الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيدرالية ثانية

عبد الحميد العماري

2007 / 10 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رغم الأنشغال بتداعيات قرار البرلمان التركي السماح بدخول جيشه الأراضي العراقية عبر اقليم كردستان العراق ، وعجز برلماننا الموقر من الأتفاق على مسودة قرار مماثل .. مازالت العديد من وسائل ألأعلام تفرز مساحات واسعة للحديث عن زيارة نجل رئيس المجلس الأسلامي الأعلى عمار الحكيم الى محافظة ألأنبار ولقائه مع شيوخ عشائر ووجهاء مجلس صحوة العراق ، وأكدت القنوات الأعلامية على أن الذي نوقش في هذه الزيارة هو انضمام رجال الصحوة الى التشكيلة الوزارية الحالية برئاسة نوري المالكي لأشغال مايعرف بـ(الحقائب الوزارية المخصصة للسنة) ، وكذلك إعلان (الأقليم الغربي) على غرار إقليم الوسط والجنوب الذي يصر عليه ساسة المجلس الأسلامي ألأعلى.
وبغض النظر عن ألأسباب التي دعت الحكيم لهذه الزيارة ، فأن من السذاجة بمكان اعتبار أن مشروع الفيدرالية المثبت في الدستور الحالي بهذا الشكل لايمثل بداية لتقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية ، إذ لايتضمن النص الدستوري على ما يمنع حدوث التقسيم، وهي اشارة خطيرة قد تخفي ورائها الكثير من علامات الأستفهام والتعجب؟! ولو اعتبرنا قيام النظام الفيدرالي أشبه بمشروع تجاري ، فأن من باب أولى أن يعمل صاحب المشروع على توفير الحماية اللازمة وعوامل نجاح المشروع.. ومن هنا تأتي أهمية أن يؤكد هؤلاء الساسة على أن يتضمن الدستور نصوصا تحفظ وحدة العراق أرضا وشعبا ، قدر سعيها الحالي الى تنفيذ الفيدرالية على نحو يبعث على الأستغراب من الأصرار والدفع بأتجاه الأسراع بالتنفيذ حتى قبل المدة التي حددها الدستور وهي (18) شهرا أعتبارا من تأريخ التصويت عليه داخل مجلس النواب، وذلك هو أحد أهم الأسباب التي دعت الحكيم لزيارة مجلس صحوة العراق في الأنبار وفي هذا الوقت بالذات، وأزاء ذلك المسعى قدم المرشح الساخن والوحيد لرئاسة المجلس الأسلامي ألأعلى بعد أن أجبر المرض والده الحكيم الأكبر التزام الفراش ،، قدم التطمينات اللازمة من أن اقليم الوسط والجنوب سيأخذ بنظر الأعتبارغياب الثروات في مناطق الأقليم الغربي وهو مايعتقده الفطحل الصغيرالعائق أمام قيامه ، وبالتالي لانجد أي مبرر لرفض المجلس ألأسلامي الأعلى لمشروع مجلس الشيوخ الأميركي الداعي الى تقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية طالما هو (المجلس ألأسلامي) يهرول غربا للعمل به اليوم قبل الغد وبأسرع وقت ممكن تحت عنوان العمل بالدستور الدائم ، مع أن هناك تحفظات داخلية وخارجية على الدستور بشكل عام ، والفيدرالية بشكلها الحالي على وجه الخصوص.
لاتوجد أية مشكلة في النظام الفيدرالي.. سيما أذا ماعلمنا أنه يشكل لامركزية ادارية الى جانب منح صلاحيات أكبر لمجالس المحافظات ، لكنه سلاح ذو حدين في نفس الوقت ، فمن جهة سيكون بداية لأنهار من الدماء أكثر منها الآن ،لاسمح الله ،في حال طبق المبدأ دون ضمان بقاء العراق موحدا، ومن جهة أخرى يمكن أن يكتب له النجاح فعليا شريطة توفير مستلزمات إنجاح التجربة. وهنا نعتقد أن النص القانوني للفيدرالية بشكلها الحالي كما أشرنا،يحتاج الى عوامل ضمان وحدة العراق دستوريا وعلى النحو التالي:-
أولا: أن تتشكل الأقاليم من محافظة واحدة أو ثلاثة محافظات كحد أعلى لقيام أي إقليم بعد التصويت عليه وحصوله على ثلثي الأصوات في المحافظات المقترحة وعلى أن يجري انتخاب مجالس محافظات مشتركة أو برلمان فرعي يحدد عدد أعضائه حسب النسب السكانية لكل محافظة بعد إعلان الأقليم مباشرة.
ثانيا: رفض إعلان الأتحاد بين الأقاليم لتشكيل اقليم واحد بما يؤدي الى فتح باب التناحر والأحتراب الطائفي والعرقي وخصوصا فيما يتعلق بالثروات أهمها النفط.
ثالثا: منع إعلان الأستقلال عن العراق مهما كان شكله ( سياسي ، جغرافي ،أقتصادي، أجتماعي، صناعي ، زراعي ) الى آخر القائمة، بغية ضمان بقاء العراق موحدا وسط التجاذبات والصراعات الحزبية المصاحبة للعملية السياسية الآن وفي المستقبل، وفي حال إعلان الأنفصال تعمل الحكومة المركزية ألأتحادية مع بقية الأقاليم لمنع ذلك بالطرق والسائل السياسية ويحق للحكومة استخدام القوة اذا لزم ألأمر لمنع الأنفصال أو التقسيم .. وهو ما يبدد المخاوف الأقليمية والدولية التي تروج لتقسيم العراق في حال قيام الفيدرالية مما يدعم الأعتقاد بفشلها اذا ما طبقت دون اعتماد هذه المعايير.
ان التأكيد على تطبيق الفيدرالية بشكلها الحالي كمن يراهن على تقسيم العراق وبأصرار، لذا فأن من باب أولى أن تعمل هذه الأصوات على تهيئة الأرضية المناسبة قبل أن يقع الجميع في المحظور ونحمل العراق أكثر من ماتحمله ويتحمله ألآن ،لاسيما وأن هناك مخاوف من تصعيد تركي ايراني للقيام بعمل عسكري داخل الأراضي العراقية في اقليم كردستان العراق للقضاء على عناصر حزبي العمال الكردستاني التركي والأيراني في مناطق محافظتي السليمانية ودهوك، وهو مايهدد أمن العراق الأقليمي ويفسح المجال لتدخلات تركية تحديدا وربما سورية فيما بعد في الشأن العراقي وبمستوى التدخلات الخارجية الأخرى ( الأيرانية والأميركية ) وغيرها من دول الجوار والعالم ، كما نعتقد أن هذه الصيغة ستكون بمثابة اختبار للنوايا الداعية لتطبيق النظام الفيدرالي داخل العراق الواحد، والترويج لنظام يوحد عباد الله ولايجزأ البلاد على الأسس التي ذكرناها قبلا ، أنها مجرد أفكار علّها تجد من يسمعها وسط هدير مفخخات الأرهاب ألأعمى وصراعات النخب السياسية الحالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها