الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد نقاش وحوار وليس عنفصة إفهام لفريد بن ايار

خالد صبيح

2003 / 11 / 2
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



في ردة فعل اسفنجية( نسبة الى الاسفنج وهو حيوان بحري بطيء الاستجابة) سطر الاعلامي العراقي، كما قدم نفسه،< فريد ايار> كلمات تحت عنوان< مسيحيو العراق نعم للحضارة لا للتفرقة والعنف> لاادري مااذا كان يمكن اعتبارها ردا ونقاشا مع مقالي الذي نشرته قبل عشرة ايام بعنوان( مسيحيو العراق الحجاب الاسلامي والمشروع الوطني) ام تسطير جزافي لاتهامات وشتائم.  اذ  رغم مرور هذه المدة الطويلة نسبيا بين نشري للمقال وردة فعل الاعلامي العراقي عليه الا انها، كما يبدو، لم تكن كافية لان تجعله هادئا وعاقلا، كما يفترض هو نفسه في مستلزمات المقال المفيد، ليرد ويناقش ويصحح، بل انسحب، بتاثير تعصبه، الى طريقة متعبة هي اشبه بالشجار منها بالنقاش الفكري، فجاء رده نزقا ومنفعلا وعدائيا واتهاميا فانطقني وقولني اشياء لم ترد لافي مقالي هذا ولافي اي كتابة اخرى لي. ومقالي المقصود هذا، كما قصدت منه على الاقل، ليس اتهاميا ولاتهجميا على مسيحيي العراق بدليل انه استدعى ردا في حينه من الاخ
( متي يونان ) اتسم بالهدوء والموضوعية، ورغم اختلافي مع بعض تشخيصات وتقييمات الاخ < متي> الا اني اعتبرت رده بمثابة استكمال للجوانب المنقوصة في الموضوع. لكن الامر مختلف عند الدكتور< فريد ايار> فهو قد خلط الامور بطريقة غريبة كما يحدث عند بعض الناس حينما تناقشهم بكلام وفكرة وهم يردون او يناقشون كلاما اخر وافكارا اخرى مختلفة تماما  موجودة في مخيلتهم  ويغلب عليها عادة الطابع الاتهامي والتهجمي تحضرهم  بطريقة غريزية لاشرطية ماان يطرح امامهم طرحا مغايرا للصورة الوهمية التي يحملونها عن ذواتهم وعن الواقع. فهذا الاعلامي العراقي اوحى في كل كتابته بانه اما لم يقرأ مقالي واما انه قرأ ولم يفهم فاختلط عليه الحال بما يشبه الذهان فصار يتحدث عن اشياء لاتمت لطرحي بصلة واوجد وشائج وروابط فكرية، في تفكيك مذهل للخطاب!، تصفني مع الاصولية الاسلامية. فكما يبدو ان الاعلامي هذا ليس لديه في تجاويف دماغه سوى صورة واحدة وانعكاس ثابت لها هي ان نقد المسيحي( وليس المسيحية حتى) هو من صنع اصولي اسلامي لاغير..
شكك الاعلامي العراقي بعراقيتي وباسمي ان كان مستعارا ام حقيقيا وكأن شخصي هو جوهر الموضوع وليس النص الذي كتبت والمضامين والحقائق والتحليل المتضمنة فيه. وشخصنة الخلاف والفكر هذه، كما هو معروف، هي نتاج لمدرسة بائسة في الفكر السياسي ديدنها التقصي والفضيحة ومسعى التسقيط.
 كذلك اتهمني الدكتور باني اسأت للمسيحيين في مقالي ويذكر بالنص(بذل الكاتب في مقالته، ان جاز لنا تسميتها بذلك( كذا)،كل جهوده واستعمل قاموسه في ايراد الكلمات التي تنبئ بالحقد والغيرة من المسيحيين وهو تصرف معروف في علم النفس يعكس شعور قائله ومدى عمقه الثقافي والاجتماعي وابتعد بشكل مثير عن ايراد كلمة واحدة ايجابية عن قسم مهم من ابناء شعبه.)
لاادري كيف يفهم ويعالج المرء هذه العبارة فاين مفردات الاساءة التي استعملتها حسب ادعاء الاعلامي هذا  فهو لم يطرح اي عينة من هذا الكلام والمفردات  ولاادري كيف ومن اين استخلص، وببساطة، ماينبئ عن الحقد والغيرة (هذه الكليشيهات العتيقة في الاتهام) ولا باي علم نفس يستهدي اعلامينا هذا  لشرح نوازع الحقد والغيرة  او تشخيصه لمدى (العمق الثقافي والاجتماعي) < حرام اذا فهمت معنى العمق الاجتماعي!!> ولا حتى كيف اني لم اورد ولاكلمة واحدة ايجابية عن المسيحيين، وكأن المدح و الكلام الايجابي فرض عين ومن ضرورات النقد. وكل هذه الاتهامات، طبعا، هي من نسج خيال الكاتب واوهامه، اذ يبدو ان نقدي استفز عصبيته الفطرية فاعماه عن رؤية الجانب الموضوعي فيه.  لهذا،  يبدو لي هنا، ان السذاجة والسطحية كانتا عائقا عقليا ونفسيا اعاق الاعلامي هذا عن فهم آلية النقد وعقليته مما دفعه للتطير وشطط الكلام.  فالنقد بجوهره هو بحث عن نقاط القصور والخلل والضعف في الواقع  ليحاول ان يطرحها في سياقها الموضوعي ليعثر على مصدر ومبعث هذا  الخلل في البنية العقلية والاجتماعية والنفسية للفرد والمجتمع. وعادة مايكون الموضوع محور النقد  مستلا من الظاهرة العامة، بعد الاشارة اليها وتحديد مظاهرها البارزة، ليوضع في بؤرة الضوء ليتم فهمه وبالتالي معالجته. ولاينبغي ان يفهم ان الجزء او الجانب( وهو الاقليات هنا) الذي يتركز عليه النقد والمعالجة مقصود لذاته وانه المعني دون الاخرين. وفي مقالتي المعنية تلك اشرت الى عنصر من عناصر الخلل الكبير في المجتمع العراقي المسؤول عن انتاج ظاهرة الاستبداد والفاشية وهو الصمت. واعتبرت المجتمع كله، بكيانيته المتعددة، مسؤولا عن هذا القصور وقلت ان من بين من اسهم بهذا الصمت هم الاقليات وخصصت ابناء الديانة المسيحية لاني كنت بصدد انتقاد موقفهم الضعيف والممالئ للنظام الفاشي في مسيرة العقدين الاخيرين كسياق وامتداد واساس لدعوة رجال الدين الاخيرة في حث النساء المسيحيات على التحجب تجنبا للعواقب السيئة لعدم الامتثال. اما اني لم اذكر كلمة واحدة ايجابية عن المسيحيين فبمراجعة بسيطة لما كتبت تؤكد العكس، فقد اشرت لدورهم الوطني واسهامتهم السياسية الواسعة لاسيما في صفوف اليسار الشيوعي، فضلا عن اني لم اقل ولاكلمة  ادانة او اتهام او انتقاص ضدهم خارج حدود متطلبات النقد، ولأني أحترم كيانهم واهتم بدورهم المفترض كفئة في المجتمع، قدمت رؤيتي عنهم ونقدي لهم. ولااقول هذا الكلام لأُرضي< الدكتور ايار>، فرضاه لايشغلني ابدا، وانما اقوله لانه تعبير عن موقفي الحقيقي. كما اني لم اكن بصدد المناقشة او الاهتمام بمسالة الحجاب بذاتها حتى يطالبني الكاتب بان اتمعن بها وان انتبه الى انها موضع خلاف. وهذا دليل اخر على فهمه المشوه لما طرحت.
 قد تكون معلومتي تلك( دعوة رجال الدين) غير صحيحة فهي من مصادر شخصية( مسيحية) وقد تكون استنتاجاتي خاطئة الا انها في السياق العام كانت وجهة نظر لاتستدعي ردود الفعل الفظة والاتهامية والتشكيكية والتحريضية في بعض ايحاءاتها من قبل الاعلامي العراقي كما فعل  حين تسائل، بطوية مريبة، عن ماافترضه نيتي في الدعوة للعنف حين قال( هل ان دعوة الكاتب لهم رفض مايقوم به السيد مقتدى الصدر هو القيام بقتال بعض الاخوة الشيعة.) وهو يعرف ان الدعوة للعنف  تخالف المزاج العام الان ويريد ان يلصقها بي ربما لتخويفي وابتزازي، وعموما انا لاادعو للعنف ولاافكر به، ودعوتي للمسيحيين كانت للاحتجاج العلني والسلمي في التظاهر واسماع صوتهم للراي العام لكسب دعمه وتضامنه وللابتعاد عن العزلة والانانية. كما ان تهويشات الدكتور هذه لاتخيفني او تشغلني، وانا فقط، كما فعلت في جل ماكتبت،  احث على اخذ الافراد وفئات المجتمع ونخبه  لدورهم الضروري  في سد الطريق على من يحاول السطو على حقوق الناس في بناء مشروعهم الوطني الذي هو بناء دولة المواطن والحقوق والعدل واستقلالية القرار والتعددية والقبول بالاخر، والذي يبدو ولنفس السببب الانف( السطحية والسذاجة) لم يستطع الدكتور تلمسه وفهمه في طرحي العام في ثنيات المقال فاخذ، محاولا بشكل بائس، السخرية والاستخفاف من ماقلت بهذا الصدد حينما ذكر ( وبحيرة نتسائل ماهو هذا المشروع الوطني الذي يتحدث عنه الكاتب).
هذا باختصار، ايها الاعلامي، الذي اخشى مااخشاه ان تكون اعلاميا من تربية المؤسسة البعثية  الفاشية، هو دور واهمية النقد.   فالناقد ليس واعظا ليفتي بالمحبة والتآخي فهذا شان رجال الدين والعجائز.  ولاادري كيف تكون اعلاميا (ودكتور بعد) ولاتستطيع ان تميز هذه البديهيات الفكرية الاولية. فالهتاف والشعار والنعيق الايدلوجي ليس من شان الكتابة النقدية. فالكتابة التهريجية على طريقة( على صخرة الوحدة... كذا .. تتحطم مؤامرات..كذا) قد ولى زمنها، ولو انك، كما يوحي وضعك من سدنتها حتى اني استغرب كيف لم يات مقالك تحت عنوان ( لمصلحة من تنعق.. كذا.. وكذا) مع هزة رأس مشبعة بثقل الدم على طريقة المأبون علي كيمياوي.
 وتجدر الاشارة هنا الى انه لايمكن المقارنة بين ماقامت به فئات اخرى من الشعب العراقي، رغم اسهامها بالصمت في مستويات واوقات مختلفة، مع صمت وضعف مواقف فئات اخرى في المجتمع ومن بينها الاقليات الدينية. وانتفاضة اذار 1991 كانت معيارا لدور فئات المجتمع والقوى السياسية في الاداء المعارض، من غير ان يعني قولي هذا باني اريد ان أُجير هذا الجهد المميز لصالح فئة دون اخرى، وجميع الوقائع في هذا الحدث اكدت على تقاعس بعض الفئات وبشكل اساس الاقليات الدينية في الاسهام بهذه الفعالية الثورية اما خوفا واما تزلفا وممالئة واما تطابق مصالح مع النظام البعثي. ولهذا السبب بتصوري صار ابناء الشيعة، وهم محقون، يتصدرون الشارع السياسي الان لدورهم الكبير في مواجهة الفاشية.. لهذا لايمكن للاعلامي العراقي ولالغيره، بتصوري، ان يوصم الجميع بانهم على نفس المستوى في صمتهم.
يشكك الاعلامي العراقي في امكانية معرفتي لاحوال المسيحيين العراقيين. والحقيقة انا لم اكن فيما مضى على اطلاع واسع على خلفيات ودواخل الحالة المسيحية الا بعدما شاءت الصدفة ان اعيش في منفاي السويدي في ضاحية كبيرة معظم سكانها الاجانب من المسيحيين من بلدان الشرق ومنهم مسيحيي العراق، وهذا الوضع اتاح لي فرصة جيدة للاطلاع على اوضاعهم وهمومهم ومشاعرهم ومواقفهم ازاء وطنهم واخوتهم في الوطن. وحين ذكرت ان بعض متدينيهم يعتبرون النظام الفاشي رحمة لهم لانه سمح لهم ببناء الكنائس، الامر الذي استهجنه< فريد ايار> وذكر تفاصيل مناقضة له متحسرا على ان النظام الفاشي لم يسمح للمسيحيين العمل في مؤسساته القمعية( الامنية)، اقول ان هذا الموقف ذكره لي احد معارفي من المسيحيين وقال امامي( بحكم الصداقة والثقة والتفهم) اشياء حميمة اخرى لايستطيع ان يذكرها امام مسلم وتعبر عن مشاعر ومواقف لاااحبذ ذكرها لانها تؤجج مشاعر الكره الطائفي والديني. وهذه ليست على العموم حالة فردية فهي لها امتدادها وعمقها الطائفي - الايدلوجي عند اليمين المسيحي، الا اني  اتفهم دوافعها المتكئة على خلفية الاضطهاد والتمييز الاجتماعي الذي عانى ويعاني منه المسيحيون. واكيد ان الدكتور( لانه احد المتعصبين) يدرك ويعرف كيف يفكر هؤلاء.
اما الخلطة المدهشة التي تفتقت عنها نباهته الفذة في اعتباري مرة رديف للفكر الاصولي السلفي ( بن لادني) ويذكرني باني اعيش في بلد مسيحي كافر مسقطا نظرة ومفردات الاصوليين الاسلاميين علي( وبالمناسبة فالسويد ليست بلدا مسيحيا كما يقسم الدكتورالبشر، فهي بلد ومجتمع علماني ولاتاثير او صفة للدين، مسيحي وغير مسيحي، فيه). ومرة اني اذكره بقناصل النظام السابق لانهم يكرهون العراقيين المهاجرين، فهي خزعبلات وسقط متاع لايجب الرد عليها لانها مخالفة للواقع وهي تهويمات لخيال مضطرب في رؤية المواقف ومن نتاج الصور الذهنية الجاهزة لدى الدكتور يوظفها عند الحاجة للقمع ، وهي عموما مخلفات عهود بائدة ولاتقلق احدا. 
 
 
السويد

‏2003‏‏-‏10‏‏-‏31‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي