الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قربان الطائفتين

حسام السراي

2007 / 10 / 25
الادب والفن


"قد تكون صدفة تأتي خارج إرادتك، فلا تعرف من أين تكون ...إنها الصدفة ذاتها التي قد تجعلك حشرة قبيحة أو إنسانا شجاعا”
رؤوف بيكرد، قصة “كم يليقك هذا الزي "
لا بد أن يتسم الحديث عن الطائفة والدم المسفوح لأجلها، بكثير من الجرأة والإقدام على التشخيص الدقيق لمضاعفات ذلك، فها هي صدفة التغيير التي جعلتنا على مفترق طرق بين القبح والشجاعة، قد فتحت الباب على مصراعيه للبدء بعهد العروش الطائفية، لذا نجده طبيعيا أن يتعاظم الاستشعار بالخطر المهدّد للكيان الوطنيّ، حينما يصبح الخطاب المحصور بطائفة ما، ليس مجرد راوٍ لخصالها وطقوسها، بل منتجا لعنف لانهاية له،لا بديل عندها لتجاوز وتلافي عواقبه، إلا بتفكيك الهواجس الجالبة للخراب والسابية للعباد، مهما كان شكلها، دينياً، عرقياً، طائفياً، قومياً،لأن ما يحصل هو نتيجة طبيعية لسياسات حركات إصطفائية، فالإصطفائيّ بنظر "علي حرب " : المعتقد بصفاء عنصره ومعتقده والذي يتعامل مع نفسه بصفته الاحق والاصدق والافضل، ينتمي وحده دون سواه الى الفرقة الناجية، يزدري غيره تماما كما ينفي العالم . ونحن نعرف إن ممارسات أمة، مجتمع، مذهب، طائفة، تشبه في حالها الترجمة، بخيانة المترجم لاصول النص، ومطبق الممارسة لمضمونها الاساس، فالانتهاك حاصل لامحالة.
هذه هي الاشكالية المفزعة التي تواجه العراقيين في عراق مابعد صدام ،وكأن الموضوع يخضع لعلاقة التناسب العكسيّ أما دولة مستبدة حاضرة وكبت طائفيّ ، أو دولة ضعيفة غائبة على الاغلب وإطلاق ومقاتل طائفية .كل هذا الضياع المجتمعيّ والمثقف لم يتمترس بعد خلف طائفة يؤسس لها بخطاب فيه من الوسطية والحياد الكثير، بعد ان بدت تمظهرات الإنتماء للطائفة والتزمت فيه، قد تسربت الى كل مفاصل حياتنا اليومية، فالمناطقة العرب ميزوا بين أربعة انماط من الوجود: في الاعيان تمثله الوقائع والظاهرات، وفي الأذهان تمثله التصورات والمفاهيم، فضلا عن وجود في العبارة يتشكل من اصوات ومنطوقات، وفي الكتابة على هيئة علامات وحروف، ووجود الطائفية الخانق تجسد بكل ما سبق، دما واجسادا مفخخة،عداء وضغينة مجتمعية، منابر تصعّد من روح الكراهية في نفوس مؤدي الفرائض، شعارات جاهلة على الجدران تتوعد الغريم الطائفيّ.
لنا ان نقول أية طائفة نحتمي بلوائها تحت ذريعة الإنتماء للوسط الثقافيّ العراقيّ، ونظام الاخوانيات ماض فيه على قدم وساق، وجُل مشاريعنا لاتتجاوز أن تكون تجسيدا لطموحاتنا الشخصية ،فكيف نبدأ بمسائلة الطائفية كمرض يلف المجتمع ويسحق اوصاله المتهرئة، أو كيف نقيس حجم الذات الطائفية المختبئة في دواخلنا، ولم نملك حتى اللحظة أولئك العباقرة الذين تحدث عنهم عبدالله القصيمي، بما" يمكن ان يهبوا الحياة من قفزات جديدة، يجيئون كولادة الشيء من غير ابويه أوكولادة الشيء نقيضا لأبويه ،حتى لايصبح الإنسان أكثر الكائنات بلادة وتعاسة وهوانا ".والعبقرية هنا لاتتعلق بمنجز او تجربة ما، إنما بريادة مشروع إصلاحي ،لابأس أن نقدم من اجله الدماء، بطرح اسئلة الحقيقة التي تسهم في إيقاف الكتابات والقراءات الساذجة الداعية في ظاهرها للمحبة والتسامح من اناس ليسوا بمثقفين، اقحموا اسماءهم عنوة في الثقافة العراقية، وفي غفلة من امر البلاد المهدورة، ها هم يُكفّرون "كذبا "عن ذنب إتيانهم تحت لواء الطائفة (س) او (ص). ويجوز هنا الإستدلال على ضرورة قيادة المشروع الذي اشرنا إليه من قبل تيار او حركة ثقافية عراقية، بما واجهه الشيخ المفكر علي عبدالرازق من قطاعات محافظة في أنحاء مختلفة من العالم الإسلاميّ، والذي كان كبيرا إذا ما قورن بما لاقاه مشروع المشروطيين في العراق، رغم إن أصحابها وهم نخبة من أهل الفكر والثقافة، جوبهوا برفض أسراب العوام الذين تمّ تحريكهم تحت ذريعة الانتماء للدين، بيد أن المشروطية استطاعت الإعلان عن نفسها بقوة والاستمرار كحركة لمدة من الزمن، بالتالي يكون مجال إنتشار أفكار الحركة ومدى بقائها فاعلة على الارض أكثر من ان يغدو المشروع بيد فرد لوحده مهما بلغت درجة وعيه وندرة ارائه.
علينا وامام التأريخ وفداحة الموقف الذي نمر ّ به اليوم ، إتباع اسلوب نقد النقد، مادامت إطلالة السياسيّ والإعلاميّ لم تجلبا لتمثلات الطائفية ونهجها المحاصصي، سوى مزيد من الإتساع والاضطراد في كل ميادين المجتمع، بمعنى الإنتقال الكليّ من نقدنا للظاهرة الى نقدنا للطريقة الفجّة التي يتمّ التعامل بها معها، ذلك إن السياسيّ والإعلاميّ لايسمح لهما كيانهما المليء بالمناورة والتهويل والإفتراء (بمعزل عن الأخلاقيات المثبتة على الورق )، بالخروج على السياق العام، فهما منخرطان في الواقع لاخارجا عنه، إن رُفضت الطائفية رفضاها وإن قُبلت قبلا بها، ضمن إطار المنظومات والمؤسسات التي يتحركون من خلالها .
وبالنسبة لهويات وجدنا انفسنا عليها منذ صرخاتنا الاولى بوجه العالم، لايمكننا التخلص منها بالمنظور الواقعيّ، هي تلاحقنا بالفطرة وإن ألقينا عليها يمين الطلاق، لكن لنا ان ندوس عليها إذا ما دفعتنا الى رفض الآخر وحجبت عنا مجالات التحرروالإنعتاق من الإنتماء الضيق لها، وأمام علانية مجاهرة ارباب الطوائف بعدائيتهم للثقافة والفنون وللمشتغلين فيهما، لاشك ان تكون لطائفة المثقفين، والتي تقام على انقاض حروب ملوك الطوائف الاخرى واتباعهم ، صفات خلاصية وجنان دنيوية تتحدد بصفاء إنسانية المنتمين لها وركلهم ادران التاريخ المحفِّز للقطيعة ومخاتلات تصريحات المتصارعين في تصالحهم، طائفة تفضح من لايريد إختراق مملكته الواهية المبنية على الزعيق والصياح، لاتسكت عن الأنين او تستعبد أهلها، بغيره ستبقى طائفتنا مذبوحة، تقدم أُُُضحية وقربانا لشهيق المتناحرين كل ساعة.وسنشهد نحن الإغتراب "الهيغلي " بتعبيره الالماني Entfremdung في كتابه Phenomenology of mind، حيث اللاقدرة والعجز عن فعل أي شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع