الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمران وخريف واحد

مهند عبد الحميد

2007 / 10 / 31
القضية الفلسطينية


تقول الدعوة الصادرة عن اللجنة التحضيرية لمؤتمر دمشق، ان هدف هذا المؤتمر هو: "إحباط مؤامرة تصفية حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية، والتأكيد على التمسك بحق العودة، وباستمرار المقاومة باعتبارها الشكل الرئيسي للنضال، ومن أجل التأكيد على الوحدة الوطنية في إطار م. ت.ف على قاعدة الثوابت الوطنية وإعادة البناء. ولمطالبة الجهات الفلسطينية والعربية بعدم تشكيل غطاء للمؤامرة الاميركية والعدوان الصهيوني".
المؤيدون للمؤتمر يعتبرون أن" مجرد ذهاب المنظمة إلى (انا بوليس) يعتبر تجاوزا للخطوط الحمر ومشاركة في مخطط التصفية.
في حدود ما هو معلن في نص الدعوة لمؤتمر دمشق، وفي حدود ما أعلنه الرئيس ابو مازن والمفاوضون الفلسطينيون لا يوجد خلاف جوهري في قضايا اللاجئين والحقوق الوطنية والوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير وإعادة البناء. المقاومة كشكل رئيس للنضال قضية خلافية خطابيا وليس عمليا مع الاكثرية الساحقة من المشاركين. فالذين يعتمدون المقاومة لا يقاومون، وخاصة بعد ان حظرت المقاومة من كل الحدود العربية وأسقط الكفاح المسلح عبر الخارج بعد اعتماد الدول العربية جميعا " السلام" خيارا استراتيجيا وأنهت الخيار العسكري. استجابة للتحولات اصبح شكل المقاومة الرئيس هو الانتفاضة الشعبية والنضال الجماهيري والعصيان المدني مع الاحتفاظ بحق مقاومة الاحتلال والعدوان. الفصائل الاساسية بما فيها حماس التزمت الهدنة والعمليات التي تحدث تأتي من باب الرد باستثناء عمليات الجهاد الاسلامي. بناء عليه فان الحديث عن المقاومة كشكل رئيس للنضال غير واقعي.
وثيقة الاسرى الصادرة من داخل السجون الاسرائيلية، ووثيقة الفاهرة ، وبرنامج حكومة الوحدة الوطنية، وأهداف مؤتمر دمشق المعلنة، تؤكد جميعا عدم وجود خلاف جوهري بين الاقطاب السياسية، خلاف يضع قوى سياسية في خندق الاحتلال ومشاركة في تصفية الحقوق الوطنية، وقوى سياسية أخرى في الخندق الوطني. لوكان الخلاف بهذا المستوى لأحدث انقساما في صفوف الشعب واندلعت الحرب الأهلية.
ما زال البعض متمترسا في خانة كيل الاتهامات ورفع الشعارات جزافا، خانة الحالة البدائية التي تفتقد لمعايير موضوعية في تحديد الوطنية والخيانة. في الوقت الذي نحن فيه بامس الحاجة لاستخدام معايير تنسجم مع تدفق المعارف والمعلومات ومع احترام العقل في أقل تقدير.
إذا كانت القيادة الفلسطينية لا تقبل أو حتى لا تستطيع تقديم التنازلات في مؤتمر أنابوليس، فماذا ستكون وظيفة مؤتمر دمشق إذا؟ وإذا كانت القيادة تتعرض لضغوط من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل لتقديم التنازلات، فهل الضغط على القيادة يعزز صمودها في المفاوضات أم يضعفها؟
دعونا نرى ما هو المطلوب؟ انتم ترفضون المؤتمر والتفاوض والاتفاقات وبعضكم يرفض قرارات الشرعية ولا يرتضي بكامل الحقوق بديلا. قولوا لنا كيف السبيل الى ذلك ما هي الاستراتيجية وكيف نصنع ميزان قوى قادرا على ترجمة الاهداف وانتزاع الحقوق. إذا كان الموقف هو لارضاء الضمير فقط فهذا موقف شخصي يحترم لكنه لا ينتمي للعمل السياسي. إذا كان هذا الموقف هو شكل للمعارضة والممانعة، فهذا النوع من المعارضة السلبية يخدم الاستراتيجية المضادة التي تتعامل مع احتلال مفتوح يمكنها من تحقيق مشروعها على الارض ومن تفكيك مقومات استقلالنا بأريحية كاملة.
هناك من يدعو الى انتظار هزيمة أميركا الكاملة في العراق والمنطقة، وانتظار امتلاك ايران للسلاح النووي الذي يعدل موازين القوى، وبعدئذ يمكن ممارسة الضغوط على اسرائيل كي تنسحب من الاراضي الفلسطينية والعربية بلا قيد او شرط أو الركون لوعد أحمدي نجاد "بتحرير فلسطين كاملة وإرسال الصهاينة إلى بلدان أخرى". ويمكن ، بل ان البعض يرى ان الهزيمة الاميركية في حدودها القائمة تكفي لفرض شروطنا. بالتأكيد ان هزيمة اميركا الجزئية او الكاملة في العراق وافغانستان يضعف الاحتلال الاسرائيلي ويجعلنا بالتالي في شروط سياسية وتفاوضية أفضل. لكن هذا لن يتم بشكل تلقائي. والاهم انه يعتمد على السياق الذي هزمت فيه اميركا، ونوع المقاومة الظافرة، ووجود استراتيجية وتحالفات حقيقية. وفي حالنا الملموس فإن المقاومة في العراق مختلطة بحرب مذهبية طائفية قبلية أعادت العراق الى الوراء، ويوجد تحالفات يقوم الطرف الاقوى فيها باستخدام الطرف الأضعف كورقة ضغط تكتيكية لتحسين شروطه. ان هذا الوضع يساعد الدولة المحتلة في العراق على التملص من الاستحقاقات وفي مقدمتها الضغط على اسرائيل.
إما التزام أميركا بشروطنا للذهاب إلى المؤتمر وإما الانتظار هذا هو لسان حال المعارضة، ولما كان الالتزام الاميركي غير ممكن راهنا، بسبب عدم اللجوء لسلاح الضغط على المصالح الاميركية وتهديدها. يبقى الانتظار هو الخيار الوحيد الممكن، انتظار ايران وسورية او انتظار الحتميات التاريخية ويوتوبيا التحول الثوري. لسوء حظنا فان الاستراتيجية الاسرائيلية تريد انتظارنا لانها تعتمد الحل من طرف واحد، والحل الاسرائيلي هو نظام "ابارتهايد" يعزلنا في بنتوستونات وجزر مفصولة عن بعضها، وموجودة في إطار قبضة أمنية تستطيع ممارسة ابشع العقوبات بحقها كما يحدث الان في غزة والقدس والشمال.
اسرائيل وحسب مفاوضيها وحكومتها ومعارضتها لا تريد لهذا المؤتمر أن يحقق شيئا، ليس في نيتها تقديم حل نهائي. إدارة بوش ترغب في الظهور بمظهر القادر على استقطاب دولي وعربي وإسلامي حول القضية الفلسطينية للبحث في حل بدون حل، سورية وايران يودان الضغط بالورقة الفلسطينية لمعادلة الضغوط الاميركية في الملف النووي الايراني والملف اللبناني. هل نذهب للمؤتمر ونستسلم لما تريده إسرائيل وأميركا؟ بالتأكيد لا. وإذا ما أقدم اي طرف فلسطيني على الالتحاق بالحل الاسرائيلي الاميركي فان العزلة التامة ستكون حليفه، وحينئذ ستعقد عشرات المؤتمرات المعبرة عن إرادة ومصالح الشعب الفلسطيني .
هل مقاطعة المؤتمر هي الحل؟ وما هو ثمن المقاطعة؟ وهل الذهاب للمؤتمر ورفض الشروط الاسرائيلية وطرح المطالب الفلسطينية " الثوابت الوطنية "هو الحل وما هو ثمن الرفض؟ هل يتكرر ما حدث في كامب ديفيد؟ الخيار الواقعي يكون بالذهاب للمؤتمر وطرح المطالب الفلسطينية وكشف الخداع الاسرائيلي، وطرح مؤتمر دولي كامل الصلاحيات وبمرجعية الشرعية الدولية.
فلماذا لا يخوض الشعب الفلسطيني معركته بشكل مستقل استنادا لمطالبه الوطنية وبعيدا عن التجاذبات الدولية والاقليمية، وبالاستناد للدعم غير الاستخدامي، ومن خلال الاستقواء أساسا بالتحركات الجماهيرية ضد فصل غزة وحصارها وتضامنا مع حقوق الاسرى وحريتهم وضد جدار الفصل العنصري وتهويد القدس وجدار الفصل العنصري والعدوان اليومي. وعبر استئناف الخارج لنضاله الديمقراطي بدءا بفتح معركة مقاطعة البضائع الاسرائيلية والشركات التي تدعم بناء الجدار وشبكات الطرق والمستعمرات، وانتهاء بإعادة بناء المؤسسات والاتحادات والنقابات من اجل إعادة الحياة للديمقراطية.
وفي هذا الاطار يمكن ومن الضروري نقد طريقة التفاوض وخطاب المفاوضين وفريق المفاوضين الذي بقي على حاله ولم يتغير طوال عقد ونصف العقد. يمكن بلورة افكار وتقديم مقترحات، يمكن مراقبة العملية والتدخل في الوقت المناسب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تبدع في تجهيز أكلة مقلقل اللحم السعودي


.. حفل زفاف لمؤثرة عراقية في القصر العباسي يثير الجدل بين العرا




.. نتنياهو و-الفخ الأميركي- في صفقة الهدنة..


.. نووي إيران إلى الواجهة.. فهل اقتربت من امتلاك القنبلة النووي




.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب نتنياهو أركان حكومته المتطرف