريين، وكلدانيين، ومسيحيين، وإيزيديين، وفيليين، وشبك، وصابئة، هكذا فدرالياً، أن يكون.

بدل أن "يتحالف" الرئيس الدكتور، مع "خارج سوريا" لضرب "العراق الكردي" وأكراده المنضوين تحت "العراق الواحد الموحد"، طوعاً، كان من الحري به أن يتحالف ويتصالح مع "داخل سوريا"، حيث "أكراده" الممنوعين من كل صرف، والمكتومين، والمجردين من كل سوريا، وكل الوطن وكل الهوية".
بدل أن يغني رئيسنا الدكتور "القومي العربي الثابت"، "كردستان يا عدوتي"، خارج سربه، في أنقرة، كان عليه أن يغني "سوريا ياحبيبتي"، في دمشق، مع كل "الداخل السوري"، عرباً وأكراداً، وسواهم من المكونات السورية الأخرى؛ هذا الداخل المعتقَل أبداً، والمنتهَك، والمقموع، والمكبوت، والجائع، والمكبوح، والمفجوع، والممنوع، منذ أكثر من خمسةٍ وثلاثين عاماً، من البعث، والإرهاب، وحكم العائلة الواحدة، والديكتاتورية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: الحوثيون استحدثوا طرقا جديدة لتهريب السلاح


.. استهداف محيط بلدة شقرا جنوبي لبنان




.. في أول أيام العيد.. فلسطينيون يزورون قبور شهدائهم في دير الب


.. المتحدث العسكري الإسرائيلي: حزب الله أطلق أكثر من 5 آلاف صار




.. شاهد: الشرطة الألمانية تطلق النار على رجل هدد عناصرها بفأس و