الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهزلة العقل الرئاسي

عبد الحميد العماري

2007 / 10 / 21
كتابات ساخرة


يبدوا للوهلة ألأولى أن العنوان المدون أعلاه قريب الى حد ما من عنوان كتاب للمفكر العراقي المرحوم هادي العلوي( مهزلة العقل البشري)، لكن الموضوع في حقيقة ألأمر يختلف كثيرا عن ماطرحه العلوي من قبل، وأعني هنا أن هناك اشكالية لدى ساسة العراق تتعلق بالعقل الرئاسي ، أي أن جميعهم يفكرون بمنطق الرئاسة والتسيد والتسلط والقيادة على حساب الآخرين ، مهما كان هؤلاء ،، شعب أو حزب،، ويتذكر الجميع مذ تشكل مجلس الحكم ، وقف بريمر عاجزا عن أن يقنع الساسة لأختيار من يرأس المجلس ، ليصار فيما بعد الى تشكيل هيئة رئاسية مؤلفة من سبعة أعضاء يتناوبون على رئاسة المجلس لمدة شهر على التوالي، ثم تلا ذلك خلاف على رئاسة أول حكومة تسلمت السلطة من بريمر وفريقه ، صاحبها اشكال على من يرأس الجمهورية بأعتراف بريمر والأخضر الأبراهيمي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي عنان الى العراق، ثم جرى سباق ماراثوني لأنتخاب أول حكومة انتقالية ورئيس جمهورية عقب أول أنتخابات جرت في العام 2005 ، وكذا الحال مع الحكومة الحالية .
يعتقد الكثير من الساسة في العراق أن المسؤولية لايمكن أن يتلمسها أو ينعم بها إلا من خلال منصب (رئيس) سواء أكان المنصب رئيس جمهورية أم رئيس وزراء أم رئيس عرفاء ، لايهم هنا الأمر بقدر ما تكون الصفة مسبوقة بكلمة رئيس، وهو قصر نظر بطبيعة الحال، بل هي عقدة حزبية يعاني منها السياسيون، فالأمر لايختلف حتى في كيانات ألأحزاب المتواجدة داخل وخارج العملية السياسية، فتجد أن رؤساء أحزاب مضى عليهم عقود وعقود وهم يتربعون على كراسي رئاسة ألأحزاب، بل منهم من صار يعمل على توريث الرئاسة للعائلة على شاكلة الأنظمة العربية التي ينتقدها سياسيو العراق الجديد ، ويصفون هذه الأنظمة على أنها تعشعش في قصور الرئاسات لتتحول ألأنظمة الجمهورية الى ملكية ،علنا وصراحة ، كما حصل في سوريا وفي الطريق كل من مصر وليبيا وربما العراق مستقبلا، وعلى ذكر الأحزاب العراقية ومهزلة العقل الرئاسي ، لايوجد من بين ألأحزاب العراقية دون استثناء من وصل الى منصب رئيس الحزب عبر صناديق الأقتراع، وماحصل إما (الترأيس) بالتزكية ، أو عبر انتخابات صورية ، والأخيرة هي الصفة الغالبة في محاولة لأيهام الرأي العام بديمقراطية هذه الأحزاب وشخصوها، لكن سرعان ما ينكشف الأمر بمجرد ما ينتقد صحفي أو كاتب ينتمي الى قوم البطرانين على شاكلتي أي من هذه الأحزاب ، تقوم الدنيا ولاتقعد وكأن سعر الباذنجان تعدى الخط البياني للسعر المتوقع له في ظل الحصار المفروض على العراق سابقا، كما هو عليه الحال لبرميل النفط ألآن، وتصوروا أن هناك من أعتقل من الصحفيين لمجرد أنهم انتقدوا سعر تذاكر دخول حفلة على الهواء الطلق لمطرب جاء من ألمانيا ليغني للجياع مقابل مبلغ يعادل ثلاثة كيلوات لحم خروف ، وقال الصحفي ان عائلته أحق بالمبلغ من مشاهدة مطرب شبعان قضى معظم حياته في أوربا بين الصبايا والغلمان ولايدري بالجوعان ، أعتقل الصحفي وزج في السجن لمدة ستة أشهر كتأديب على قول الصراحة ، فليس من واجب الصحفي اليوم قول الحقيقة حتى لو على نفسه، وصحفي أخر خطف من أمام منزله صباح يوم تموزي من العام 2006 لمجرد أنه كتب عمودا صحفيا قال فيه أن الفساد المالي والأداري للسادة الوزراء يبدأ من الفراشين صعودا لسيادة الوزير، قيل له من الخاطفين أنهم سوف يعيدوه مهشم العظام ليكون عبرة لغيره ، ولم يوجهوا له طيلة سبعة أيام من الأختطاف إلا سؤال يتمحور حول جرأته المفرطة في الكتابة عن فراش السيد الوزير ، وكيف يتجرأ على أتهام سيادة فراش سيادة الوزير بالفساد المالي والأداري، وصحفي آخر تحول الى بائع سجائر في السوق العربي إثر تعرضه لتهديدات بالقتل مالم يكف عن توجيه النقد لرئيس (....) بأستمرار، والقائمة تطول .
ان المشكلة تكمن في من يرأس من؟ ومن يحكم من؟ ومن يقود من؟ هذه هي المشكلة اليوم ، وعلى هذا الأساس يرى مراقبون أن الوضع القائم الآن سيظل على حاله طالما هناك خلل في العقل الرئاسي ، وأنا شخصيا أعتقد أن حل معظلة الملف العراقي تبدأ في زيادة أعداد مناصب (الرئيس) من رئيس جمهورية نزولا ووصولا الى منصب رئيس مجلس بلدي أو رئيس سواق في أضعف الحالات، والأخير سيلجأ اليه من لايحصل على مقعد برلماني ليكتفي راضيا مرضيا بهذا المنصب في سراي الدولة، بشطريها التشريعي والتنفيذي، ويبقى السواد الأعظم من عباد الله خارج إطار اللعبة الرئاسية وليس السياسية فقط ، ومن يدري ربما يتعين على الأسواق الشعبية في المستقبل القريب ،أنتخاب رئيس السوق ونوابه بحسب المحاصصة القائمة على قدم وساق، وتفرعاته في رئاسة أقسام (الفواكه ، الخضر، اللحوم الحمراء والبيضاء والصفراء، السمك بأنواعه، البقوليات، الزيوت،المشروبات وعشيرتها الدافئة والمثلجة، الطحين، الملابس وماشابهها، الأدوات المنزلية) .. والآتي أعظم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا


.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق




.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م


.. حوار من المسافة صفر | المخرجة والكاتبة المسرحيّة لينا خوري |




.. -عملت له مستشفى في البيت-.. المخرجة منال الصيفي تروي حكاية م