الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقارنة مقلوبة ..!!

مها عبد الكريم

2007 / 11 / 3
كتابات ساخرة


تعودنا منذ أكثر من أربع سنوات انه حين يتذمر أو يعترض احدهم على سوء الحال والأحوال إن يقابل باعتراض اكبر مصحوبا بمقارنة تكون الحجة والدليل على بطلان ادعائه ( وسوء سريرته أيضا !) مفادها أن نظام صدام وحزب البعث كان أسوء وان الجرائم التي ارتكبت في تلك الفترة أكثر فظاعة.. ومثال ذلك لو إن احدهم أبدى استيائه أو حتى حاول إن يوضح شيئا عن سوء أحوال السجون العراقية وما يجري داخلها من انتهاك لحقوق وكرامة الإنسان ألان لقوبل فورا باعتراض ودعي إلى مقارنة ما يجري ألان بما كان يجري في سجون صدام كونه افضع وأشنع مضافا إليه التكتم عما كان يجري فيها .. وهذا يدفع من يعتقد حقا بصحة هذه المقارنة إلى التسليم بان كل ما يجري ألان هو أفضل مما جرى.. ويدفع آخرين إلى عدم أبداء هذا الاعتراض تجنبا لهذه المقارنة لكنه بالتأكيد لا يحرّض أحدا على عرض مقارنة مقلوبة بين ما يجري ألان وما جرى في ذلك الزمن الأسود لأنه سيتهم أول ما يتهم بالدفاع عن البعث ونظام صدام , الجريمة التي تنصل منها حتى من ارتكبها فعلا ..
ومع كل هذا كثيرا ما دفعتنا مواقف وإحداث وإخبار إلى إجراء هذه المقارنة المقلوبة مع أنفسنا كان أخرها بالنسبة لي خبرا نشر في معظم وسائل الإعلام مفاده موافقة الحكومة على قانون يحرم شركات الأمن الخاصة من الحصانة التي كانت تتمتع بها من المثول إمام المحاكم في العراق .. والمثير في الخبر عبارة وردت بصيغة المبني للمجهول جاء فيها ( وانه سيسقط الحصانة التي منحت للشركات الأجنبية بمقتضى مرسوم مثير للجدل أصدرته السلطة المؤقتة بقيادة الولايات المتحدة ) تجعلنا نتساءل عن الشخص أو الجهة التي وقعت على منح هذه الحصانة لشركات أجنبية ؟؟
إن ما يثير في أنفسنا تلك المقارنة ( المقلوبة ) هو تزامن هذا الخبر مع الحشد الإعلامي والسياسي المحموم لوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق المدانين في قضية الأنفال والذي وصل إلى حد ربط تنفيذ عقوبة الإعدام بحق سلطان هاشم بمصير المصالحة الوطنية ذاتها .. و سلطان هاشم لم يكن أكثر من موقع او منفذ لقرارات اتخذها صدام نفسه والذي لم يكن يجرؤ احد على معارضته حتى أقربائه الذين وضعهم في مراكز الحكم والدولة .. فإذا كان سلطان أدين لتوقيعه وتنفيذه لقرارات صدام فمن يدين من وقع على مرسوم منح الحصانة للشركات الأمنية الأجنبية والذي أدى إلى نفس ما أدت إليه قرارات صدام .. وان نفس المقارنة المقلوبة تأخذنا للتساؤل التالي : من أسوأ .. سلطان هاشم الذي وقع أو نفذ أوامر رئيسه العراقي بعلمنا حتى في تلك الفترة انه من فعل أم المجهول الذي وقع على قرارات لإطراف أجنبية لازلنا نجهله ولم نسمع لحد ألان دعوى لمحاسبته ؟؟
وهل كان من وقع على منح الحصانة للشركات الأمنية يعي حقيقة هذه الشركات - مما يجعل جريمته اكبر- أم انه وقع على ما لا يعرف وهذا أيضا لا يعفيه من المسئولية القانونية لما ارتكب بحق الأبرياء كما لا يعفى سلطان هاشم من نتائج تنفيذه لأوامر عسكرية لا يد له في إقرارها ؟؟

هل يكفي إن نحاكم إفراد الشركات الأمنية ونجرمهم بينما نغض الطرف عمن يوافق ويوقع على قوانين وقرارات تمنح حق قتل العراقيين بدم بارد بل ونكتفي بالإشارة إليهم كأشخاص مجهولين وكأنهم غير عراقيين أو إن القرار وقع على غفلة منهم ؟
إن الغرض من تنفيذ العقاب بحق أي مجرم مدان ليس فقط إيقاع القصاص على المجرم , ولكن لجعل هذه العقوبة رادع لآخرين يفكرون في ارتكاب جرائم جديدة بحق الأبرياء.. وهذا الرادع مهم بأهمية تنفيذ العقوبة لأنه من يمنح القانون قوته ويمنح بقية الناس الشعور بقوة القانون وقدرته على حمايتهم من جرائم مستقبلية.. لكن المحكمة الخاصة بقوانينها العراقية لم تعطينا نفس الإحساس بقوة هذا القانون حيث تحاسب أشخاص ارتكبوا جرائم بحق العراقيين في زمن سابق لم يكن بالإمكان إبانه إن نعترض أو ندعو فيه إلى محاكمتهم لأسباب معروفة لكن تنفيذ إحكام هذه المحكمة لا يبدو كرادع لمن وقع وسيوقع وينفذ قرارات وقوانين مازالت توقع كل يوم مزيدا من الأبرياء .. مرد ذلك إلى الإطراف التي تتنازع على قرارات هذه المحكمة..حيث يحاول من يؤيد تنفيذها إيهامنا إن بتنفيذ الإحكام الصادرة نهاية لعهد من الظلم لم ولن يأتي بعده أسوأ , بينما يدعي الطرف المعارض للتنفيذ إن ما يجري ألان أسوأ وبينما ننتظر من هذا الطرف إن يدعم ادعائه هذا بتقديم مسئولين جدد أجرموا بحق العراق والعراقيين للمسائلة والقضاء( مثل الموقعين على منح الحصانة لمن يقتل العراقيين ) , نراه بدل ذلك يساوم لإطلاق مجرمين سابقين فيوقعنا في مزيد من التشكيك في جدوى هذا القانون !
ولا ندري هل قدر للعراقيين إن ينتظروا خمسة وثلاثين سنة أخرى لمحكمة مشابهه لن يكون الخاسر فيها غير هذا الشعب المنكوب ؟ !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا