الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسس الامريكية للفساد في العراق

سلمان النقاش

2007 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


في تقرير قدمه هنري واكسمان العضو الديمقراطي البارز في الكونغرس الامريكي بتاريخ 26/9/2003 امام لجنة الادارة والميزانية في الكونغرس قال فيه (لامريكا مصلحة كبيرة وحيوية في اعادة اعمار العراق وعلى الادارة الامريكية ان تلتزم بشكل جاد بالشفافية والمسؤلية المحاسبية ) وفي تعليقه على العقود التي حصلت عليها شركة هاليبرتون الامريكية في العراق دون منافسة مع شركات اخرى اتهم واكسمان نائب الرئيس الامريكي ديك جيني بأن معظم ملايينه جاءت من هاليبرتون . الشركة التي دار حولها اللغط الاعلامي بشأن مسؤوليتها عن تجهيز القوات الامريكية بالوقود خلافا للاسعار السائدة .
وفي مؤتمر صحفي كشف المفتش العام للقوات الامريكية في العراق عن سوء ادارة الاموال المخصصة لاعادة الاعمار في العراق وقد قدر حجم الفساد في هذه الاموال بما مقداره ثمان مليارات .. وعندما سؤل الحاكم المدني بريمر عن ظواهر الفساد التي كانت ترافق عملية التعاقد مع المقاولين الثانوين العراقيين راح يبرر ذلك بانه ضروري لتنشيط السوق الداخلية العراقية بما يضخ فيها من العملة الاجنبية التي كانت تهرب الى الخارج .
اما فيما يخص صندوق التنمية لاعمار العراق الذي وصلت ايرادته الى 20.7 مليار دولار والذي كان يدار من قبل لجنة مكونة من الامريكان وخبراء ماليين فلقد غابت بشكل واضح كل دواعي الشفافية وحجبت عن الاعلام والمواطن العراقي مصير هذه الاموال وكيف صرفت ..
ومن ناحية اخرى فان الدعوة الى تشجيع الاستثمار والانفتاح على السوق العالمية كان يستدعي بعض التشريعات التي تحد من قيادة القطاع العام والاتجاه الى اقتصاد السوق وهذا بدوره يتطلب تدخلا اداريا مبرمجا من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية الذين يشترطون حجب دعم الدولة للسلع الاساسية ومن اهمها الوقود والكهرباء وخدمات مهمة اخرى وخفض الضرائب على الواردات, لكن تردي الوضع الامني وخشية المستثمرين من العمل في العراق ادى الى اغراق السوق العراقية بكافة البضائع المنزلية والغذائية وكافة متطلبات السوق مما خلق حالة من انهيار الصناعات العراقية سواء التي تنتجها الدولة او القطاع الخاص .. ومع برامج اعادة بناء القوات المسلحة العراقية بكل صنوفها تحملت الميزانية العراقية ذات المورد الاحادي الجانب كل ذكاء قراصنة المجهزين للاسلحة والتجهيزات الاخرى لا بل حتى فيما يتعلق بارزاق الجنود اضافة الى عقود التدريب التي اختصت بها شركات امريكية خاصة لهذا الغرض .. وعندما صدرت القوانين في استحداث جهات رقابية لمكافحة الفساد الاداري والمالي الذي سوف يرافق عمل مؤسسات الدولة وتشكيلاتها المتعاقبة حسب النظام الديمقراطي تم استثناء كل ما يمت بصلة الى قوات التحالف ومنحهم الحصانة عن أي مسائلة قانونية بهذا الشأن واكتفت الاجهزة الرقابية التي تشكلت باخطار السفارة الامريكية عن نتائج تحقيقاتها التي تؤشر الى وجود العنصر الامريكي في بعض قضايا الفساد المتداولة. واستطاع الامريكان بواسطة الجنسية المزدوجة لبعض المسؤلين من تهريب الكثير منهم ممن ثبتت بواسطة احكام القضاء تهمة الفساد عليهم ولا داعي لذكر الاسماء فانها باتت معروفة .
ان تاريخ الفساد الاداري والمالي في العراق يسجل اعلى مستوى له في زمن النظام السابق لكن اشكاله كانت تاخذ الفساد الاكبر عند عائلة صدام وعشيرته المقربون اما الموظفون الاخرون فكانو يكتفون بما يبتزوه من المواطن حين يطلب منهم خدمة تخص عملهم ونادرا ما كانت ترتكب جرائم كبرى تتعدى مسائل الرشوة او التلاعب .. اما قضايا العقود فكانت من اختصاص الطغمة الحاكمة ولهذا فان دائرة الفساد العالي كانت محصورة لدى هؤلاء.
واليوم اذ يؤشر تقرير منظمة الشفافية العالمية الى ان العراق يحتل المرتبة الثانية في الفساد بعد بلدين يصنفان اضافة الى هذا من افقر بلدان العالم فيثير استغرابنا حملة الديمقراطيين في الكونغرس الامريكي حول اتهام الحكومة العراقية بانها هي التي ادت الى استشراء الفساد وان الادارة الامريكية تتستر على هذه الحكومة بهذا الشأن وان ما تعكزت عليه هذه الاتهامات هو لجوء السيد راضي حمزة الراضي الرئيس السابق لهيئة النزاهة الى امريكا وبحوزته حزمة كبيرة من الوثائق ذات الصلة بقضايا الفساد التي حسبما يدعي بانها لمسؤولين كبار في حكومة بغداد الحالية ويأتي لجوئه هذا بعد ان تم استجوابه في البرلمان العراقي حول بعض ما وصل من تقارير وضعته في موضع المسائلة . ونعتقد ان الامر لا يحتاج الكثير من الفطنة لكي نعرف الدوافع وراء مثل هذا التشهير بالحكومة العراقية مع افتراض وجود الفساد كما هو موجود عند الجانب الامريكي ، انه بلا شك ضغط باتجاه تاكيد ما يتوصل اليه الديمقراطيون في معارضتهم للادارة الجمهورية بشأن الملف العراقي .. اننا فوجئنا ايضا بتقرير اصدرته السفارة الامريكية يؤشر بطريقة مشابهة الى الفساد في العراق ويفسر بعضا من جوانبه على اساس طائفي وهذا يدعونا الى التساؤل اما كان من الاجدى للسفارة التي تمثل الادارة ان تتاكد مما قدمه السيد راضي الراضي امام الكونغرس الامريكي وحثه على تسليم هذه الوثائق الى الجانب العراقي ليتسنى للجهات التي ساهمت الادارة الامريكية ياستحداثها في العراق في ان تضع يدها على المفسدين الذين يساهمون في ارباك العملية السياسية التي تسعى واشنطن لانجاحها .. اما كان من الاجدى للسيد راضي الراضي ان يقف امام البرلمان العراقي ويدافع عما نسب اليه بعراقية خالصة دون ان يلجأ الى برلمان امريكي حسبما علق السيد موسى فرج الرئيس الحالي للنزاهة الذي سأله الاعلامي عبدالحميد الصائح في قناة البغدادية عن احتمالية هروبه اذا ما تعرض لنفس الموقف فاجاب (( لم اقف الا في حضرة العراقيين لادافع عن الحق)) .
ورغم ذلك فلقد صرح السيد موسى فرج بتنصل السفارة الامريكية عن هذا التقرير وانها اذ تدعو الى مباركة الاستراتيجية العراقية الجديدة لمكافحة الفساد الذي يضمن حسب تعبير رئيس الهيئة مستقبل اكثر اطمئنانا للفقراء واشار ايضا الى ان الجهود تتركز اليوم في تنقية حسابات شبكة الحماية الاجتماعية للشريحة الاكثر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة