الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنابوليس والواقع الفلسطيني المأزوم...؟؟؟

محمد بسام جودة

2007 / 10 / 31
القضية الفلسطينية


إن المؤتمر المقرر عقده في نوفمبر الجاري في أنابوليس بولاية ماريلاند بعد أن قطع الإعداد له شوطًا طويلاً على صعيد المحادثات الدورية للرئيسين أولمرت وعباس والجولات المكوكية لرايس أصبح نجاحه متوقفًا على صدور تلك الوثيقة المشتركة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتحديد جدول زمني لتنفيذ بنودها ، حيث يصر الفلسطينيون حتى الآن على تطرق تلك الوثيقة إلى قضايا الحل النهائي الست (القدس، اللاجئون، الحدود، المستوطنات، المياه، والأمن)، مع الفرضية بأن الطريقة التي سيتم فيها التعاطي مع هذه القضايا الست سيحدد نوع وشكل الدولة الفلسطينية وقابليتها للحياة وحيث تتمسك الأطراف العربية، بما في ذلك الفلسطينيون، بأن يستند المؤتمر على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وخريطة الطريق التي تضمنت رؤية الرئيس بوش كمرجعية أساس لأعمال المؤتمر.

إلا أن تصريحات وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط مؤخراً تأتي تأكيدًا على موقف كل من الرياض والقاهرة للإعلان في أكثر من مناسبة أن المؤتمر الدولي للسلام المزمع عقده الشهر الجاري ليس من المرجح له أن ينجح ما لم تتحقق له عوامل النجاح والتي تتطلب بالدرجة الأولى تحلي الأطراف المشاركة فيه بالجدية،عندما طرح فكرة تأجيل المؤتمر في حال عدم تمكن الجانبين من الاتفاق على صيغة مشتركة لوثيقة يقوم المؤتمر بمناقشتها ويشترط الفلسطينيون أن تتضمن جدولاً زمنيًا وضمانات دولية لتنفيذها فيما لا ترى تل أبيب، وتوافقها واشنطن على ذلك، ضرورة لمثل تلك الوثيقة وللجدول الزمني، وهو ما فسره أبو الغيط بأنه محاولة لإفراغ المؤتمر من مضمونه. لكن ثمة ما يدعو إلى التفاؤل بإمكانية أن يحقق المؤتمر نتائج إيجابية، وهو ما تمثل بشكل خاص بتصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس التي أدلت بها عقب اجتماعها برئيس السلطة الفلسطينية الأحد في رام الله بأن الوقت قد حان لإقامة الدولة الفلسطينية، وأن من مصلحة الولايات المتحدة تحقيق ذلك.

وبعيدا عن الحزبية والنظرة الفئوية الضيقة إلا أن الداعين إلى عدم المشاركة يحملون وجهة نظر واقعية حول جدوى المشاركة بمؤتمر أعدت له الولايات المتحدة العدة ليعزز نفوذها وجبروتها في منطقة الشرق الأوسط نحو ما يسمي مكافحة الإرهاب وفرض الديمقراطيات الموجهة وتعزيز أنظمة الفساد القائمة فيه، فالأطراف التي لا تعول كثيرًا على جدوى عقد المؤتمر تستند بدورها على تلك النظرة الواقعية لعدة منطلقات أيضا يأتي على رأسها استمرار إسرائيل في عمليات اقتحام مدن وقرى الضفة والقطاع واستمرارها في الاغتيالات السياسية وما صدر مؤخراً من قرارات لمجلس الوزراء المصغر باستئناف الحفريات في القدس عند باب المغاربة وهو ما يتعارض مع العمل على إيجاد المناخ المناسب لإنجاح العملية السلمية.

أعتقد أن مؤتمر أنابوليس يكتنفه الكثير من الضبابية في ظل انعدام الرؤية الحقيقية والواضحة لما سيطرحه ويقدمه هذا المؤتمر علي صعيد إنهاء حالة الصراع العربي الإسرائيلي ، والأجندة التي سيحملها والدول التي ستحضره والمرجعيات التي سيستند عليها هكذا مؤتمر .

إن الحديث عن مؤتمر دولي للسلام ، في ظل حالة الانقسام والتشرذم الفلسطيني ،وضعف حكومة أولمرت الحالية بعد فشلها في الحرب علي جنوب لبنان وحزب الله ، وغرق الأمريكيين في مستنقع الحرب علي العراق والقضاء علي المقاومة العراقية ، كل هذا يعطي مؤشرات ومدلولات بأن بوش ووزيرة خارجيته رايس وباتفاق مع حكومة تل أبيب يريدان من خلال هذا المؤتمر تصفية القضية الفلسطينية وإفراغها من مضمونها ،وذلك ضمن صيغة لحلول جزئية كشكل من أشكال المصالحة والتسوية السلمية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بهدف نيل ثقة العرب والظهور بمظهر أن اتفاق أنابوليس للسلام برعاية بوش ورايس يمثل انعطافة حاسمة في الصراع العربي الإسرائيلي،وأن ما قبل أنابوليس من صراع يختلف عما بعد أنابوليس من تعاون ليس فقط بين الفلسطينيين والإسرائيليين وإنما بين معظم دول المنطقة العربية.

فبوش لا يريد في هذه الأيام إشغال نفسه بتفاصيل الصراع العربي الإسرائيلي إذ أن كل ما يريده هو البحث عن صورة مثيرة وجديدة لإعلان العرب وإسرائيل أن رؤية بوش قابلة للتحقيق، والتي يسعي دعاة مؤتمر انابوليس بوش ورايس واولمرت من خلالها لمزيد من التغلغل داخل دول المنطقة العربية ، لتكريس حالة الهيمنة وتجنيد الدعم والإجماع لضرب واحتلال المزيد من العواصم العربية بعد أن أوهمت بعض الأنظمة في العالم العربي أن هناك خطرا داهم من بعض الأنظمة المجاورة ،مما يعطي ذلك مساحة أكبر وأوسع لحكومة تل أبيب لتكون العصى الأمريكية في المنطقة من خلال ضرب حزب الله وقصف الأراضي السورية وتوجيه ضربة عسكرية لإيران.

أما من جهة أخرى فان الداعين إلى المشاركة في هذا المؤتمر يحملون وجهات نظر ربما تشكل خيارات محدودة لديهم ، من خلال رؤيتهم بأن الفلسطينيين الآن هم الحلقة الأضعف في دائرة الصراع في الشرق الأوسط الجديد الذي من الممكن أن يكون بدون الفلسطينيين بعد تجزئة قضيتهم وتقسيم أرضهم إلى مزيد من الكانتونات ومناطق الحكم المنعزلة عن بعضها البعض ، كدويلات صغيرة مرتبطة كل منها بمصالح مع مجموعات إقليمية بالمنطقة ،وبالتالي تكريس حالة الانقسام والانفصال بين أجزاء الوطن الواحد، لتتجسد بذلك فكرة المشروع الصهيو أمريكي القاضي بتصفية القضية الفلسطينية وإفراغها من مضمونها ،وعزلها عن الخارطة السياسية الدولية تماماً .

سيما وأن أصحاب هذا التوجه أيضاً لديهم رؤية مفادها أن المؤتمر المزمع عقده هو بمثابة الفرصة الأخيرة التي يجب علينا استغلالها واستثمارها وبذل قصارى الجهود لإنجاحها،وهنا لابد من الانتباه الحذر لنا كفلسطينيين من المؤامرات التي من الممكن أن تحاك ضدنا ،من بعض المتآمرين علي قضيتنا واستغلال حالة الانقسام بين شطري الوطن الواحد ،لتمرير مخططاتهم الرامية للنيل من بعض الأطراف الفلسطينية ، كإقصاء حماس وتجاهل الحقيقة بأنها تمتلك القدرة على نقض أي اتفاق ينتج عن المؤتمر والذي بذاته من الممكن أن يشكل الصعوبة الأكبر أمام نجاحه.

أعتقد وكما دعا كثير من الساسة والمحللين أنه لابد من الدعوة إلى إشراك حركة حماس في المؤتمر ،سيما و أن عدم دعوتها من الممكن أن يشكل مؤشراً لعواقب و مشاكل جديدة، وهو ما ينبغي أن تنتبه له السلطة الفلسطينية التي يتعين عليها أن تستغل الأسابيع القليلة التي تسبق عقد المؤتمر لتحقيق المصالحة مع حركة حماس وعلي حماس العودة للبيت الفلسطيني ككل ،والي توحيد الشرعية الفلسطينية ، ليس فقط لأن حماس رقم ليس من السهل تجاهله في المعادلة الفلسطينية وإنما أيضًا وهو الأهم – لأن حضور الفلسطينيين للمؤتمر وهم موحدين كلمة وصفًا وقرارًا سيتيح لهم حضورًا أكبر فاعلية وأكثر تأثيرًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي