الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعاء

محمد البوزيدي

2007 / 10 / 30
الادب والفن



تحملق في الفضاء البعيد،تستكشف زمنا آخر بدأت معالمه في التشكل خفية باعتياد بعد أن عاشت زمنا طويلا في الظلام الخاص داخل وسط يتوفر فيه كل شيء عبر الأم .
تتحسس بأناملها الصغيرة لعبة الحياة الأولية فتلمس كل شيء ،تحاول أكل والتهام كل ماتجده أمامها، تفتح ثغرها الجميل الذي مازال فارغا من الأسنان محاولة الصياح بكل ما أوتيت من قوة كأنها تستنجد بالذين يحيطون بها ليرجعوها إلى عالمها الناعم الحالم في الرحم لتبتعد عن عالم تدرك بفطرتها البريئة أنه شقاء.
في بهو المنزل تفتح عينيها الصغيرتين على كل قادم وآت ،على كل شيء مستغربة تتأمل وحين لا تفهم شيئا......... ترفع ابتسامتها في وجهي صائحة :أبي ماذا يجري ؟
أجيبها بقولة طرفة بن العبد :
ستبدي لك يا بنيتي الأيام ما كنت جاهلة ويأتي بالأخبار ما لم تزود
تصمت هنيهة في استراحة محارب قوي قبل أن ينقلب استغرابها لبكاء خاص، وما أجمل دموع الطفلة الجميلة / الصغيرة التي لا تعدو أن تكون للبراءة عوض دموع التماسيح التي تنهمر من الكبار بمناسبة أو بدونها .
هكذا تواصل دعاء زمنها الخاص متجهمة أحيانا، مبتسمة أحيانا أخرى.. ببراءة طفولية .
تفكر تواصل مرحلة تدرك بإحساسها الفطري أنها عابرة قسرا ولن تعود .
وفي غفلة مني تتعلم إثبات الذات بطريقها الخاصة، تبكي حين يبعد عنها الثدي لتعليمها أكل المأكولات الأخرى، تصيح في صراخ خاص.. أنا أرفض كل هذا، تنتزع كل شيء أمامها وترميه جانبا حين تمل منه، ولا تتردد في لمس كل شيء ولو كان خطيرا بجرأة خاصة كخيوط الكهرباء أو الأزبال ..... تمزق ............تكسر ...............تحاول تعلم الصياح والقبلات الأولية وتقليد كل حركة أو صوت ولو كان اقتباسا من التلفاز .
تقف منتصبة كاللقلاق في عشه السحري الشاهق..تحاول الحركة بتثاقل.... وحين تتعب الأم في مراقبتها لا تتردد في إغلاق الباب.لكنها تصيح رافضة السجن الأولي الذي يعتقل فيه الصغار قبل الكبار في مرحلة خاصة من حياتهم .
تحاول الوقوف ....قد تتوفق.. لكنها تتمايل، فهل هو الرقص مع الكبار قبل حلول الأوان ؟؟.
هكذا تخطو دعاء حياتها الأولى في تنوع عجيب: نحيب وصياح ..ابتسامة وحركة ..ضجيج قبل الأوان..لا وقت محدد ..قد تنام طول النهار وتصر على اللعب بعد منتصف الليل ...قد لا تتناول شيئا لساعات طويلة لكن حين تضم الثدي لا تفارقه حتى تنام
حينها أهدي لها قبلة خاصة على الجبين وأتلو عليها وصاياي الأخيرة :
نامي يابنيتي قبل أن تحاولين النوم فلا تجدين فرصة لذلك
سيستمر يا سيدتي الزمن في مرافقتك بقسوة عز نظيرها...ستحاولين المقاومة لكن دون جدوى..
استمتعي بطفولتك التي تفتح شهيتي لإرجاع عقارب لحظات هربت منا .
واحلمي أحلاما صغيرة ولذيذة قبل أن تجدي نفسك في مواجهة أحلام كبيرة مزعجة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل


.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة




.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