الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا بين المراوحة في القديم وخيار السير نحو الحداثة

سامي بهنام المالح

2007 / 10 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


صعب على تركيا ان تهضم قرار لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الامريكي باعتبار احداث عام 1915 وما جرى للارمن ابادة جماعية منظمة. واذ ثارت صخبا ورفضا كما فعلت من قبل حيال قرارفرنسي مماثل، فهذا مؤشرعلى اصرارتركيا، بحكومتها الاسلامية المعتدلة وعساكرها المتشددين واحزابها العلمانية التركية القومية، ان تبقى اسيرة ازماتها التاريخية المزمنة، لاتجيد التقدم بجرأة نحو الديمقراطية الحقيقية والحداثة.

ان اصرار تركيا على معالجة ازماتها وحل مشاكل الاقليات، من خلال رفض الواقع القائم واعاقة تطوره، وعدم ابداء الرغبة والاستعداد في مراجعة الماضي والتقييم الموضوعي والجاد للتاريخ، وارهاق الدولة والمجتمع ببناء المزيد من الثكنات وتحريك الجنود واستعراض القوة، ما هو الا خيار تعميق واشتداد الازمات؛ المزمنة منها، والحديثة ايضا، كتلك المتعلقة برسم علاقة عقلانية بين متطلبات الديمقراطية وضمان حقوق الانسان الاساسية، وترسيخ تقاليد وثقافة تحاكي وتنسجم مع تقاليد وثقافة المحيط الاوربي العلماني المتمدن الذي تسعى الى ولوجه.
ان التقدم نحو الانتماء الى الاسرة الاوربية وبناء الدولة الحديثة وتعزيز الديمقراطية، التي لابد من التضحية بنقيضها المكبل ثمنا لقطف خيراتها، يتطلب الجراة والاقدام والارادة والانفتاح، ويستوجب البحث عن الحلول التي تعززالوطنية التركية وتضمن الشراكة في بناء المستقبل، وتهييْ البيئة التي تضمن الاستقرارالسياسي والاجتماعي وتؤسس لنمو اقتصادي مضطرد، وتطويرعلاقات اقليمية مستقرة وبناءة.

فأوربا لاتخجل من ماضيها، وهي حاكمته بعلمية وبعقلية جديدة وعينها على المستقبل، وهي تتحرك اليوم الى امام نحو الوحدة والتكامل الاقتصادي والتضامن وضمان الاستقراروالسلام وتلافي تكرارالماسي والحروب. اوربا سائرة الى امام بخطى حثيثة بعد ان حددت جدول اولوياتها باحثة عن الحلول الناجعة لكل ما يعيق توفيرالحرية والكرامة والحياة الرغيدة للانسان المواطن.

تركيا تقف اليوم امام خيارتاريخي. البقاء في دائرة التازم الداخلي وتغذية الوطنية التركية القومية، ورفض الاستجابة لمتطلبات واستحقاقات الحداثة، والتلكؤ في استثمار انجازات التعاون والحواروالاعتراف بحق الشعوب في تقريرمصيرها، والهروب من دفع فاتورة الانتماء الى الاتحاد الاوربي وبالتالي استفحال الازمات والتأخرعن ركب الحضارة والتطور، ام اللحاق باوربا وبهمة وجرأة واعتماد السلام والحوار لضمان حقوق جميع المواطنين وحل كل الازمات والاحتقانات الدينية والقومية والمؤسساتية، بحكمة، من دون اي حنين للماضي، وبالتخلص من مشاعر الاستعلاء القومي والغاء الاخراو السعي الى خنقه وسحقه تحت اقدام الجندرمة وعجلات الدبابات.

ثمة مؤشرات ومحاولات مشجعة شاهدتها تركيا في السنوات الاخيرة، منها الاعتدال في حل اشكالية الدين بالدولة، ومحاولة انقاذ هيبة مؤسسات الدولة الديمقراطية من سطوة الجنرالات، وتاكيدات قادة حزب العدالة على التمسك بالشرعية والعلمانية وقواعد اللعبة الديمقراطية.
غيرانه وللاسف ثمة تراوح ونزعة للتشبث بالتقاليد والتراث المثقل القديم ذات جذورعثمانية، مؤشرات محبطة، منها ما تجسد الاجماع التركي على خياراستخدام القوة والتهديد، والقفزعلى الواقع لمعالجة الملفات الساخنة التي تتعلق بحقوق القوميات والاديان، والاعتراف بجرائم الابادة الجماعية للارمن والمسيحيين من الكلدان الاشوريين السريان في عام 1915 ، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الجارة وحرية الرأي والتمييزغيرها من الملفات.

خيار تركيا، سيؤثرحتما، تاثيرا كبيرا ومباشرا على مجرى الاحداث وتطورالاوضاع في العالم الاسلامي برمته، وبشكل خاص على مستقيل المنطقة. فلنترقب!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير