الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيعقل أن يكون الانسان عبداً في بلاده

خالد عيسى طه

2007 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



اذا كان في التاريخ استثناءات واذا كان في التاريخ مفاجئات فقد تجسدت هذه الاستثناءات والمفاجئات للشعب العراقي بعد الاحتلال في آذار 2003 يوم زحفت الجحافل الغازية ليس عبر حدود وإنما انزالاً من الجو مُهّد له بقصف عشوائي ثقيل ضرب البنية التحتية العراقية بكل ضراوة وقسوة وهمجية حتى أن بعض الطيارين كانوا يعاودون قصف أهداف مدنية مرة بعد أخرى وعلى شكل موجات سربية لطائرات فانتوم 52 منها بناية البريد العالية ولم تترك هذه البناية إلا بعد أن سُوّيت بالأرض وكأن الطيار يقصد أن على العراقيين أن يعاودوا بناء هذه البناية وعليهم أن يستنجدوا بالشركات الامريكية أو الشركات ذات الجنسيات المزدوجة لقاء ثروتهم النفطية وهكذا نرى أن حلقة مفرغة من المصالح كان يرتبها الاحتلال بطريقة داركولية لاستيعاب (شفط النفط العراقي) حرب + تدمير + تعمير + شركات امريكية = النفط العراقي. وتستمر هذه الدوامة حتى يفقد العراقيون رصيدهم النفطي بعد أن فقدوا رصيدهم الحضاري يوم هجمت على متاحفهم عصابات السرقة ونهبت رموز تأريخية لحضارة تعود الى سبعة آلاف سنة خلت بتسهيل امريكي بأن غظت الطرف عن ذلك وانشغلت بحماية وزارة النفط حيث غرضها الذي تصبو اليه امعاناً في اذلال الشعب العراقي مادياً ومعنوياً ، أصابت الدهشة فئات الشعب العراقي وطوائفه وكأنه جسدٌ مخدّر لدى مستشفى ينتظر اجراء العملية ولما أفاق هذا المخدّر ونظر حوله ما رأى إلا أمعاءً له ممزقة وجسداً له مطعون بخناجر وقد عمل فيه مبضع الجراح الكثير والكثير.
ماذا وجد هذا الشعب بعد الاحتلال؟
وجد هذا الشعب أن حدوده قد فتحت على مصراعيها لكل من هبّ ودبّ ولكل من له مأرب ومصلحة متفاوتة بين الرغبة في تدمير الشعب العراقي أو سرقة حضارته أو نفطه أو اذلاله إذلالاً يجعل منه قرداً يتعكز على الأربعة ويتقافز على الاشجار ارضاءً للغاصب المحتل وتنفيذاً لارادته.
وجد العراق نفسه أمام عتمة ظلام حالكة لانقطاع الكهرباء نتيجة القصف .
وجد العراق نفسه أمام فلتان أمني لا يأمن المرء على نفسه وولده حتى في عقر داره.
وجد العراق نفسه أمام من يقول أنا شيعي ومن تكون أنت؟ وأنا سنّي وأنت من تكون؟ وما معنى اختلافنا وكيف صار؟
وجدت العراقيات أن أعراضهن مستباحات للجند الامريكان وأن السجناء من أولاد وأخوة وأزواج يقعون تحت وطأة مرضى النفس الساديين مثل الجندية (جين) التي حكم عليها من القضاء الامريكي على أفعالها القذرة المصورة وكيف كانت تسحب العراقيين عراة كالحيوانات وكيف أنها كانت تعريهم بمناظر تقشعر منها الابدان.. هذا ما وجده العراقيون!
وجد العراقيون أن الجنود الأمريكان يقتلون الشعب الأعزل عشوائياً وتجدهم كالأرانب المذعورة وهم سائرين في شوارع بغداد يطلقون النار على أيشيء متحرك سواء أكان طفلاً صغيراً أو شيخاً هرماً .
