الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العشيرة

غريب عسقلاني

2007 / 10 / 29
الادب والفن



أبي لاعب البوكر، الحريف الذي تشهد له الصالات وأهل الكار، لعب حتى نفض بطانة جيوب سترته وبنطاله.. صديقه اللدود الذي ربح ، لم يأبه لرجفة بطن أمي، حيث كنت أنا أرفس بقدميّ أحاول الخروج .
جن جنون أبي فأمسك بتلابيب خصمه وقال :
- نُكمل اللعب .
- أنت لا تملك شيئاً نلعب عليه؟!
- أملك هــذه..
وأشار إلى أمي ، فرفست أنا جدار البطن ثلاثاً..
لحس صديق أبي لسانه، وازدرد ريقاً جافاً ، حطت عيناه على كحل عينيها وشهق :
- هي لي اذا ربحت؟!
- اذا ربحت..
- ولكنها حامل؟!
- تصبح لك والطفل لي.
وربحها الصديق اللدود، فاعتصمت أمي بشرع الله حتى تضعني، ويبرأ رحمها من آثار الحمل، وتكمل عدتها.. وعندما جاء الميعاد قالت :
- أمهرني .
- كيف أمهرك وقد ربحتك في اللعب؟
- أن أربي ولدي ، وأن يظل زوجي الأول بيننا ، وأن تستمرا في اللعب والرهان عليّ .
وفي اللعب خسرها زوج أمي ، وربحها أبي وكانت حاملاً فانتظر حتى وضعت أختي. وعشنا في بيت من ثلاث حجرات، حجرة لأبي وأولاده والثانية لزوج أمي وأولاده، والثالثة لأمي التي تسجل على صفحات أجندتها مواليدها حتى لا تختلط الأنساب .
وضاق بنا الحال فاجتمعت أمي بزوجيها.. تشاوروا طويلاً، عرض أبي أن يطلقا سراحه ليلعب خارج الدار، فتوجست أمي خيفة أن يربح ويعود بضرة، واقترح زوج أمي أن يستدرج صديقاً يلعبا معه في الدار، فراقت لها الفكرة..
وفي نهار وقفنا في صفين متقابلين ، نستقبل ضيفا طويل القامة ، وجيه الطلعة ، عريق الحسب والنسب.. ودار اللعب حتى منتصف الليل ، وكانت أمي زوجة لأبي في ذلك العـام ، صرخ أبي :
- نلعب عليها ..!!
أسبلت جفنيها على كحلة عينيها فاهتاج الرجل .
- تتنازل عنها !؟
- هي لك إن أنت ربحت .
وكي يغريه أكد :
- وهي ليست حاملاً .
وفي الصباح كانت أمي في حضن الرجل، وكنا جميعاً نقوم على بناء الحجرة الرابعة للزوج الثالث..
ومضت الأيام..
وكبرنا، ووقفنا في ثلاثة صفوف ننتظر رجلاً اصطاده زوج أمي الثاني.
ضاقت بنا الدار، وحاصرتنا الشرطة ، فخرجت أمي تسب وتلعن, وقذفت في وجه الضابط قسائم زواجها وإشعارات طلاقها وبترتيب دوري ، ووضعت في عبه ملفاً سميناً يضم شهادات ميلادنا صبياناً وبناتاً .
أمضى الضابط نصف النهار الأول في تدوين البيانات ، وأمضى نصف النهار الثاني في اتلاف الوثائق وحرق ما دون.
وفي يوم صحونا ، لم نجد آباءنا ، فتحلقنا حول أمنا.. قالت :
- احرقوا أوراق اللعب..
- لمــاذا ؟
- لا يوجد بعد اليوم من يخسرني أو يربحني
وانتشرنا في شعاب الأرض ، وكنا كلما قابل الواحد منا أخاه أو أخته نتحاضن ، فيدق القلب على القلب ، ويؤكد الواحد منا لأخيه أو أخته أننا أبناء عشيرة واحدة ، ونرسم في وجه الشمس صورة أمنا ، ولا ننسى طرف رمشها على كحلة العين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج