الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب وحالة استعطاف الديمقراطية2

عبدالاله سطي

2007 / 10 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


لم تكن الأسئلة والاشكالات التي ختمنا بها المقالة السابقة، قد وضعت اعتباطا، أو تركت مفتوحة بدون أجوبة تذكر وتأويلات تنظر. بل والحالة هذه كنا نحمل في قرارة أنفسنا ونحن نخط فصولها أننا نؤسس لدراسة سياسية تعتمد المنهج العلمي في التحليل والوضوح في التعاطي مع التطورات التي يشهدها المشهد السياسي المغربي. محاولين قدر الإمكان الابتعاد عن التحليل السطحي والقراءات الصحفية العابرة والتي تبقى في جل مقارباتها بعيدة عن ملامسة حقيقة الواقع السياسي.ربما لعجز في المنهج المعتمد أو لحضور الاعتبار الذاتي بالدرجة الأولى في التحليل.لذا سوف نحاول جهد المستطاع أن نبتغي المنهج العلمي القويم في رصد المشهد السياسي المغربي وبالدرجة الأولى العمل الحكومي في مقارنة مع الميكانزمات الديمقراطية. وذلك في إطار سلسلة من المقالات التي لا نعد القارئ بأنها ستكون مسترسلة. بيد أنها ستكون موازية للسياسية الحكومية وشكل تعاطيها مع متطلبات المرحلة التي يمر بها المغرب.
و هكذا إذا كنا أجلنا الجواب الذي ختمنا به المقالة السابقة، والذي نقول فيه لكن السؤال الذي يبقى عالقا هو إلى أي حد ستكسب الحكومة الجديدة ثقة المواطن؟ أيعقل أن يظل العمل الحكومي مرفوض من طرف 37 مليون لم يصوتوا في الانتخابات؟ هل يمكن الحديث عن حكومة قوية بينها وبين أغلبية الشعب هوة تفوق مساحة الأطلنتي؟ كيف سوف توفق هذه الحكومة في تحقيق برنامجها بدون تعاون مبيت من طرف سواد الأمة؟؟؟. فذلك لأن العناصر التركيبية للجواب لم تكن متوفرة بعد. بيد أن بعد تعيين الحكومة والإعلان عن تشكيلتها الرسمية بتاريخ 16 أكتوبر. فلا شك أن الطريقة التي تم بها تعيين هذه الأخيرة واختيار الوزراء الذي تتركب منهم، يضعنا في صلب السؤال السابق و يؤكد أطروحتنا حول حالة استعطاف الديمقراطية التي يمر بها المغرب. فإذا كانت الوعود التي سبقت العملية الانتخابية كانت توحي باحترام المنهجية الديمقراطية في اختيار الوزير الأول. وذلك من أجل إخراج البلاد من شبح الصورة القاتمة التي كانت دائما تلف اللعبة السياسية في المغرب سابقا. إلا أن الدينامية السياسية كما يجيب عنها الواقع، تقول بأن استمرار الأساليب القديمة التي اتسمت بها العملية السياسية فيما سبق لا زالت تلقي بظلالها. وهذا ما حدث مع تعيين حكومة عباس الفاسي. فإذا كان الدستور المغربي لسنة 1996 يقول في فصله 24 (يعين الملك الوزير الأول. ويعين باقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول.وله أن يعفيهم من مهامهم.ويعفي الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها)، فهذا يعني حسب منطوق الفصل أن هناك ظهيرين مستقلين يصدران من طرف الملك في هذا الباب، الظهير الأول يخص تعيين الوزير الأول، والذي يبقى من أحقية صاحب سدة الحكم بالبلاد حسب اختياره ومعاييره. أما الظهير الثاني فهو متعلق بتعيين باقي الوزراء المقترحين من طرف الوزير الأول، والفصل واضح في هذا الباب، فللوزير الأول بعد تعيينه من طرف الملك حسب منطوق الفصل، الصلاحية التامة في مشاوراته واختياراته للوزراء الذين سوف يكونون تحت إمرته. وهذا بخلاف دستور 1972 الذي يقول منطوق فصله 24 المتعلق بتعيين الحكومة أيضا( يعين الملك الوزير الأول والوزراء. ويعفيهم من مهامهم. ويقيلهم إن استقالو) وبالتالي كان تعيين الحكومة يتم بظهير واحد ووحيد، وهنا يكمن وجه الخلاف مع ذات الفصل من دستور 1996، مما يوخي بأن هناك تطور في اختصاصات الوزير الأول الذي لم يكن له الحق في اختيار واقتراح وزرائه في دستور 1972 بخلاف دستور 1992 و 1996، الذي أصبح من خلالهما للوزير الأول الصلاحية في مشاورة عقله وقرينه في شخصية وأسماء الوزراء الذين سيعملون تحت إمرته. لكن ما مدى فعالية هذه الصلاحية في الواقع السياسي المعاش؟
إن الطريقة التي تم بها اختيار وزراء حكومة عباس الفاسي، تضعنا أمام مشهد يؤكد أطروحة هيمنة الفاعل المركي على المشهد السياسي المغربين ويزكي فرضية النظام البطرياركي زبراثين الأتوقراطية التي لا زالت تؤثث عملية صنع القرار السياسي في بلادنا. فعندما كان عباس الفاسي ينتظر من أحزاب أغلبيته أن يمدوه بالأسماء المقترحة لتشكيل الحكومة، سيفاجأ الرجل بقائمة من الأسماء المقترحة/ المفروضة من طرف مستشاري جلالة المك. قائمة من الشخصيات التي بعضها لا علاقة له بالأحزاب التي سيستوزر باسمها لا منقريب ولا من بعيد. فما كان على ÷ذا الأخير إلا أن يرضخ للأمر المستجاب، بخلاف حزب الحركة الشعبية الذي أعلن عن اختياره وجهة المعارضة لما وصلت حالة التهميش التي تعرض لها خلال المشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة إلى غاية في المهانة، إلى درجة اقتراح تعين وزراء باسمه لا علاقة لهم باسم الحزب ولا بمرجعيته ولم تطأ أقدامهم من قبل مقر الحزب.
وفي خضم هذا المشهد يمكن استنتاج أربع فرضيات:
الفرضية الأولى: القرار السياسي في المغرب لا زالت تتحكم فيه قوى مركزيةن والفاعل المركزي لازال هو صاحب الريادة في اختيارات وتوجهات العملية السياسية في المغرب.
الفرضية الثانية: المنهجية الديمقراطية التي اقترنت بها العملية الانتخابية الأخيرة، لازالت لم تصل إلى النضج الذي يمكن أن نجزم ونصفها بذات النعت. فبالأجدى والأجدر أن نعترف بأننا لازلنا في حالة من استعطاف للديمقراطية و الطريق إلى هذه الأخيرة لازالت تلوفه العديد من العقبات، والممارسات التقليدية السلبية.
الفرضية الثالثة: ضعف شحصية العمل الحكومي وهذا ما يظهر من أول خطوة خطاها عباس الفاسي من خلال عملية التعيين الحكومي. فالرجل اعترف ببنت شفاه خلال عرضه لاقتراحات القصر المتعلقة بأسماء الوزراء، بأن هذه الأسماء هي مفروضة من فوق وهي المراد استوزارها.
الفرضية الرابعة: إن عملية اقتراح أسماء الوزراء من طرف القصر وفرضها على الأحزاب المشاركة في الحكومة، هي عملية منطقية إلى حد ما رغم مخالفتها للمنهج الديمقراطي ولحرية الأحزاب والوزير الأول في اختياراته. فالملك يعي أزمة الأحزاب السياسية في المغرب ومدى طموحاتها الذاتية، وتغييبها لمعيار الكفاءة والقدرة على التسيير بقدر حضور جانب النفوذ والأطماع الضيقة، مما جعل عملية تعيين الحكومة تكون موازية لطموحات الملك ورؤيته المستقبلية للمشهد السياسي بشموليته، باعتباره يسود ويحكم.

عبدالاله سطي/طالب باحث في العلوم السياسية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة