الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسلسل -يتربى فى عزو-: الدروس المستفادة

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2007 / 10 / 27
الادب والفن


يعتبر مسلسل "يتربى فى عزو" (تأليف يوسف معاطى وإخراج مجدى أبو عميرة) من أشهر المسلسلات التى استمتعنا بها خلال شهر رمضان. لقد استمتعنا بأداء الفنان المتمكن يحيى الفخرانى الذى أدى دور (حمادة عزو) والفنانة القديرة كريمة مختار التى أدت دور (ماما نونا) والفنانة نهال عنبر فى دور (دكتورة نوال). لكننا سوف نتناول هذا المسلسل من خلال الأغنية التى جاءت فى التتر والتى فى الواقع تعبر عن حالة الاسترخاء التى تعانى منها شعوبنا التى سبقت حضارتها كل حضارات العالم فى يوما ما. وما يدعو للأسى أن شعوبنا اكتفت بانجازات الأجداد التى أبهرت ومازالت تبهر شعوب العالم ولم تعد شعوبنا تملك القدرة على محاكاة الأجداد فى إحداث انجازات مماثلة تضيف إلى الحضارة الحديثة التى يمتلك الغرب ناصيتها ومفرداتها. لقد اكتفينا بالفرجة وتقمصنا دور الجماهير فى حدث رياضى. والجدير بالإشارة أن هنالك ألفاظا عديدة فى هذه الأغنية شدت انتباه المشاهدين والكتاب ومنهم الأستاذ عبد الله كمال رئيس تحرير روز اليوسف الذى افرد عموده اليومى فى جريدة روز اليوسف الصادرة فى ثانى أيام عيد الفطر لمناقشة هذه الكلمة الساحرة "الانتيخ" ومشتقاتها ومنها "انتخوا" أى تكاسلوا وابقوا فى نوم عميق، وهى الكلمة التى لم تأت من قبل فى أغنية ويعتبر مؤلفها أيمن بهجت قمر أول من فعل ذلك. وهذه الأغنية تثير الكثير من التساؤلات التى تنتظر إجابات شافية، منها، هل هذه الأغنية التى شدت انتباه الجماهير والنقاد بما تحمله من نقد لاذع للواقع المتردى الذى يعيشه شعوبنا تبررها الأحداث الدرامية أم أن الأغنية—كما يقول عبد الله كمال— لا تعكس القضايا والأحداث الدرامية فى المسلسل ؟ هل أقحم المخرج هذه الأغنية لإيعاز المتفرج أن المعالجة الكوميدية لمعظم الأحداث لا تعنى أن هذا العمل يفتقد إلى رسالة واضحة؟

من الواضح أن هذا العمل الكوميدى ذو رسالة واضحة نستخلصها من قراءة البناء الدرامى والمواقف والأحداث الرئيسية فى المسلسل. وفى رأئى فإن هذه الأحداث والمواقف الدرامية توضح وتبرر معانى الأغنية التى نستمع إليها فى نهاية كل حلقة. فالأب (حمادة عزو) منغمس فى ملذاته وغزواته النسائية وزيجاته المتعددة ولا يعير اهتماما بأبنائه فيترك كلا منهم وخاصة (حسام) و(إبراهيم) ليكبرا ويترعرعا بعيدا عن رعايته. ومن المتصور أن (حمادة) يرمز إلى كل إنسان يعيش حياة مستهترة دون تحمل مسئولياته تجاه الأسرة والمجتمع والوطن. ورغم أن الفخرانى نفسه فى ندوته فى جريدة "المصرى اليوم" والتى نشرت تفاصيلها يوم الأحد الموافق 14 اكتوبر2007م اقر بأن نماذج (حمادة) فى الواقع "كثيرون جدا، ليس فقط فى الشكل والأداء ، ولكن محتوى الشخصية موجودة بكثرة وهذا سبب تراجعنا للوراء" إلا أن التطور الدرامى لهذا العمل أوضح لنا أن (حمادة عزو) لم يكن مستهترا على طول الخط بل أتخذ بعض المواقف الايجابية عندما استدعت الضرورة ذلك، إذ لم يتردد عندما لجأت إليه ابنته (داليا) للوقوف بجانبها بعد أن رفضت والدتها وأخوها زواجها من الرسام (شادى) وكان قويا عندما رفض تهديدات نجله (الضابط حسام) وأصر على إقامة حفل الزفاف، وكذلك لم يتردد فى مساندة ابنته عندما تعرض زوجها (شادى) للاعتقال بتوصية من (حسام) فاصطحب ابنته ولجأ للمسئولين لتقديم شكوى ضد ابنه الضابط والذى تم اتهامه باستغلال النفوذ. ورغم أنه خضع لإغراء المال ولجأ إلى سرقة السى دى من والدته (ماما نونا) غير عابئ بغضبها عليه إلا أنه تراجع من تلقاء نفسه وقرر إعادة السى دى ولم يكن ذلك إلا بعد أن لقيت ماما نونا حتفها جراء هذا الموقف المشين. ومما سبق يتبين لنا أن نموذج هذه الشخصية المحورية التى تتسم بالاستهتار عندما تنتشر فى الواقع تؤدى حتما إلى تردى الأوضاع. أما الجوانب الايجابية فى هذه الشخصية فتوضح لنا أن أمل الصلاح والإصلاح لم يتلاش كليا من حياتنا.

ومن الأهمية بمكان ألا ننسى أن تواجد نماذج كالضابط (حسام) وأخيه (إبراهيم) بكثرة فى المجتمع قد يؤدى أيضا إلى تردى الأوضاع فى واقعنا. فالضابط (حسام) يفتقد الأخلاق والضمير إذ لم يتوان عن تلفيق التهمة لزوج شقيقته (شادى) الذى تعرض للضرب والتعذيب دون ذنب أو جريرة، وكذلك لم يفكر زملاء الضابط فى مراجعة زميلهم أو التأكد من تلك الاتهامات بل تنافسوا لمجاملته. ولم ينقذ الرسام سوى تدخل كبار المسئولين. وهذه الأخلاقيات المتردية التى تفتقد الضمير تعكس أسباب تردى الأوضاع فى بلادنا حيث انتشار الشعور بالقهر والبطش مما يقتل روح الانتماء وحب الوطن، وهى مشاعر ضرورية إذا كنا ندرك أهمية الفرد فى تقدم الأمم. وكذلك الحال بالنسبة للنموذج الآخر المتمثل فى الأخ غير الشقيق (إبراهيم) الذى تحول فجأة إلى التشدد والمغالاة فى الدين حيث أخذ موقفا عدائيا تجاه المرأة سواء كانت الأم أو العمة أو الفتاة التى أحبته، ويتضح ذلك جليا عندما طالب أمه بارتداء النقاب وتصدى لها عندما حاولت معانقته وكذلك عندما رفض الانضباط فى العمل مما عرضه للفصل. وقد يتساءل أحدنا ما الذى دفع شابا جامعيا إلى التطرف أو التشدد؟ قد نستنتج بعض هذه الأسباب إذا أمعنا النظر فى الأحداث والمواقف الدرامية فى المسلسل: فوالده (حمادة عزو) لم يشارك فى تربيته وترك المهمة لوالدته المطلقة التى لم تلق معاملة طيبة سوى من (ماما نونا) وحتى بعد أن حصل الشاب على الشهادة الجامعية بتفوق لم يجد له شقيقه الضابط بأمن الدولة سوى وظيفة خدمية فى أحد الفنادق مما أصابه بالكآبة واليأس والإحباط، وهذه مشاعر كافية لإلقاء أى مخلوق فى غياهب التطرف والتشدد فى الدين مع التأكيد على المظاهر الشكلية كإطلاق اللحية وارتداء العمة والجلباب.

وخلاصة القول فإن معانى الكلمات التى جاءت فى أغنية التتر تعكس وتستخلص الدروس من الأحداث والمواقف الدرامية فى المسلسل. إن تقدم المجتمع إلى الإمام يتوقف على قدرتنا فى التصدى والقضاء على النماذج السلبية التى وردت فى هذا المسلسل الهادف. روز اليوسف، عدد 687، 24 أكتوبر 2007م، ص8.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج


.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث عن أسباب نجاح شخصية دانيال في ل




.. فيلم ولاد رزق 3 بطولة أحمد عز يقفز لـ 193 مليون جنيه منذ طرح