الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعر الشعبي العراقي جبل من النضال والتمرد

وسام النجفي

2007 / 11 / 3
الادب والفن


لم تكن مسيرة الشعر الشعبي العراقي مسيرة مفعمة بالورود والرياحين بقدر ما كانت حالة من المطاردة والنفي باتجاهين اولهما سياسي سلطوي والثاني أدبي ثقافي ، وبين هاتين القناتين كان الشعر الشعبي والشعراء الشعبيون يبحثون عن ذاتهم تارة ويتوارون بعيداً عن اصفاد السلطة تارةً أخرى ، فبالرغم من كل الهجمات الإعلامية والأدبية التي كانت تروج للمفهوم السرطاني للشعر الشعبي واثره على اللغة العربية إستطاع الكثير من الشعراء الشعبيين الخروج من هذه التهمة واثبات عدم صحتها من خلال جيل أتسمت قصائدهم بمواضيع ومواد لاتقل جودة عن الشعر الفصيح بل هنالك من تعدى ذلك ليترجم قصائده الى لغات اخرى كالإنكليزية والفرنسية وهنا إشارة الى تكسير نظرية التخلف التي الصقت بالشعر الشعبي العراقي وشعراءه لتبدأ بعدها رحلة التمرد على السلطة التي وجدت من نجاح الشعر الشعبي وإنتشار ثقافة الادب الشعبي كالنار بالهشيم اليابس خطراً على ثقافة الدولة الحزبية والتي يقف الشعر الشعبي لها بالضد . كان ذلك في العقد السبعيني من القرن المنصرم لتبدأ الحملة بإستمالة بعض من الشعراء الشعبيين للكتابة بمواضيع تمجد فيها الحزب الحاكم وتمدحه لتكون هذه محاولة رخيصة لإحتواء الأدب الشعبي وادباءه في جسد ثقافة ذلك الحزب من خلال المهرجانات الشعبية المدعومة وطبع ونشر الدواويين الشعرية مجاناً إضافة الى المكاسب الشخصية التي تدفع للشاعر الشعبي كهدايا ومكارم مادية وعينية لتصبح هذه الظاهرة في أوجها خصوصاً في نهاية العقد السبعيني وبداية عقد الثمانينات وبداية الحرب العراقية الإيرانية ليبدأ سباق محتدم لنيل لقب ( شاعر القادسية ) وطبعاً كلما تمكن الشاعر من التملق والشتم والكذب كلما أزدادت حظوظه بنيل الألقاب والمكاسب والمناصب أنها حالة قذرة لتشويه مسار ادبي كامل وأستخدامه لأغراض سلطوية في حقبة زمن حكم البعث الفاشي لتكون ظاهرة عسكرة الشعر الشعبي جلية و واضحة بعد أن تورطت اسماء بذلك كـ فلاح عسكر وعباس جيجان وهادي العكايشي وفاطمة الليثي وأخرين أصبحوا مثار جدل وعلامات تعجب ونفور في أوساط الأدب الشعبي التي حافظت على قيمها ورسالتها الأدبية كـ مظفر النواب وعريان السيد خلف وأسماء كثيرة يشار لها بالبنان كونهم لم ينجرفوا في دوامة السلطة ولم تغريهم المغريات و واصلوا تغريدهم المفعم بحب الوطن والسلام والشعب والحياة ورفضهم المطلق للعبودية والظلم ففضل بعضهم إختيار المنفى والبعض الأخر فضل الجلوس صامتاً وهم الأغلبية التي أختارت من الجلسات المغلقة والمنتديات البسيطة متنفساً لقصائدهم التي لاتستطيع ان تدرك النور و أن تخرج للمتلقي بصورتها الحقيقية لكونهم لم يدفعوا الضريبة الشعرية من خلال قصائدهم التي رفضت ان تكون قصيدة الحزب وهذه غاية في الرفعة الادبية قل نظيرها في الوطن العربي ليكون الشاعر الشعبي العراقي كيان محجم إعلامياً لابل مهدد في اي لحظة بأن يطرق بابه ليلاً رجال الأمن العامة ليأخذوه الى معتقلات لايعلم بوجودها الا الله والجلاوزة ولكن رغم ذلك كان يكتب الشعراء قصائدهم بصورة متمردة لم يستطع زبانية النظام من فك رموزها وطلاسمها الا الناس فلقد كتب الشاعر عريان قصيدة يوم القيامة وسط زحمة المخبرين وأدباء الحزب والثورة دون ان يكترث لهم كذلك فعلها أخرون لأن رسالتهم الأدبية تتطلب منهم البوح حتى لو كان ذلك همساً لتستمر المعركة وليؤكدوا على بقائهم وأزليتهم امام إنهزام المنحرفين اللذين تحولوا الى شمع ما لبث ان أدركه الذوبان مع سقوط الصنم وهذه دلالة إرتباطية مفادها من أرتبط بالعراق فالعراق باقٍ ومن إرتبط بالظلم فالظلم زائل مهما تكالبت السنوات والأيام وما نلحظه اليوم من حركة كبيرة وظاهرة جميلة للشعر الشعبي هي ثمار ما عاناه الشعراء الشعبيون سابقاً فنراهم كالبلابل يتناقلون من فضائية الى أخرى ومن مهرجان الى جلسة ومن صحيفة الى مجلة أنهم في كامل حريتهم فاليوم بإستطاعة الشاعر الشعبي ان يقول ما يريد علناً دون خوف وملاحقة دون ان يفرض عليه موضوع او مادة قد تكون هذه سابقة في تاريخ الأدب الشعبي وخصوصاً في مسيرة الشعر الشعبي العراقي الذي تأطرت مسيرته بالنضال والتضحية معاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال