الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المبادرة السعودية تكرار لسابقاتها

ادوارد سعيد

2002 / 3 / 22
اخر الاخبار, المقالات والبيانات




لا مجال للخطأ في تفسير الصور التي نراها عما يجري في فلسطين. هناك نوع من البطولة الفلسطينية تجعل من كل ذلك حدث هذا العصر. جيش بكامل عتاده، قوات بحرية وجوية تجهّزها الولايات المتحدة بسخاء ومن دون شروط، تنشر الدمار في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد عشر سنوات أمضاها الفلسطينيون في إجراء المفاوضات مع إسرائيل والولايات المتحدة.
تدلل تصريحات شارون عن وجوب إلحاق أكبر قدر من الخسائر بالفلسطينيين على ضياع المنطق والحس النقدي من العالم منذ أيلول الماضي. نعم، حصل اعتداء إرهابي، لكن هناك ما هو أبعد من الرهبة في العالم، هناك السياسة، والصراع، والتاريخ، واللاعدالة، والمقاومة، ونعم، هناك إرهاب دولة أيضا. لقد استسلمنا جميعا، من دون أن يصدر أي اعتراض ذي قيمة من الأكاديميين أو من الانتلجنسيا الأميركية، الى الاستخدام المغلوط للغة والمعنى بشكل أصبح كل ما لا ينال إعجابنا رعبا، وما نفعله هو خير صاف. محاربة الرعب، لا يهم في ذلك كم من الأرواح والثروات ندمر. غابت كل مبادئ عصر التنوير التي نحاول أن ننقلها إلى طلابنا ومواطنينا، وقام بدلا عنها عربدة انتقامية وغضب محق بنفسه، يبدو ان الغني والقوي يستطيعان، وحدهما، التذرع بهما. لا عجب إذ ذاك ان يجد سفاح، مثل شارون، الأعذار لنفسه (عبر المحاكاة والاشتقاق) ليفعل ما يفعله. إذ يجري رمي القوانين والحقوق الدستورية والأحكام القضائية في سلة المهملات في أكبر ديموقراطية في العالم.
يقال للاسرائيليين والعرب والأميركيين إن حب الوطن هو الذي يستدعي هذا الإنفاق وهذا الدمار لأن هناك قضية عادلة في أساسهما. هراء. الأساس هو مصالح مادية تحفظ السلطة للحكام، والأرباح للشركات التي تجنيها، وشعبا في دولة إجماع مصطنع.
تشن إسرائيل اليوم حربا على مدنيين، رغم ان هذا الكلام لن يسمع أبدا في الولايات المتحدة. انها حرب عنصرية، وكولونيالية باستراتيجيتها وتكتيكها. يعذب الناس ويقتلون لأنهم غير يهود. أي سخرية. ورغم ذلك، لا تأتي ال((سي ان ان)) على ذكر كلمة ((الأراضي المحتلة)) (تتكلم عن العنف في إسرائيل كما لو كانت أرض المعركة هي صالات ومقاهي تل أبيب وليست مخيمات اللاجئين التي أحيطت حتى الآن بمئة وخمسين مستوطنة اسرائيلية غير شرعية).
لقد دست الولايات المتحدة خدعة كبيرة للعالم اسمها اتفاقات أوسلو، على مدى عشر سنوات، وهي مدركة بقوة ان ما يجري الحديث عنه هو 18 في المئة من الضفة و60 في المئة من غزة فقط. لا أحد يعرف الجغرافيا ومن الأفضل ان تبقى هذه الناحية مغمورة لأن الواقع على الأرض مذهل.
حاولنا بعضنا، سدى، في خلال تلك السنوات ان ينبه الى المسافة التي تفصل بين اللغة الأميركية الاسرائيلية عن السلام وبين الحقائق المروعة على الأرض. فقدت كلمات مثل ((عملية السلام)) و((الإرهاب)) أي إحالة على مدلول حقيقي. أصبح يحال الى الاستيلاء على الأراضي ب((مفاوضات ثنائية)) تتم بين دولة تعزز قبضتها على الأرض وبين فريق ضئيل من المفاوضين أخذتهم أربع سنوات ليتعودوا استخدام خريطة للأرض التي يفاوضون عليها.
والآن بعد أن احتلت مبادرة السلام السعودية مركز النقاش يجب أن توضع في مكانها الصحيح. ان هذه المبادرة ليست سوى إعادة صنع لخطة ريغان عام 1982 وخطة فهد لعام 1983 وخطة مدريد لعام 1991، الى آخره. إنني أرى ان النقطة الوحيدة القابلة للتفاوض هي موعد انسحاب إسرائيل من كل الأراضي المحتلة وليس على حجم الأرض التي ستنسحب منها.
 مقتطفات من نص طويل نشر في ((الأهرام ويكلي)) في 18 آذار 2002.
ترجمة: رولا الايوبي

...
©2002 جريدة السفير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا