الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نريد - أنقرة- صديقة تبتسم في وجه بغداد الجريحة...لا أن تضغط على جرحها

هفال زاخويي

2007 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


على شريط جبلي حدودي بين تركيا وأقليم كردستان تدور رحى حرب عمرها 23 سنة اذ انطلق العمل المسلح لحزب العمال الكردستاني في 15 آب 1984 ...ضحايا هذه الحرب مواطنون من الدولة التركية بشتى انتماءاتهم العرقية والدينية ، بلغ عدد الضحايا من الجانب الحكومي التركي اربعون الف قتيل لحد الآن وفي الجانب الكردي أيضاً هناك مئات القتلى من مقاتلي العمال الكردستاني والاف المشردين من قراهم ومئات الاف اللاجئين الى دول اوربا والغرب ، هناك ثلاثة الاف قرية كردية في تركيا دمرت واحرقت وهجرت ... حرب استنزاف طويلة الأمد لم تحسم لحد الآن ... الحرب مستمرة لكن الحسم لم يأت وبالتأكيد لن يأتي ولو استمرت الحرب لقرون، الإقتصاد التركي يئن تحت وطأة هذه الحرب المرعبة .

من حق تركيا أن تدافع عن أمنها واستقرارها وازدهارها وكيانها ... بالمقابل من حق اكثر من عشرين مليون كردي في تركيا ان يدافعوا عن حقوقهم ويطالبوا بها ... لايمكن لتركيا ان تدافع بشراسة عن كيانها وامنها على حساب سحق عشرين مليون مواطن من مواطنيها في عصر تقوم فيه اجهزة الاعلام بنقل خبر مقتل دب قطبي في القطب الشمالي بسرعة البرق ، فهل يمكن لتركيا اخفاء حقيقة ما يجري على الأرض ...؟ وهل يمكن لحزب العمال الكردستاني انتزاع حقوق الشعب الكردي بالعمل المسلح...؟!

لقد فشلت كل الأنظمة العراقية بما فيه نظام صدام الدموي المتخلف من القضاء على قضية اسمها القضية الكردية، فلم تبق وسيلة ولم يبق شكل من وسائل واشكال القوة الا واستخدمها صدام حسين لكن هذه القضية ظلت ... لاصدام قضى عليها بالقوة ولا الكرد تغلبوا عليه بالقوة فكانت حرب استنزاف طويلة الأمد راح من ورائها عشرات الالوف من أفراد الجيش العراقي ضحايا وعشرات الالوف من الكرد ودمرت البنية التحتية لكردستان العراق والتي هي بالتالي البنية التحتية للعراق ...فماذا كانت النتيجة...؟ !

تركيا كجارة وكصديقة وكدولة كبيرة لها ثقلها في المنطقة وتعلن عن نفسها بانها ديمقراطية عريقة ، عليها ان تذعن للحل السلمي والديمقراطي للقضية الكردية لا ان تتورط كما تورط النظام العراقي ،وحزب العمال كما يقول فانه يدافع عن حقوق الشعب الكردي عليه ان يتبنى ايضا الوسائل السلمية المدنية للمطالبة بحقوق الشعب الكردي بدلاً عن السلاح الذي لايجلب الا الويلات والدمار .

ان كان الهدف المعلن لتركيا هو القضاء على معاقل حزب العمال الكردستاني فكل عاقل يعلم انه لايمكن القضاء على هذا الحزب ولو دفعت الدولة التركية بكل الجيش التركي الى المحرقة، فهذه ثلاث وعشرون سنة والحرب مستمرة فلماذا لم تقض عليه تركيا عندما كان مسلحي هذا الحزب لا يتعدون 50 مسلحاً ...؟ اما ان كان وراء هذا الهدف المعلن هو احداث هزة في اقليم كردستان العراق وزعزعة الأمن والاستقرار فيه للحيلولة دون حل المشكلة العالقة "كركوك" سيما ان تركيا تدرك ان المادة 140 قد اصبحت قاب قوسين او ادنى للتنفيذ دستورياً ، ففي الحالتين تركيا خاسرة وستدفع ضريبة كبيرة ، فكركوك عراقية وليست من ممتلكات الدولة العثمانية والتركمان مواطنون عراقيون وليسوا من رعايا الدولة التركية ، وليس هناك شيء اسمه الحق التركي التاريخي في كركوك اوغيرها وادعاء من هذا النوع ضرب من الجنون .

الحل يكمن داخل تركيا والحل بيد بتركيا من خلال اجراء غير مكلف الا وهو الاصلاح السياسي والاقتصادي فالمشكلة هناك في تركيا واضحة المعالم لا يحتاج الباحث الى الكثير من الجهد للتفكير فيها، فتركيا لن تحل مشاكلها الداخلية بتصديرها الى خارج حدودها، والعراقيون لايقبلون ان تكون كركوك او غيرها ضيعة تركية ...اما العمال الكردستاني فعليه التفكير ملياً في اقليم كردستان العراق الذي عانى الويلات ...على العمال الكردستاني تجنب تحميل اقليم كردستان هذا العبء الكبير والثقيل ، عليه ان يتبنى الحل السلمي وان اصر على المعركة فعليه نقلها الى بلده تركيا لا اتخاذ جبال اقليم كردستان ملاذاً ومنح التبريرات للدولة التركية لاجتياح تلك الجبال فكردستان العراق لها خصوصية عراقية .

الأهم في هذه المعمعة ان بعض الخيوط الأخرى بدأت تشير اليها بعض أجهزة الإعلام تفيد ان هناك في بغداد من يستقوي بتركيا ليعمل بالضد من اقليم كردستان ... هذه مغامرة ومراهنة خاسرة تشبه المراهنة على حصان مكسورة القدم وتداعياتها ستكون خطيرة للغاية ، وكما يبدو فان الجانب الكردي في اقليم كردستان العراق يدرك تماماً قواعد اللعبة وخفاياها ، ثم أن اي خطأ يحصل في هذا الصدد فبغداد ستكون على المحك وكل العراق في هذه الحالة مهدد.

لاحل الا بالتفاهم ...ولا طريق امامنا الا التعايش السلمي ... ولا مستقبل سنضمنه لنا من خلال الوسائل العسكرية لحسم قضايا من هذا الطراز .

ما يهمنا هنا هو تجنيب بلدنا العراق هزة اخرى هو في غنى عنه وذلك بترسيخ كل الجهود لاقناع تركيا ان الحل السلمي الديمقراطي هو الأمثل والأكثر ضمانا لامنها القومي ومستقبل علاقاتنا معها ، تهمنا بغداد الجريحة قبل انقرة ، لكن تهمنا انقرة ايضا كي تبقى صديقة تبتسم في وجه بغداد لا أن تضغط على جرحها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تتقرب سوريا من الغرب على حساب علاقتها التاريخية مع طهران؟


.. حماس: جهود التوصل لوقف إطلاق النار عادت إلى المربع الأول




.. هل تنجح إدارة بايدن في كبح جماح حكومة نتنياهو؟


.. الجيش يوسع عملياته العسكرية على مناطق متفرقة بشمال قطاع غزة




.. مقتل العشرات في فيضانات جرفت قرى بولاية بغلان بأفغانستان