وجد العراقيون أنهم في ضائقة اقتصادية هائلة تنقصهم أدنى مستويات المعيشة الحضارية من ماء وكهرباء ، فكم من عائلة دفنت موتاها دون تغسيل شرعي لشحة الماء. والبعض كان يكفن موتاه في الظلام لتعذر وصول الكهرباء وكم من مرة بقت الجثة في صحن لدار حتى تتفسخ لخوف الناس من رصاص الارهابي والجندي المحتل.
ووجد كل شيء يسيء الى كرامته وحياته ومستوى معيشته.
أيستطيع إمريءٍ أن يقول أن هذا الفرد حراً في وطنه وبأي مفهوم يكون حراً ؟ هذا الفرد الذي يصحو على صوت سيارات مفخخة وسيارات مفجرة وينام على أنين الثكالى ونواح ذوي الضحايا. أهذه سنة الأحرار في أي بلاد كانت ؟ أم هي سنة معيشة العبيد ؟ ويتساءل أين الفاتح المحتل وأين شعاراته في الحرية والمساواة والديمقراطية. أصبح العراق سجناً مركباً، سجنٌ كبيرٌ يضم العراقيين محاطاً بكل أنواع الكبت والقمع وسجنٌ صغير محاط بأسلاك شائكة وحراب جنود الاحتلال ومعاملة الاحتلال لكلا النوعين من المسجونين قاسية مدمرة، في السجن الكبير تقصف المدن بكاملها وتُزال أحياء بعوالمها وينوش حائط أمير المؤمنين في النجف الاشرف بعض حمم الطغاة أما في السجن الصغير وهو سجن السجن نرى جنود الاحتلال لا يتركون وسيلة لاذلال العراقيين الا واقترفوها في هذا الوصف الدقيق أطالع في وجه العراقي البريء الخوف من الغد، الخوف على المال والشرف والحياة، الخوف على الاطفال والعيال وذوي القربى، الخوف من ظلام الليل وظلامة المعتدي والخوف من قلة الماء للشرب والتكفين، الخوف من البطالة التي وصلت نسبتها الى سبعين في المئة، الخوف من كل شيء وعلى كل شيء، هذا الخوف تضاعف عمّا كان عليه الحال أيام الارهاب الدكتاتوري الصدامي.
وعلق المواطن العراقي بين مطرقة الارهاب وسندان الاحتلال الى انيشاء المحتل، الى ذلك الحين اين المفر أيها العبد المواطن؟
على الرغم من تلك المآسي والاهوال تظل انفة الانسان العراقي صامدة امام زلازل وبراكين الفاشيه الصهيوامريكية التي اجتمعت على هدف واحد له وجهين لعملة واحدة، الوجه الاول استنزاف ثروة العراق النفطية ويتمثل في امريكا سيدة هذا العالم ، والوجه الثاني تدمير الشخصيه العراقية ونزعها من اصولها التاريخية ويتمثل في اسرائيل الطفل المدلل للوجه الاول. ما اقبح الوجهين واخسّهما !!
عندي ان ما تهدمه قنابل طائرات العدو ممكن اعادة بنائه وهذا الهدم مهما كان واسعاً في البنية التحتية لا يعدّ شيئاً أمام هدم النسيج الاجتماعي والترابط الاسري وشخصية الانسان اينما كان وخاصة العراقي الذي له آنفة وكبرياء مميزين يحملهما معه اينما ذهب وتحت اي سماء. لقد امعن العدوفي تفتيت كيان الانسان العراقي أيّما امعان فأتى بالطائفية المعلنة تحمل سمومها لتنثرها نثرا كما تنثر السموم متذرعه بشتى الاعذار ملتحفة بمختلف انواع العباءات الدينية او العشائرية وغيرها. نرى اعلامها التي تقود هذه الشعارات القاتله تستقر كالاعشاش على رؤوس بعض رجال الدين الذين باعوا دينهم ودنياهم سواء كانت هذه العمائم سوداء او بيضاء.
الاستعمار الخارجي وعلى مدى سبعة عقود ومنذ تولي الملف العراقي الانتداب الانجليزي لم يفلح في شق النسيج الوطني كما افلح الامريكان في هذا الزمن.
