الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوهام (الكائن البشري)

سعدون محسن ضمد

2007 / 11 / 2
كتابات ساخرة


حتماً سيأتي يوم يتبخر فيه المنجز الإنساني. وحتماً ستأتي اللحظة التي تَلُفُّ خلالها عباءة العدم كل تأريخنا وحضارتنا وضحكاتنا وأوهامنا وعلومنا وكل ما يتعلق بنا نـحن البشر. فبعد أن ينتهي عمر كوكب الأرض، لن تعود هنالك إمكانية للإمساك بآثارنا. هذه الحقيقة تنطوي على الكثير من السخرية، خاصة مع الحقائق العلمية التي تقول بأن الكوارث الطبيعية التي تهددنا ستكون بمستوى من الدمار لن يبقي على أي أثر يمكن أن يدل علينا.
إذن؛ في نهاية المطاف ستنفجر فقاعتنا، فقاعتنا التي انتفخت حدَّ أنها أوهمتنا بأن كل الوجود مجبول من أجلنا ومسخر لخدمتنا. كل الأبحاث العلمية تقول بأن للأجرام السماوية أعماراً محدودة، وها هي المراصد الفكلية ترصد يوماً بعد آخر انفجارات النجوم وتحولها لثقوب سوداء تلتهم الكواكب الدائرة حولها. وما أن نضيف إلى ذلك العلاقة العكسية بين تطور الحضارة الإنسانية وتضرر الواقع البيئي المحيط بها، حتى تتأكد حقيقة أننا نهدم كوكبنا ونسرِّع من عملية عجزه عن الاستمرار بنا.
مشكلتنا ككائنات بشرية تأتي من استمرار إيماننا بأننا محور الوجود وشغله الشاغل، وبأن وقت الآلهة كان وسيبقى مكرساً لخلقنا ومراقبتنا وعدِّ خطايانا والإعداد للقيامة التي ستيم خلالها إجراء مراسيم منحنا الوجود الخالد. لكن الحقيقة التي يجب أن نواجهها تقول بأن: ليس هناك من واقع موضوعي يملي تميزنا عن باقي الكائنات الحية، فعمرنا تافه وحقير بالنسبة لامتداد الزمن المرعب، ومكاننا الذي نعيش فيه صغير لدرجة مخيفة بالنسبة لمساحة الكون الهائلة. هذا فضلاً عن أن الكثير من الكائنات الأرضية انقرضت لسبب أو لآخر ولم تجد بانتظارها غير مصير العدم. كائنات جاءت وذهبت هكذا ببساطة بالغة من دون أن تثير أدنى ضجيج أو صخب. فلماذا يأتي الإنسان ليفترض بعد ذلك بأنه وحده من سيكون له مصير ممتد ولا نهائي، مصير يتجدد وخلق لا يبلى ولا يفنى.
الوجود والتاريخ يشهدان بأن الكون كان وليس فيه إنسان، فلماذا لن يكون إلا وفيه إنسان؟ حجم الكون مخيف وعدد كواكبه الصالحة للحياة هائل، ما يحتم وجود كائنات أخرى حية، ويزيد من احتمال انشغال الآلهة بغيرنا، وربما نكون نـحن الأتفه من بين الكائنات الحية، وربما الأكثر إثارة للشغب أو العطب أو الملل. وقد تكون الآلهة نسيت أمرنا منذ زمن بعيد، وتركتنا نعبث بمصائرنا كيفما اتفق، ما يعني بأننا غارقون بأحلام الأهمية ونـحن لا نعلم بأننا مهدورون بزاوية مظلمة من زوايا هذا الوجود المخيف. ميزة الإنسان الوحيدة أنه يفكر، وتفكيره هو الذي أوهمه بالأهمية، حبه للحياة جعله يهرب من مصير العدم ـ الذي يلاحقه كما الكائنات الأخرى ـ إلى مصير الخلود، ولأنه كائن يبحث عن الطمأنينة فقد تخيل بأنه أزلي وبأن الموت ليس سوى بوابه تنقله للأزلية التي يستحقها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا