الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوكازيون.. وسامة ودسامة ..!!

محاسن الحمصي

2007 / 10 / 27
كتابات ساخرة


تعودت أن أصحو كل يوم على زقزقة العصافير وهديل الحمام
الذي يأتي أسرابا ، ينقر نوافذ وشبابيك بيتنا .. ليلتقط كسرات الخبز التي تفتها يد أمي الحنونة في الليل وتمدها على المصاطب مع طاسات الماء قائلة : " إن الطيور في الصباح تبشر بالخير، وتوّحد الرحمن، ومن يطعمها يرسل له الله الرزق إلى عقر داره وييسر أمره .." . وهذه الأسراب الجميلة لها طقوس وقوانين خاصة .. يأتي أولا الحمام وهو الأكبر، يتناول كفايته ويطير ليقف على شجرة الجوز الشامخة يتلمظ ويبدأ في تبادل الغزل و الحب على شبع.. و العصافير الصغيرة تحوم حوله تنتظر الدور.. إن اقتربت هاجمها بجناحيه وكشها ، فما أن ينتهي حتى تحط مكانه ، وتكمل الفتات .
مشهد يومي يشدني نحو الشرفة لمراقبة الحب ، وقانون الغاب المتبع حتى بين الطيور .. لا يفسده إلا صوت زوامير باصات المدارس المتتابعة ، التي تقف أمام العمارات تجمع الأطفال النصف نيام في السادسة صباحا (قبل الشحاذة وبنتها) ، فتطير هذه الأسراب مفزوعة و يد السائق تقلب محطات الراديو على أغاني (الهيشك فيشك) وهو (رايق) ومطروب مع كاسة شاي وسيجارة.

حملت فنجان القهوة ،أشعلت سيجارة وقلت في نفسي : " ( خيييييييي) اليوم عطلة لا باص ،لا شوفير، لا ضجيج يكسر نافوخي .. ويخزق طبلة أذني ، ولا إزعاج يضرب على وتر حساس
من أعصابي .." .
يا دوب رددت : " يا فتاح ياعليم"، وفتحت باب الشرفة ..حتى رأيت رجالا يصطفون كطابور مدرسي ، يعانقون الأشجار أمامي .. يطلون علي ، و كل واحد منهم يهم برشفة قهوة من يدي المرتعشة .. (بحلقت ) ، والتفت ذات اليمين و ذات اليسار ، هالني المنظر :" متى وكيف ومن أين جاؤوا ؟ " .
الوسيم ، الغامض ، العابس ، الأصلع ، الملتحي ، الحزين ،المبتسم ، الشاب ، (النص عمر) ،
أبو عيون جريئة ، وأبو نظارة .. كل واحد منهم يُعرّف على نفسه بالاسم المخطط على بدلته الاورجينال بالأبيض ،الأحمر ، الأخضروكافة الألوان المشعة ..
كم أنا غبية نسيت أنه قد بدأ الأوكازيون.. وطلقة البداية نحو القبة الخضراء قد أطلقت مساءا ،و حمى المنافسة اتخذت طريق (الهاي واي) في احتلالِ مشروعِ للشجر والحجر والجسور..
ارتديت ملابسي على عجل ،ضربت سلف ، وسرت في الشوارع قبل دخول زحمة السير الخانقة :
" ياااااااااه . ما أجمل عمان .. !! "
بين يافطة ويافطة.. يافطة ، بين صورة وصورة .. صورة ، ما شاء الله مثل( بذر البقلة ) ، هذا طبعا في منطقتي ودائرتي الانتخابية فقط فما بالك بكل المناطق .. وما أكثرهم اليوم وغدا ، و( في الليلة الظلماء يفتقد البدر ) !!
قدت السيارة على مهل ، وأنا اقرأ الشعارات المرفوعة ..
من حقي أن أقرأ الوعود والعهود ، وأتفرس في الوجوه التي ستلازمني لمدة أربعة سنوات طويلة :

محاربة البطالة ، ملاحقة الفساد ، العدالة ، حقوق المواطن ، الإنسان أغلى ما نملك ، المساواة بين
المرأة والرجل ، لا لرفع الأسعار الغذائية والنفطية ، مع طرد المحتل والعودة لحدود 67 ، مع الإخوة في العراق .. لا سلام مع إسرائيل ،لا تطبيع لا. لا. لا ..!!
معظم الوجوه مكررة في المجالس السابقة حضورها وعدمه واحد ..
ووجوه شابة لم نسمع بها سابقا ، لكن أغلب الظن أن حضورها واختيارها سيكون من الصبايا والنساء .. لعل وعسى إن لم تنجح في حل المشاكل وإثبات الوجود على الأقل تفتح النفس
وتضخ دماء شابة ومعتبرة أمام كاميرات التلفزيون والصفحات الأولى للصحف.. ثم من قال إن الأردن مديون لنادي باريس ، ونادي لندن ، والبنك الدولي .. سبحان الله .. المال يتدفق والبذخ الإعلاني يبدو واضحا فكم من مستفيد ؟!
أمانة العاصمة ، الخطاطون ، مصانع الدهانات ، أصحاب أقمشة الخام ، الصحف ، المطابع ، المصورين ،الحلواني ، القهوجي ، الكراسي ، الخيم ، (طبعا كلهم من المتعهدين والمتخصصين ) وحاملين المناشير الذين قدموا خدماتهم سلفا .. أما عن المناسف فحدث ولا حرج .. قبل أيام وأنا قادمة من حدود جابر رأيت قافلة شاحنات محملة طوابق طوابق ب(الخراف ) البلدية وحمدت الله أن الفقير سيأكل اللحم .. هو طبعا سيأكل اللحم على الموائد في كل شق وخيمة (طعمي الفم ، تستحي العين ) .. الحملة تستمر مدة شهر كامل ، وحسنتها الوحيدة انتعاش الحركة التجارية في البلد .. فهل هناك
حسنات وفوائد أخرى ؟
ربما من هو عاطل عن العمل و(زهقان ) يذهب لسماع برنامج ا نتخابي ، ومن يهرب من دوشة
الصغار ونق الزوجة ، هومكان يستريح فيه من عناء العمل ، يجلس في ضيافة نائب المستقبل ،
يتعلل ، يشرب القهوة ، يشاهد الوجوه الباسمة ، ويسمع الضحكة المجلجلة .. ومن يحب التطفل والنميمة يتنقل بين كل المجالس يصغي ليملح ويبهر الكلام ..
لا جديد في كل القوائم .. الكلام هو .. هو .
في شهر تذوب الثلوج وتخلع الأقنعة ، والضمير هو الفيصل ..
فهل ستعود لنا الثقة في نائب المستقبل ، وهل يستحق عناء الذهاب لاقتراعه ،ويكون لسان حال
المواطن الحقيقي .. أم تتغير الوجوه ،ويبقى الحال على ما هو عليه ؟

وأنا أقف أمام باب صيدلية لأشتري (بندول) للصداع الذي أصابني ودهون عضلات لرقبتي الملوووحة من كثرة التحديق فوق ، ضحكت عاليا ، و أنا أتذكر شعارا كتب يوما بعد التصويت : " أكلتوا خيرنا ، وانتخبتوا غيرنا ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر