الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-حكاية شعبية- حلها ابن المجنونة !

نايف أبو عيشه

2007 / 10 / 31
الادب والفن


في القرن الماضي كانت الحياة مختلفة عما هي عليه الان وخاصة في قرى الريف المعزولة والبعيدة عن المدن . حيث كانت الحيوانات والبهائم هي وسائل التنقل والنقل ايضا , والطرقات غير معبدة , والبيوت تضاء باسرجة الكاز والزيت لساعات محدودة , فلا اجهزة كهربائية ولا ثلاجة او تلفاز, والمياه تجمع في الابار خلال فصل الشتاء فيشربها الناس ويسقون مواشيهم ويغسلون ثيابهم وانفسهم كلما اقتضت الضرورة , وغالبا ما تقوم النساء بمهمة احضار المياه من البئر باوعية يحملنها على رؤوسهن حتى من مكان بعيد .اما طقوس الزواج فكانت مختلفة ايضا , فلا يرى الرجل عروسه الا ليلة الدخلة , وتستمر " التعاليل" للعرس لمدة اسبوع , الرجال يدبكون ويسحجون على البيدر والنساء في بيت اهل العريس , وهذا يعتمد على وضع العريس المادي ومكانته الاجتماعية , فان كان من عائلة غنية وكبيرة وذات صلة وقرابة مع المختار فانه يحظى بكل الاهتمام , وان كان غير ذلك فيكون عرسه " شلفقة" . وان كانت العروس من نفس القرية يركبونها على فرس مسرجة ومزينة غالبا ما يمتطيها العريس في الزفة خلال النهار. وان كانت من قرية اخرى يجلبونها في هودج مزين , وان اثارت الغيرة احد ابناء عمها ويكون اهلا للزواج فانه يتحراها وينزلها عن الفرس , لانه اولى من الغريب , واحيانا يطالب خال العروس او عمها لحظة خروجها ب" هدم الخال او العم " أي قمباز جديد , او ثمنه , ولا تطلع العروس الا بدفع الثمن الذي يقدرونه بانفسهم , وعادة يكون احدهما او كلاهما لا يملك النقوط للعروس فينقذ نفسه من الاحراج امام الاهل والاقارب. في يوم العرس حضر اهل العروسين كالعادة قبل مغيب الشمس ليطلعوا العروس وياخذوها لبيت زوجها . امتطت الفرس بمساعدة اخوتها ووالدها وعلى كتفيها عباءة كحلية ثقيلة, وراسها ووجهها يغطيهما منديل اخضر شفاف عادة يربطنه النسوة الكبار تحت اليانس البيضاء على رؤوسهن ,وقد تزين صدرها بالاوراق النقدية المعلقة بدبابيس صغيرة وضعت يدها اليمنى على راسها . واصلت النسوة الغناء طول الطريق في جوقة متناسقة يمجدن النسب واهل العروس, واما الرجال فكانوا يسبقون النسوة مسافة كافية , واحد اشقائها ممسكا بلجام الفرس لتمشي الهوينا وبتمهل حتى لا تكبو من وعورة الطريق . وصل موكب العروس اخيرا عند بوابة الساحة الكبيرة المحيطة بمنزل اهل العريس . فوجيء الجميع ان شاشة البوابة لم تك مرتفعة كفاية لتدخل العروس ممتطية الفرس وهي رافعة راسها بغرور امام الجميع لانها من عائلة المختار وقريبته . ولم يجرؤ احد من اهل العريس ان يقترح انزالها عن الفرس لان الساحة كبيرة ولا يجوز ان تقطعها العروس ماشية. وثارت عصبية المختار على والد العريس لانه لم يحسب للامر حسابه سلفا . وساد الهرج والمرج بين العائلتين وكادت تحدث طوشة كبيرة بينهم , فاذا البعض منهم يقول نهدم شاشة البوابة , والبعض قال نقطع راس العروس . عندها صاح بهم المجنون الذي كان يرافقهم محدثا نفسه ضاحكا طول الطريق ,رغم محاولة المختار طرده وابعاده اكثر من مرة:" والله انكم هبل ومجانين جميعكم " صاح به المختار " ولك روح انقلع من هان . مش ظايل علينا الا المجنون ابن المجنونة " واصل المجنون ضحكه وسخريته منهم وقال " طيب انا مجنون وانتم عاقلين . ليش بدكم تهدوا البوابة وتقطعوا راس العاروس ؟" ساله المختار بعصبية ولعابه يتطاير من فمه " والا شو نساوي يا حريق الوالدين . هات اعطينا حل تا نشوف ؟" صفق بيديه وصرخ ضاحكا من اعماقه حتى دمعت عيناه وكاد يسقط على الارض " والله العقل زينة واللي بلاه حزينة يا مختار " هجم عليه المختار ليضربه وصاح به " ولك احكي يا ابن المجنون قبل اقطع راسك عن جثتك " واصل المجنون سخريته وضحكه غير ابه بتهديد المختار وقال " بسيطة يا جماعة . خليها توطي راسها شوية بتمرق من البوابة وهي ع الفرس , هالقد عقولكم صغيرة ؟" . تبادل الجميع نظرات الدهشة والاستغلراب كيف لم يخطر الحل ببال أي منهم ؟ علق المختار بنبرة جدية " والله وحليتها يا ابن المجنونة " ضحك بسخرية ورد " تفكرها عقدة بزرار . ولد صغير تدور له ويحلها . بس انتو مجانين ما عندكم ذرة عقل تفكروا بيها ". علق احدهم " صدقوني يا جماعة هالمجنون اعقل منا , مية زلمة ولا واحد منا دارت له هالشغلة ؟" عندما دخلت العروس من البوابة ولحقت بها النساء , بالغناء والزغاريد , حاول المختار ممازحة المجنون الذي ابتعد عنه بحذر " شو رايك احطك مختار ع البلد بدالي ؟"ضحك المجنون بسخرية وهو يقول " سامعين يا جماعة. المختار بحسبني اهبل او مجنون " تابع يقول بضحكته الصاخبة " المخترة يا مختار كبرة على خازوق . وبهدلة ع الفاضي ,لانه قدام البلد نافخ حاله مثل الديك ,وايده من تحت. يقلب الحق لباطل ويقلب الباطل لحق . وما تزعل مني هه, لانه عند الحكومة ارنب خويف . روح روح تعال تعال . وهان بس شاطر يخوف الاولاد والنسوان بالخيزرانة ".نهره المختار بنبرة غاضبة ولحقه ليضربه بالخيزرانة التي لاتفارقه وهو يمطره بشتى الشتائم, والبعض يحاول تهدئته وان لا يلاحقه او يلوم عليه مهما قال او فعل لان المجنون مجنون والعاقل عاقل, في حين تابع المجنون قوله وهو يصفق بيديه فرحا " قال بده يضربني عشان بحكي كلمة الحق. معلوم اللي بقدرش ع الحمار يتشاطر على البردعة " تابع يغني بصوت عال وهو يبتعد والاولاد يلحقون به :" المختار مخه طار .... يا حلالي يا مالي . المختار مخه طار .....يا حلالي يا مالي "!
بقلم : نايف أبو عيشه
26/10/2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل


.. كلمة أخيرة - شركة معروفة طلبت مني ماتجوزش.. ياسمين علي تكشف




.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب