الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلاميون، اليساريون و الديمقراطية-

علي فقير

2007 / 11 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


إن التناقض الذي يخترق المشهد السياسي المغربي ليس تناقضا بين "الإسلاميين و اليساريين" أو بين "الإسلاميين و العلمانيين".

ينقسم المشهد السياسي المغربي، حسب اعتقادي، إلى ثلاثة أقطاب أساسية: قطب القوى السياسية البرلمانية الملتفة حول المؤسسة الملكية، قطب المعارضة الإسلامية، و قطب المعارضة اليسارية.

أولا: قطب القوى البرلمانية الملتفة حول المؤسسة الملكية: يتشكل هذا القطب من الأحزاب السياسية كحزب الاستقلال، و الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، و حزب العدالة و التنمية، و حزب التقدم و الاشتراكية، و الأحزاب التي أنشأتها الدولة و هي لا تتحرك إلا في نطاق الأوامر التي تتلقاها من الأوساط المخزنية، فاقدة بذلك للحد الأدنى من الاستقلال الذاتي.إن المناوشات التي تقع بين حزب الاتحاد الاشتراكي و حزب العدالة و التنمية مثلا، فهي شبيهة بالمناوشات التي تقع ببن الجواري في حريم السلطان.إن الاتحاد الاشتراكي يريد بعض الإصلاحات التي لا تمس جوهر الواقع الراهن من منطلقات " حداثية"، و العدالة والتنمية تريد كذلك بعض الإصلاحات الطفيفة من منطلقات اسلاموية ماضوية. إن كل هذه الأحزاب تلتقي فيما هو أساسي: تلتقي اقتصاديا حول الرأسمالية الليبرالية، و سياسيا حول النظام الملكي بشكله الحالي، و دينيا حول الإسلام السني المالكي كدين للدولة.

ثانيا: قطب المعارضة الإسلامية، و تتكون بالأساس من جماعة العدل و الإحسان و من ما يسمى " السلفية الجهادية". فهي بالتأكيد معارضة جذريا للحكم، إلا أن البديل الذي يطرحه هذا يستمد " شرعيته" من مرجعيتها الدينية، وبالتالي فمشروعه المجتمعي ماضوي. إن معارضته للحكم تنحصر في الواقع في الجانب السياسي، لأنها تفتقد حسب رأي إلى مشروع اقتصادي ـ اجتماعي خاص.إن اتجاهات داخل هذا القطب تتعرض للاضطهاد، و هذا ما يدفع القوى اليسارية، و الحركة الحقوقية المرتبطة بها تندد بهذا الاضطهاد. ثالثا قطب اليسار الجذري، و يتكون بالأساس من اليسار الماركسي، و في مقدمته حركة النهج الديمقراطي الذي يشكل استمرارية لليسار الماركسي اللينيني المغربي الذي ظهر في بداية السبعينات. يحدد اليسار الماركسي التناقض الرئيسي في الوقت الراهن بين التكتل الطبقي السائد و من يدعمه سياسيا من جهة و مجموع الطبقات الشعبية بمختلف تعابيرها السياسية من جهة ثانية. فمنظورنا للنضال السياسي لا يرتكز بتاتا على التناقض الثنائي إسلامي ـ يساري أو إسلامي ـ حداثي أو إسلامي ـ علماني. نعتقد نحن في اليسار الماركسي أن المسؤولية على الوضعية الكارثية التي تتخبط فيها بلادنا( الفقر، التهميش، الأمية، الاستغلال الفاحش للقوة العاملة، انعدام الديمقراطية، الاعتقال السياسي و المحاكمات الصورية، نهب المال العام، الفساد الإداري...) إن المسؤولية على هذا الوضع لا ترجع للقوى السياسية اليسارية و الإسلامية.

ماذا يجمع القطبين الثاني و الثالث؟
ـ المعارضة الجذرية للحكم المخزني، و رفض المساهمة في ديمقراطية الواجهة و عدم تزكية مناورات الحكم مثل"انتخابات 7 شتنبر " التي قاطعها الشعب المغربي.ـ مناهضة الإمبريالية العالمية و في مقدمتها الإمبريالية الأميركية، و الصهيونية و كل القوى الداعمة لها.
ما هي قضايا الاختلاف بين القطبين؟
فزيادة على اختلاف المنطلقات الفكرية لتحليل المجتمع، و اختلاف المشاريع المجتمعية المطروحة على المدى البعيد، فهناك قضايا أساسية يدور حولها النقاش، و يمكن الإشارة هنا إلى بعضها.

1ـ مسألة التشريع: فهناك تيارات إسلامية معارضة تعتبر أن الشريعة الإسلامية تعد المصدر الرئيسي للتشريع. إننا في اليسار الماركسي نعتبر أن مصدر التشريع يبقى هو واقع و حاجيات المجتمع، و ما راكمته الإنسانية عبر تطورها في ميدان حرية العقيدة، حرية الرأي، حرية التنظيم، حرية التعبير، المساواة بين المرأة و الرجل، مناهضة الميز العصري...

2 ـ علاقة الدولة بالدين: إن التيارات الإسلامية و العديد من غير الإسلامية تعتبر الإسلام دينا للدولة، فالوقت الذي نرى فيه نحن ضرورة فصل الدولة عن الدين، كما نرفض استغلال معتقدات المواطنين في صراعات سياسية، و في هذا الإطار نذكر بكون النظام المخزني هو المستغل الأول للدين في بناء مشروعيته و محاربة القوى المعارضة.

3 ـ محتوى الديمقراطية: فإذا كانت هناك بعض التيارات الإسلامية تعتبر صراحة أن "الأمة الإسلامية" غير محتاجة لدستور، و لا لديمقراطية الغرب الغير المسلم، فان البعض الآخر يرى من المفيد الاستفادة من الديمقراطية الغربية للوصول إلى الحكم ( تجربة الجزائر) و فرض الشريعة الإسلامية من بعد.إنني أعتبر أن الديمقراطية، بمفهومها الإغريقي، " حكم الشعب بنفسه"، و إسهامات مختلف الشعوب بفضل تضحياتها في اغنائها على أرض الواقع، تعتبر مكسبا للإنسانية ككل. فبدون حرية العقيدة، و الرأي، و التنظيم، و حرية التعبير لا يمكن الحديث عن الديمقراطية، و عن احترام الآخر.

4 ـ هناك قضايا أخرى ينفرد فيها اليسار الماركسي المغربي بمواقف خاصة، مثل ضرورة دسترة الأمازيغية كلغة وطنية رسمية بجانب اللغة العربية، و الدفاع على ضرورة المفاوضات المباشرة بين الدولة المغربية و جبهة البوليساريو على أساس مبدأ حق تقرير المصير في الصحراء الغربية... و كخلاصة، فإنني أشدد على أن الجوهر في خلفيات الصراع السياسي في المغرب، بل و في العالم بأسره، ليس دينيا و لا حضاريا. إن التناقض الرئيسي الذي يحرك مختلف أوجه الصراع في بلادنا (سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا) ليس عموديا كإسلامي ـ الغير الإسلامي، انه أفقيا بالدرجة الأولى: تناقض بين تكتل طبقي يقوي مصالحه عبر الاستغلال الفاحش للقوة العاملة، و عبر التفقير للجماهير الشعبية، وعبر نهب المال العام و الرشوة، و عبر المتاجرة في المخدرات و في الجنس معتمدا في كل هذا على جهاز الدولة لفرض اختياراته... هذا من جهة ، و بين مختلف الطبقات الشعبية من جهة أخرى، هذه الجماهير التي تنتج خيرات الوطن و لا تستفيد منها، و التي تعيش في وطن بدون حقوق المواطنة، و التي تدفع السياسة الرسمية العديد من أبنائها إلى ركوب قوارب الموت لتبتلعها البحار، أو إلى القيام بعمليات انتحارية إرهابية تصيب الكثير من ألا برياء، أو إلى السقوط في مستنقعات المخدرات و العهارة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا