الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كان ياما كان

فتحى سيد فرج

2007 / 11 / 1
الادب والفن


يحكى إن، في ليالي الشتاء الطويلة ، وفي أمسيات الصيف تحت ضوء القمر، كنا نتجمع حول جدتي العجوز نستمع بلا ملل لحكايات تخلب لبنا عن ست الحسن والجمال والشاطر حسن، عن الجن والعفاريت وتفانين البشر ، لم يكن هناك راديو أو تليفزيون ومع ذلك كان خيالنا يجسد هذه الحواديت بصور أبلغ مما نراه الآن على شاشات التليفزيون، هكذا بدأ فن الحكي الذي تعتبره " فرقة النورس" (جد جدود الفنون) فبعد أن سدت أمام الشباب بوابات الدخول إلى ساحات الفن الرسمي لم يكن أمامهم سوى الحفر في الجذور وإبداع أساليب جديدة يفجرون فيها طاقاتهم ويكشفون عن حبهم للانتساب لروح الفنون .
يقول أشرف فتحى عن مشروع تأسيس فريق النورس المسرحي، بدأ الإعلان عن تأسيس هذا الفريق اعتبارا من 26/12/2006 في مهرجان إسكندراما المسرحي والذي أقيم في هاندز، حيث قدمت أول عرض حكي بمفردي، وكانت الخطوة الثانية هي البحث عن شركاء وذلك من خلال مشاركتي في أحدى الورش التي قامت بها فرقة المسرح الطقسي بالتعاون مع المركز الثقافي اليوناني بالإسكندرية كمدرب في فن الحكي، اعتمدت في هذه الورشة على بعض أنماط الحكي الشهيرة في حياتنا ( كحواديت جدتي ) أو الحكايات التي ننقلها عن التراث الإنساني ولكن كان اهتمامي الأكبر منصب على الحكايات التي نستخدمها للتعبير عن تجاربنا الحياتية، استمرت هذه الورشة لمدة شهر التقيت خلالها مع المجموعة الأولي من المواهب التي شكلت أعضاء فريق النورس .
الخطوة الثالثة كانت الإعداد لليلة حكي جماعي تقوم على أشكال من البحث في تفاصيل هذا الفن العريق وذلك بالرجوع إلى بعض المراجع والبحث عن أنواعه وأصنافه، حيث استطعنا بمساعدة هذه الدراسات من وضع خريطة لتصورنا عن نشأة فن الحكي والذي أطلقنا عليه ( جد جدود الفنون ) وكانت الخريطة تتمثل في الأتي
1- الحكي الشخصي والذي ينقسم إلى ( حكي الموقف – حكي التجربة – حكي الرحلة ) .
2- حكي السيرة( سيرة الصالحين - الأولياء – الأنبياء – العظماء – القادة - الخ...) من لا
أخطاء لهم "الهيرو" ثم سير الخارجين على الأعراف والتقاليد أمثال ( جحا / أشعب) .
3- حكي النكات والألغاز.
4- حكي البطولات والتي يدخل فيها بعضا من الخرافات أو المبالغات الخيالية .
5- حكي الأساطير الخاصة بالحضارات القديمة .
وتقول الباحثة شيماء الصباغ أن فن الحكي أو فعل السرد. اكتشاف قولي / لغوي واكب الإنسان منذ أقدم العصور كما كان الأداة المعرفية الأولى التي عرفها الإنسان القديم وتعامل بها حتى قبل اكتشاف صوته فقد تعلم الإنسان المحاكاة بجسده ومع اكتشاف الصوت ونبراته عبر بالصوت وبطبقاته المختلفة عن معاناته وتمنياته، كما أن الحكي فطره إنسانيه يلبي نزوعا إنسانيا يستحيل تجاهله في كل الأمكنة والأزمنة، وكل المراحل العمرية للإنسان، في كل الثقافات والحضارات، وعند كل الأجناس والشعوب، وفي كل الديانات السماوية وغير السماوية .
و الحكي سواء كان أسطوري أم غير أسطوري يعتبر أول درس تعليمي في تاريخ البشرية، استطاع بفضل طابعه السردي أن يقولب الواقع و يجعله مرغوبا فيه ومنطقيا ومقبولا وعموما حكايات الشعوب البدائية حميمية دائما في لغاتها الأصلية، ولعله ليس من الغريب إنها تحتفظ بحميميتها في أي لغة تنتقل إليها، ومن أهم مميزات الحكايات الشعبية عند ترجمتها أنها معفوه من مشاكل اللغة وتغير المعنى، وحتى في الإيقاع فالكلام نفسه له نغمته الجميلة المستقلة مهما اختلفت ترجمته يظل يحتفظ بإيقاعاته الخاصة، ذلك لأنه خطاب البداوة الإنسانية خطاب المشاعر المعبرة المشتركة بين جميع بني الإنسان في كل مكان وزمان
نموذج لفن الحكي
بيقولوا الإنسان نزل على الأرض كان لوحده وماكانش معاه غير شوية حيوانات وأشجار وخشب محروق وكمان حشرات، ولأنه كان لوحده كان خايف مع انه مش جبان بس بردوا أهو إنسان، وهوه زعلان وزهقان قام واقف قدام الشجرة وكان اصغر منها ابتدى يحرك أيده على شكل فروعها ورجليه على شكل جذورها، وابتدى يوم ورا يوم يحاول يقلد كل اللي يشوفه ولما كان النسيم يعدي وورق الشجره يتهز يفكر إن الشجره بتكلمه، فمره يحرك أيده، ومره يحرك راسه، ومره جسمه كله، ودية بداية حكي الإنسان مع الطبيعه والتعامل معاها .
وبعد كده ظهر الأسد بجبروته بس بردوا أهوه بيدور على أوتوه عايز ياكل جعان، حاسس بنفسه عارف انه مش جبان سريع وقوى، مافيش حيوان تاني بيقدر عليه، ولما سمع الإنسان صوته عرف إن الأسد ناوي على موته، يعمل أيه .. يعمل أيه، الحل الوحيد يضحك عليه، طلع ألإنسان فوق الشجره هزهز فروعها وحاول يخوف الأسد، معرفش، والأسد ماخافش، زعق الأسد زعقه جامده وقع الإنسان من على الشجره أتوجع، صرخ صرخه جامده خوفت الأسد طلع يجري، ماكانش متعود يلاقي صوت غيره وفكر الإنسان إن الصوت ده هو صوت الإنسان والشجره ومن اليوم ده عرف الإنسان
انه عنده صوت، وابتدى يستخدمه، ويحاكي الطبيعه، بجسمه وصوته وتوتا توتا .
ليالي الحكي
في ليلة رمضانية قدمت فرقة النورس ليلة من ليالي الحكي بالمركز الثقافي الألماني في البداية قدم أشرف فتحي استعراض لبدايات فن الحكي ووضع الإطار النظري لربط الحكايات وخلق التواصل، وقدم خالد منصور نماذج من الحكي الشخصي الذي يتسم بالبساطة والواقعية، وقدمت داليا مهدي صورة لحكي السيرة بإيقاعات متباينة وتلوين صوتي وتجسيد حي في الحركة والانتقال المكاني والزماني، واختتم أشرف فتحي الليلة بحكي الأساطير فقدم بناء سردي طويل محمل بالخيالات والتجول في تجارب الشعوب وانتهي بطرح الأسئلة دون الانتظار لتلقى إجابات لخلق التشوق ليالي تالية في زمان جديد وأماكن أخري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-