الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدوان التركي على أهالي كُردستان من إفرازات الاحتلال الأمريكي للعراق

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2007 / 10 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


وأخيرا نفذت الحكومة التركية تهديدها بالعدوان على أهالي كردستان العراق بعد أن صدق البرلمان التركي بأغلبية كبيرة على مشروع قرار يجيز للقوات التركية التوغل داخل الأراضي العراقية لملاحقة مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض. وقد جاء التصويت على القرار على الرغم من الضغوط الدولية، خاصة من جانب الولايات المتحدة والعراق اللذين دعيا تركيا إلى ضبط النفس.
وكانت تركيا قد تعهدت كما جاء على لسان أكثر من مسؤول تركي ، بـ"دفع أي ثمن" من أجل إلحاق "الهزيمة بالإرهاب" بعد أن صدق البرلمان على مشروع قرار يجيز للقوات التركية التوغل داخل الأراضي العراقية لملاحقة مسلحي حزب العمال الكردستاني. وإن" الثمن" واضح ما يعني، لكل متابع لأوضاع المنطقة هو التحالف مع أمريكا.
فأكراد تركيا مثلهم مثل بقية الأكراد ، و منذ فترات طويلة يعانون إضافة إلى الاضطهاد و الغبن القوميين في ظل دولة قومية متطرفة ، يعانون من الصراع القومي و الحروب القومية بين الأحزاب القومية الكردية و بين الحكومات التركية والشوفينية القمعية.
وإن القتال الدامي بين مقاتلي ب ك ك القوميين وحكومة القمع التركية قد اندلع منذ أواسط ثمانينيات القرن الماضي يستمر حتى اليوم. ويتخذ ميليشيات ب ك ك منذ إعلان الكفاح المسلح من المناطق الحدودية التركية السورية العراقية الإيرانية مواقع لهم، وكانت لهم مقرات في مدن كردية و حتى في بغداد وذلك بواسطة عناصر متعاطفة معها من أكراد عراقيين ، وتنظيمات واجهة لحزب العمال الكردستاني.
و الجدير بالذكر أن القوات التركية اجتاحت مرات عديدة الحدود العراقية بحجة مقاتلة قوات حزب العمال الكردستاني ، وقصفت قرى كردستان بالمدفعية والأسلحة الثقيلة و حتى بالمقاتلات، وكان النظام البعثي السابق قد أجاز للقوات التركية بالتوغل إلى عمق 20 كيلومتر إلى الأراضي العراقية، وفق اتفاق أمني مبرم بين الحكومتين . ويبدو أن هذا الاتفاق لا يزال ساري المفعول.
لكن هذه أول مرة يجيز البرلمان التركي للحكومة التركية رسميا بشن الحرب على مقاتلي الكردستاني باجتياح كردستان العراق، تشبها بأمريكا حين دكت طائراتها وصواريخها أفغانستان لمعاقبة مرتكبي جريمة 11 سبتمبر 2001 الإرهابية في أمريكا.
ويأتي القرار التركي في وقت يمر الشرق الأوسط تحولات خطيرة ، ما يجعلنا أن نعتقد أن عامل مقاتلة ب ك ك وحده لن يكون تفسيرا للسياسة الرسمية التركية الأخيرة، وبعد أن انتقلت أغلب السلطة التنفيذية و القانونية الحكومية إلى أيدي التيارات الإسلامية، و تعززت علاقات التعاون والتنسيق في مختلف المجالات بيت تركيا وسوريا وإيران بشكل لا سابق له.
إن السياسة التركية هذه تأتي في ظروف كانت القوات الإيرانية في الأشهر الماضية تقصف ولمرات عديدة المناطق الكردية في كردستان العراق بذريعة شبيهة لذريعة تركيا ، ألا هي تصفية وجود ميليشيات بزاك .pjak . ,والتي هي واجهة كردية إيرانية لحزب العمال الكردستاني ، وتتلقى دعما ماليا وعسكريا من القوات الأمريكية المحتلة للعراق للقيام بعمليات ضد القوات الإيرانية ، وكذلك سوريا تساند القرار التركي لعلاقاتها المتينة في الآونة الأخيرة مع تركيا وإيران. إن الدعم الأمريكي المكشوف لبزاك والذي يعتبر دعما لبكك أيضا، صدق البرلمان التركي بأغلبية كبيرة على مشروع قرار يجيز للقوات التركية التوغل داخل الأراضي العراقية لملاحقة مسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض.
وقد جاء التصويت على القرار على الرغم من الضغوط الدولية خاصة من جانب الولايات المتحدة والعراق اللذين دعيا تركيا إلى ضبط النفس يفسر أسباب اختفاء كميات كبيرة من الأسلحة الأمريكية في العراق. لذلك إن إجراءات التنسيق والتعاون بين حكومات سوريا وتركيا وإيران هي لأغراض عرض العضلات أمام أمريكا ومحاولة ابتزازها ، أكثر مما تتعلق بوجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
و التقارب بين الحكومات الثلاثة يتم تفسيره ضمن إطار سياسات النظام العالمي الجديد و التغيرات الجارية على المنطقة، و
الفشل الأمريكي في العراق و توسع دائرة الإرهاب الإسلامي وجرائمه البشعة فيه، إضافة إلى الأزمة النووية الإيرانية و تفاقم الخلافات الأمريكية الإيرانية واحتمال نشوب نزاع مسلح بينهما، كل ذلك يعتبر من أهم العوامل التي قربت أكثر بين الحكومات التركية والإيرانية والسورية.
وفي ضوء التطورات الأخيرة، يجب النظر إلى تركيا في سياق كل التغيرات الحادة والتحولات العميقة بما يتعلق بسياسات أمريكا والغرب وإسرائيل. الحكومة الإسلامية التركية انتهزت هذه الفرصة و في هذه الأوضاع السياسية الشائكة لكي تمارس ضغوطا على حليفها الإستراتيجي التاريخي ، أي أمريكا لتتوقف عن مد العمال الكردستاني بالمال والسلاح، و أن تتراجع عن إثارة قضية مجازر الأرمن في فترة حكم آل عثمان، مثلما سكتت عنها من قبل، والأهم من كل ذلك أن تركيا عبر سياستها الأخيرة تريد كسب الحركات الإسلامية إلى جانبها، ما يشكل ضربة كبيرة لسياسة أمريكا التي تعبت على تربية و تنشئة الكثير من هذه الحركات الإسلامية لمواجهة قوى التقدم والشيوعية واللبرالية والإنسانية، و لأغراض بث الفرقة والشقاق و التخلف بين الشعوب.
باتت تركيا اليوم تجرب حظها في مواءمة سياستها مع أمزجة الحركات الإسلامية السياسية، بدلا من التنسيق مع السياسة الأمريكية والتعاون معها ودعمها مثلما عملت دوما من قبل.
و في نفس الوقت تعطي الأوضاع المرتبكة في العراق فرصة مواتية لتركيا لممارسة سياسة القمع على معارضيها، و لممارسة ضغوطات على السلطات الكردية في كردستان العراق والأحزاب القومية الحاكمة لإخراج حزب العمال الكردستاني و مقاتليه من كردستان العراق و بقية الأراضي العراقية، وهذه الضغوطات هي ذات حدين ، فهي تأتي متواقتة على أمريكا و السلطات الكردية في كردستان العراق .
إن هجوم تركيا على كردستان العراق له علاقة ضعيفة واهية بتواجد حزب العمال الكردستاني، فالمسالة الأساسية هي فشل سياسات أمريكا في المنطقة، وبروز روسيا و الصين كدولتين رأسماليتين كبيرتين تهددان مصالح الولايات المتحدة الإستراتيجية ، ومن خلال هذه الأوضاع كان من الضروري لإيران و تركيا، وبالتنسيق والتعاون مع النظام البعثي السوري محاولتهما السيطرة على كردستان العراق أو إملاء أجندتهما المستقبلية على السلطات الكردية ، و فرض سياستهما على أمريكا وابتزازها ، والذريعة الوحيدة لتبرير الهجوم التركي هو تواجد قوات الحزب العمال الكردستاني في كردستان العراق، و فرعه الإيراني في كردستان إيران وقد كانت قوات حزب العمال الكردستاني متواجدة في كردستان العراق لأكثر من خمسة عشرة سنة.

إن المتضررين الحقيقيين لحد هذه اللحظة من العدوان التركي والإيراني من قبل، و تحركات الحكومات الدكتاتورية في المنطقة ، والصراع القومي بين القوميين الكُرد و الترك والفرس هم الأهالي الأبرياء من سكان قرى وقصبات كردستان العراق، وكادحي المدن الذين يعانون أصلا من تفاقم أزمة الغلاء و الصعوبات وافتقار الخدمات الصحية والاجتماعية والضرورات الحياتية الأخرى .
فهذه التحركات العسكرية و السياسات العدوانية لهذه الأنظمة لا تخرج من إطار سياسة النظام العالمي الجديد، و إنه لا بد لقوى التقدم و التحرر والإنسانية الوقوف بوجه العدوان التركي و السياسات والشوفينية للأنظمة الحاكمة في المنطقة .
وإنه لا بد من التنبيه أن الأحزاب القومية الكردية ، كعادتها، تقوم بتجيير غضبة الجماهير الكردستانية لصالحها و استخدامها للتضليل و قلب الحقائق. فهذه الأحزاب كانت أكثر من أي تيار سياسي آخر عاملا لترسيخ السياسة الإمبريالية في المنطقة، ولم تجلب للجماهير المحرومة غير المزيد من الفقر والحرمان و البؤس و الخيبة. و إن العدوان التركي و الإيراني على أهالي كُردستان هو إحدى أخطر عواقب الاحتلال الأمريكي وسياسة الهيمنة الإمبريالية الأمريكية والغربية على العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين وفريدة.. قصة حب وتفاصيل مضحكة بسبب فروق عادات الجزائر و


.. التصق جلده بعظمه.. والدة طفل يعاني من الجوع في غزة: أفقد ابن




.. إسرائيل وإيران.. حلقات التوتر


.. تقارير: إسرائيل ستبقي جيشها في قطاع غزة لأشهر حتى العثور على




.. احتدام المعارك في ولاية -سنار- بين الجيش السوداني و-قوات الد