الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة انتخابات الحزب الوطنى فى مصر

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2007 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر الانتخابات من أهم عناصر وأدوات الديمقراطية ولا يمكن توقع أى تقدم منشود على الصعيد السياسى والحزبى إلا من خلال اختيار القيادات عن طريق الاقتراع السرى المباشر. وتعد الأحزاب فى البلاد الديمقراطية (كالمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا) كيانات مستقلة قائمة على الانتخابات التى تحدد كوادرها وقياداتها من القاعدة إلى القمة. وعندما خرجت أحزاب المعارضة المصرية خاوية الوفاض من الانتخابات البرلمانية السابقة اعتقدنا أنها سوف تسعى إلى إحداث إجراءات إصلاحية من شأنها تطوير ودعم مكانتها فى الشارع وإنهاء الصراع على السلطة والنفوذ داخل كواليس هذه الأحزاب. ومن الواضح أن الحزب الوطنى هو الحزب الوحيد الذى يحاول إجراء تطوير وتحديث لأجندته وبرامجه وهى محاولات أفرزتها مناقشات جادة لأفكار متباينة ربما سوف تلتقى فى نهاية النفق.

لقد شهد الحزب الوطنى فى مصر تجربة انتخابية رائدة فى النصف الثانى من عام 2007م، وهى تجربة لم يخضها من قبل أى حزب سياسى على نطاق واسع يشمل القرى والمراكز والمحافظات. ومن الإنصاف أن نقول إن هذا التوجه يشير إلى أن مسئولى الحزب—أو معظمهم— باتوا يؤمنون أن اجتياز الانتخابات هو السبيل الوحيد للحفاظ على العضوية فى الوحدات الحزبية. وهذا ما حدث حيث تم اختيار أعضاء الوحدات الحزبية بدءا من الوحدة القاعدية فى القرى ووصولا إلى الوحدات الحزبية بالمراكز والمحافظات. ولم يفلح التأثير الطاغى للعصبيات فى الحيلولة دون خوض الأهالى وخاصة فى المدن انتخابات حقيقية أسفرت نتائجها عن اختفاء وجوه قديمة وظهور وجوه جديدة على الساحة الحزبية. ورغم أن التربيطات لعبت دورا فى حسم الكثير من المواقع إلا أنها فى المجمل تجربة مثمرة تستحق الدراسة والتحليل والتطوير. والسبب فى ذلك يرجع إلى أن الأهالى كانوا فى السابق لا يتوجهون إلى صناديق الانتخابات إلا لاختيار أعضاء مجلس الشعب أو الشورى أو المجالس المحلية ولكنهم لم يعتادوا على انتخاب أعضاء الوحدات الحزبية على مستوى القرية أو المركز أو المحافظة.

ورغم أن الكثير من المواطنين اعتقدوا أن الهدف الرئيسى للحزب الوطنى من هذه التجربة الانتخابية هو أن تكون القيادات فى لجان القرية أو المركز أو المحافظة قيادات منتخبة وليست معينة على سبيل المجاملة إلا أن بعض النقائص والسلبيات التى وردت خلال هذه التجربة جاءت مخيبة لآمالهم: فعلى سبيل المثال، لا يتبنى الحزب نظام الانتخاب كوسيلة وحيدة لتحديد قيادات الحزب فى جميع المستويات. فالحاصل أن الحزب يجمع بين التعيين والانتخاب فى هذا الشأن إذ يصر الحزب على انتخاب أعضاء الوحدات الحزبية فى القرية والمركز والمحافظة حيث لا يمكن أن يصبح المرء عضوا فى الوحدة الحزبية للمحافظة إذا لم يجتز انتخابات القرية والمركز. ولكن الحزب نفسه لا يتردد فى تعيين الأمين وأمين التنظيم وأمين الصندوق فى القرية والمركز. وبينما يتم تعيين أمين الوحدة الحزبية من بين العشرين فى القرية حيث تتولى لجنة معينة من قبل الحزب إجراء مقابلة شخصية للمرشحين من أعضاء الوحدة الحزبية مما يفتح الباب على مصراعيه أمام المجاملات والمساومات فإن هذا الشرط يختفى عند اختيار أمين الوحدة بالمركز حيث يمكن تعيينه من خارج الأعضاء المنتخبين كما الحال فى مركز نصر النوبة حيث حدث أن تم تعيين أمين الوحدة الحزبية من خارج الأعضاء الثلاثين الذين انتخبوا فى الوحدة الحزبية للمركز مما دفع معظم هؤلاء الأعضاء (وعددهم 17 عضوا) إلى تجميد عضويتهم. لقد كان من الممكن تفادى ذلك بسهولة لو تم اختيار القيادات من خلال صناديق الاقتراع. أما ما يثير الدهشة فى تشكيل هيئة المكتب فى المحافظات هو أن هذا التشكيل يضم أعضاء وقيادات من خارج قائمة الثلاثين التى خاضت الانتخابات مما يبين أن الحزب مازال فى حاجة إلى مراجعة معايير اختيار كوادره القيادية.

من المؤكد أن هناك آراء متباينة فى الحزب حول طريقة تشكيل وحدات الحزب المختلفة وهيئات مكاتبها. لقد بات واضحا أن الحزب لم يستقر بعد على نظام محدد فى هذا الشأن. إذا كان الحزب مؤمنا بجدوى إجراء الانتخابات لاختيار أعضائه فى كل المستويات فإنه من الأحرى اختيار الكوادر القيادية بنفس النظام أى الاقتراع الحر المباشر حيث يتولى أعضاء الوحدات الحزبية اختيار الأمين وأمين التنظيم والأمين المساعد من بين المرشحين من أعضاء هذه الوحدات سواء كان ذلك فى القرية أو المركز أو المحافظة. وهذا الإجراء من شأنه أن يفرز قيادات لها قبول وشعبية تدعم الحزب فى أى انتخابات قادمة. أما اختيار تلك القيادات بطريقة عشوائية فإنه يتيح الفرصة لتصفية الحسابات ولسداد فواتير التربيطات وأخيرا للتنكيل ببعض الشخصيات مما يؤدى إلى الانشقاق والتذمر فى صفوف الحزب. روز اليوسف، عدد 694، 1 نوفمبر 2007م، ص8.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد سنوات من القطيعة.. اجتماع سوري تركي مرتقب في بغداد| #غرف


.. إيران تهدد بتدمير إسرائيل.. وتل أبيب تتوعد طهران بسلاح -يوم




.. وفاة طفل متأثرا بسوء التغذية ووصوله إلى مستشفى شهداء الأقصى


.. مدرسة متنقلة في غزة.. مبادرة لمقاومة الاحتلال عبر التعلم




.. شهداء وجرحى بينهم أطفال في استهداف الاحتلال مجموعة من المواط