لقد شهدت شوارع بغداد التلاحم الوطني والتراصف الفكري والتآلف الديني عندما يعلو صوت الشعب رافضا لمعاهدة كما حدث سنة 1948م حيث انتصر الشعب برفض معاهدة بورت سميث أيام صالح جبر ووزارته. نرى رجال الحكم عندما يغضب الشارع العراقي يركضون كالارانب المذعوره ويختبؤن في المحلات المظلمة كالقنافذ هذا هو حالهم في اي انتفاضة دعا اليها ضمير الشعب واظهر مواقف التلاحم والتآخي الاجتماعي والمذهبي وسيبقى العراق والشعب العراقي هكذا الى يوم القيامه وهذا له مبرراته والتي هي كالاتي :
أ- المصاهره والتزاوج.
ب- الروح العراقيه في التآلف والتآخي وعدم التعصب .
ج- تشابك المصالح الاقتصاديه والتجاريه والسياسيه.
والتاريخ المعاصر يذكر الكثير من جرابيع الطائفية علا صوتهم لفتره ثم ذهبو الى مزبلة التاريخ والنسيان ويبقى اسم من يزعم الوحدة الوطنية والتآخي الشيعي السني باقي في الأذهان كالزعيم الوطني الشيعي جعفر ابوالتمن ومهدي الخالصي وغيرهم من رجال السياسة الذين تعففوا عن الدعوة للطائفية او الى اي تفرقة او شعار يفرق الصفوف .ان الشعب العراقي لو تمسك بما تمسك به اسلافه لاندحر الاستعمار وذهب الاحتلال وتراجع دعاة الطائفية الى جحورهم ولاصبح العراقي سيد نفسه لا عبداً في وطنه، ليصبح مجموع هؤلاء المواطنين السادة قوة سياسية هائلة مؤثرة في العراق وفي الساحة الاقليمية بل وفي الوزن الدولي والكل يعلم ان العراق:
1-اول من دخل عصبة الامم من الدول العربيه في الثلاثينيات.
2-ان العراق اول دولة عربية بدأت في التعليم الجامعي .
3-العراق اول من اسس الجيش الوطني ايام فيصل الاول وكان نواة لجيوش عربية نظامية 4-العراق اول دولة عربية رمت بثقلها في القضية الفلسطينية وحارب الزعيم عبدالكريم قاسم في الساحة الفلسطنية في معركة جنين على الاسرائليين.
5-العراق البلد الوحيد العربي الذي يملك نهرين ويملك اكبر مساحه زراعية واعلى رقم من الكفاءات وهو يملك من اقوى الجيوش العربية تسليحا وتدريبا وكفاءة.
ايجوز لافراد هذا الشعب العظيم ان يعيشوا عبيدا في وطنهم ولماذا؟
ان حالة العبودية التي يعيشها الشعب العراقي حاليا تحت سنابك الاحتلال تعاونت فيها القوى الرجعية والاحتلال وبعض الذين باعوا ضمائرهم من طلاب السلطة والثروة تمريرها على شعبنا العظيم وهي حالة مؤقتة كالمزنة في الصيف (مطر صيف) سرعان ما تذهب بها الرياح وتبدأ الشمس في السطوع وتبزغ الديمقراطية الصحيحة غير المحرفة ويرتب البيت العراقي في مؤسساته الدستورية وقواعد هيكلة نظامه القانوني في القضاء والادارة والتشريع وان لكل منتظر فجر سريع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرارات بتطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق تديرها السلطة الف


.. الرباط وبرلين.. مرحلة جديدة من التعاون؟ | المسائية




.. الانتخابات التشريعية.. هل فرنسا على موعد مع التاريخ ؟ • فران


.. بعد 9 أشهر من الحرب.. الجيش الإسرائيلي يعلن عن خطة إدارة غزة




.. إهانات وشتائم.. 90 دقيقة شرسة بين بايدن وترامب! | #منصات