الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مجرم الساحل
كازيوه صالح
2003 / 11 / 2الادب والفن

قصة : كازيوه صالح يمكن أن يكون ، يمكن أن أكون أنا القاتل أو القتيل . لست اعرف ، المهم هو أنه يوجد الان حبل يربط القطبين معاَ . بين هذين القطبين تتمتع بالحرية في بعض المسائل الثانوية ، وفي هامش الحرية تلك ترى المحتال صالحاً، وغيره قاتلآ أو قتيلا . دمشق 21/6/2001 السطور التي حددت بالخطوط المسحوبة تحتها ، تمت صياغتـُها بناءاً على مغزى أسطورة هندية .
ترجمة : عبداله قره?داغى
- هل قتلتيه أنت ؟
- لا أعرف !
ولكن لست افهم إن كان القاتل يتلذذ بعملية القتل أو القتيل .
رغم أنه لافرق لدي بين أن أكون قد قتلته بنفسي أو كنت أنا سبب مقتله ، رغم أنى لا أعتقد بأنه قد قُتل ، أو أني لا أريد أن اصدق ذلك ، لاْن فناءه صعب جداً بالنسبة لي ، لانني كنت أحبه كثيراً ، أكثر مما يتصور ، يمكن القول بأنه كان أثمن شىء في حياتى ، وكان بالفعل هكذا . لقد كان أنسي وسلواي الوحيد في وحدتي وغربتى هذه .
من يصدق بأن أقتل أقرب كائن من نفسى !؟
مازاال شك عينيه الدامعتين الساحرتين شاخصا امام عيني في كل لحظة فحين كان يحتظر ، كان ينظر الي بوجوم . ربما كنت أحسده ، والآمر هو كذلك بالفعل . كنا ننوي القيام برحلة الي ساحل البحر تستغرق يومين ، حين تحركنا كانت الساعة تشير الى الثانية بعد منتصف الليل ، كان الظلام يحول دون رؤية الاشجار بوضوح . لم تغب عيناي عنه حتى الشفق . أما حين حَل النهار امتلاْت أقداح نظرات الجميع بنور الجمال . حين كانت خيوط النور تغمز الأشجار وترسل عبر اغصانها اشعاعاً فضياً كان يسلب الاوراق حركاتها ويحملها على تحريك رؤوسها في إيماءة ركوع . حتى لحظة غزو الضياء للفضاء كانت كتل الجليد تنثر دلال بياضها على الليل فأحالتها الضياء إلى قطرات منسكبة من الحليب . وحين مالت النجوم إلى الانطفاء شيئاً فشيئاً أصبح موقع القمر حرجا وقلقا تماما . وحينذاك: امتلكت أشعة النهار الفضية الطبيعة في عقد زواج أبدى . أنذاك عرفت بأن الفجر ضرة لا شفقة لها لليل ، وكما يسحب الليل بمجرد حلول الضياء ، كذلك فانه قد أوجد لي ضرة وكان ينبغى أن أنسحب .
أجل ، كان كذلك . حين استيقظت كانا قد اندمجا معاً وهما ينظران إلى الاشعة الفضية من خلال زجاج السيارة بلهفة اكبر من لهفتنا في النظر .
لماذا أفكر في مقتله الى هذا الحد ؟ هل يمكن ان لا امتلك الحق في قتله ؟ وفيم ينبغي أن يكون لي ذلك الحق ؟ هل لاْنني أحبه اكثر من أي شئ أخر ، وكما يقال بحق فان الحب يقرب الانسان من القتل ؟
أه ، فان التفكير في شكل موته يصيب روحي بقشعريرة موت رهيب – لايمكنني اقناع نفسى بأنه قد مات.
ألا دهى هو ان احاييل ونزوات الـ ( مدام كلودين)، التظاهرية كانت قد سحبتني الى عالمها ذلك العالم الذى لامحل فيه الا لغرض الذات والتحميل .. ان اسلوب مشيها وتمايلها الى الجانبين ونظراتها المغرورة يصيبنى بالجنون ، اما ما جعلنى ابتسم فقد فقد كان بسبب الملابس التي كانت قد ارتدتها للشاطئ .. كانت ملابس احتفالية شرقيه تماماً : بنطال شارستون طويل وكنزة من الكتان ملتصقة بالجسم كاملآ ، مع صديرية من الشيفون الشفاف ، غير عادية وطويلة الى حد أنها كنت تلامس الجزء العلوي من احذيتها ذات الكعب العالي واٍلراْس الحاد كانت قد نثرت شعرها ، وكانت شلة من المراهقات حولها تتناوب في ملامسة خصلة من شعرها والانتقال من ذلك الي حليها وتقدير قيمة ملابسها . كانت قد ربطت كلبها الصغير المشعر بحبل وهي تسير وراءه ، وتركض أحياناً وراءه ركضة ملؤها الدلال . كانت احدى المراهقات المتجمعات حولها تروي عن أمها : ( المدام كلودين من أحفاد ذلك الهندوسي الذي اختار قرية نائية للسكن مع زوجته . لم ينجب الزوجان طوال سنين عديدة وبعدها انجبا ثعبانا . و رغم ان اصدقاء العائلة ومعارفها نصحوهم كثيراً بضرورة قتل الثعبان وانقاذ أنفسهم ، الا أن الام بقيت تمتنع عن ذلك وتربيه بحب وحنان الامومة وتجوب الدنيا بحثاً عن زوجة له ، واخيراً وفقت) . وهاهي الحفيدة اليوم تتدل حتى على الارض .
كانت تتمشى هذة المرة على الشاطئ وقد ربطت كلبها بحبل ملون طويل ساحبة أياه وراءها . كان الكلب يحاول الافلا ت بتجاه ( طونى ). وأخيراً انسجم الاثنان الى حد انهما انسلا تحت الصخور القريبة من الشاطئ، والتي شكلت أفياءاً صغيرة . ولم تكن المدام كلودين منتبهة الى الغيرة التي داهمتنى ، كما لم تنتبة الى كلبها الذى استولى على انيسى الوحيد تماماً .
وأنى لها أن تنتبه والمدام قد استولت على الشاب الوسيم الوحيد على الشاطئ ، وبسبب وضعهما الخاص غاب انتباههما حتى عن مبعدة شبر واحد عن موقعهما . وأنا أيضاً ، غاب انتباهي حتى عن شعورى كمداً على ما وجدته لدى الطرفين . وحين اقتربت منة ، كان ثمة صخرة ملقاة على رأسه كان كلب المدام يدور حوله ويعوى عواء انتحاب .
ورغم أن قلبي كان يعنضر ، الا أنني لم أغير وضعي ولم أحاول انقاذه . انتهى تحت وطأة الصخرة تماماً وأخرجوه . ورغم أن أختي قد أخبرتني بان ال ( ورام ) هى التي قد فعلت ذلك ، الا أنني ، وقبل أن افلح في السؤال منها : كيف ؟ ، ايتهمتني المدام كلودين قائلة :
أنت لا تدركين حتى ما تتفوهين به . كان طونى وكلبي يلثمان بعضهما فانطلقت أنت نحو الصخرة والقيتيها عليهما ، فحال القدر وحده دون اصابة كلبي .
انني لا اعرف حقاً .. يمكن أن يكون الامر كذلك ، لكني لا أعرف ماذا فعلت .
الشيء الوحيد الذي أعرفه هو أنني ساحتفظ بالحبل الذي كان مربوطاً بعنقه منذ اللحظة التي اخترت فيها الحياة على الشاطئ حتى الموت ، وسوف اسور به عنق آي كلب أخر لانه سوف لا يكون اكثر وفاءاً من ( طونى ) .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. توقع لفنانة حول كارثة مدمرة في اليابان يثير زوبعة في البلاد.

.. السيدة الأنيقة أيقونة الرُقي والفن ?? ذكرى رحيل الفنانة القد

.. تأملات - الأدب بين ويلات الحرب والسلام

.. أغنية الوداع من أم كلثوم لجمهورها.. آخر أغنية على المسرح

.. صور نادرة جدًا لأم كلثوم
