الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابو المقالب(2) !

نايف أبو عيشه

2007 / 11 / 3
الادب والفن


جلس مع زملائه الاسرى يحدثهم عن تجارب وحكايات وقصص ومواقف مضحكة حدثت معه خارج السجن , انضم اليهم احد السجناء الجدد من تنظيم آخر . فحذره احدهم منه لانه دائما يعمل مقالب وافلام بالسجناء الجدد . لكنه ضحك بسخرية , وبين لهم انه لا احد يستطيع تمرير مقلب او فلم عليه . زوره ابو المقالب بنظرة جانبية , واستمر يروي لهم النكات وهم يضحكون دون توقف . كان الوقت ليلا , والغرفة واسعة وكبيرة تزدحم احيانا بخمسين اسيرا , واكثر. وكانت ادارة السجن تطفيء الضوء عن نصفها الداخلي ويظل نصفها القريب من الباب مضاءا طيلة الليل .انهى ابو المقالب نكته وضحكوا جميعا . ثم توقف فجاة وسال السجين الجديد " هل تخاف الخروج في الليل يا بطل ؟" رد الشاب على الفور متباهيا بنفسه وقوته " لا ما بخاف من شيء " هز ابو المقالب راسه متعجبا ثم ساله بسخرية " هل تعلم ان كل انسان عاقل يخاف , اما المجنون والاهبل هو الذي لا يعرف الخوف ؟" ضحكوا جميعا , وعندما تمتم الشاب بعبارة " الله يسامحك " تابع يقول بنبرة جادة " والله بحكي معك جد . في علم النفس والفلسفة هيك بحكوا , كل انسان يخاف مهما بلغت شجاعته وقوته , ولكن البعض يسيطر الخوف عليه , ويعملها في بنطلونه , والبعض الاخر يسيطر ع الخوف ويتجاوز المحنة " ضجوا ثانية بالضحك , ورد الشاب بنبرة متلعثمة " مهما حاولت معي ما بتقدر تمشي افلامك علي " ساله بسخرية " يعني تتحداني قدام الشباب ؟" رد الشاب بثقة وهو يبتسم " نعم بتحداك واتحدى عشرة مثلك " عاد يساله " ولا من البومة ولا التكتك نو ؟" ضحك الشاب وعلق بسخرية " هاي تخوف الاولاد الصغار , مش واحد مثلي " تمتم ابو المقالب وهو يهز راسه ويتبادل النظر مع الاخرين " طيب الايام بينا وراح نشوف شطارتك ومراجلك يا بطل اذا بتخاف والا لأ " . كان " البرش" الذي ينام فيه السجين الجديد ,في احدى زوايا الغرفة الداخلية المظلمة قليلا , وفجاة بدا ابو المقالب يحكي بعض الاحداث والمواقف التي حدثت بين السجناء وادارة السجن من تفتيش مفاجيء , وتدخل وقت الاحتفالات , وملاحقة عمال المردوان على الاوراق التي ينقلونها من غرفة لاخرى , وفجاة قال والكل منصت اليه باهتمام " تعرفوا مرة المساجين قتلوا عميل في هاي الغرفة ؟" ساله احدهم مستغربا " في غرفتنا هاي قتلوه ؟" رد عليه وهو يسترق النظر تجاه السجين الجديد ليرى تغير ملامحه خلال سرد القصة " والله بهاي الغرفة . واحد خلع المغسلة وضربه بيها على راسه وهو نايم وقتله " علق احدهم " يظهر انه من الوزن الثقيل " تابع يقول كانه لم يسمع تعليق زميله " مش هذا المهم " تابع وهو يراقب العيون المفتوحة والملامح التي ارتسم عليها الذهول " المهم بعدين صارت روحه تظهر بالليل مثل شبح لابس ابيض يمكن عشان تنتقم من اللي قتله , ويا ويله اللي ينام محله تسلط غضبها عليه" سال احدهم بدهشة :" اف . هاي جدية والا مزحة ؟" رد بنبرة جادة اقرب الى الهمس " جدية شو مزحة , بلاش هسه تكون تتسمع علينا ويا ويل امه اللي يكذب القصة ,تهجم عليه بالليل وتخنقه " علق احدهم " يا لطيف . اول مرة اسمع بهالقصة " ساله احدهم بعد لحظات من التردد " وين كان نايم العميل وقت قتلوه ؟" , استرق نظرة خاطفة الى السجين الجديد الذي كان يلتزم الصمت ويبتسم بسخرية , واشار بيده نحو " البرش" الذي يخص الشاب وقال " هناك في الزاوية الاخيرة " تمتم الشاب بسخرية وهو ينهض " سيبك من هالحكي خوفت الشباب . الليلة مش راح يناموا " ساله وهو يبتسم " يعني انت ما خفت مثلهم من القصة ؟" رد وهو يبتعد " لا خفت , ولا مصدق الحكاية من اساسها " هز ابو المقالب راسه وقال " طيب ,الله يحيينا ويورينا ". ما ان غادرهم الشاب حتى طلب من احدهم ان يبحث عن بطانية ذات لون فاتح , واحضر ورقة جريدة كبيرة ولفها على شكل طربوش طويل بشراشيب , واخرج ورقة القصدير من علبة السجار التي يحملها , وبرمها قطعتين الصقمها بالنابين الامامين لتخرجا الى ذقنه . انتظروا بعض الوقت وهم يراقبون الشاب الذي تقلب كثيرا في نومه قبل ان يغفو . نهض ابو المقالب لابسا الطربوش على راسه , وانياب ورقة القصدير خارجة من فمه ولف نفسه بالبطانية فبدا شكله من بعيد في الجزء الظلم من الغرفة كالشبح , جلس القرفصاء فوق راس الشاب الذي اغفى لتوه, وخزه بقوة آمرا اياه بالنهوض"قوم , قوم يلا " , وما ان فتح الاخير عيناه المثقلتان بالنعاس , حتى صرخ ابو المقالب فاغرا فمه بصوت مخيف فوق راسه, عندها صاح الشاب مرتعدا من الخوف واخذ يرتجف تحت الغطاء دون ان يقوى على النهوض كانما اصابته حمى مفاجئة . استيقظ البعض , واقترب منه الجميع محاولين تهدئته ولكن دون جدوى , وبذلوا كثيرا من الجهد لاقناعه ان هذا مقلب ولا يوجد شبح او غيره , الا انه لم يصدقهم وظل لوقت متاخر من الليل مستيقظا خائفا , يهلوس بكلمات غير مفهومة ويتلفت في انحاء الغرفة, حتى ظن البعض انه سيصاب بالجنون . ولكنه هدا ونام اخيرا عندما احضروا له البطانية والجريدة وورقة القصدير , وحلفوا له الايمان ان هذه الاغراض كان يلبسها ابو المقالب لاخافته ليس اكثر !
بقلم : نايف أبو عيشه
28/10/200








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع


.. عوام في بحر الكلام - د. أحمد رامي حفيد الشاعر أحمد راي يتحدث




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يوضح محطة أم كلثوم وأح