الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ننعي لكم الطبقة المتوسطة السورية

سلطان الرفاعي

2007 / 11 / 5
كتابات ساخرة


عندما لا يجد الجيل الجديد من المثقفين والأطباء والصيادلة والمحامين والتقنيين والمهندسين وأساتذة الجامعات ، وأصحاب الدخل المحدود من الموظفين ، وصغار التجار . وبعض الضباط الشرفاء . ما يستر بدنهم ، ويُشبع جوعهم ، ويحفظ لهم ماء الوجه ، ويقيهم من التسول والانحراف ، فهذا يعني أن الطبقة المتوسطة في بلد ما قد اضمحلت وغابت عن الوجود .
عندما تضمحل الطبقة المتوسطة وتتلاشى تحت ضربات التجار الكبار ، والاستثمارات المرعبة ، والتي أصبحت تخص قلة من التجار والمسؤولين ، حيث نلاحظ تجمع كل الاستثمارات بيد فئة واحدة من التجار ، عندها تكون الديمقراطية في أسوأ صورها . فالطبقة المتوسطة في كل زمان ومكان ، هي الجدار الصلب الذي تتكئ عليه الديمقراطية ، وبإنهياره ، تنهار اسس الديمقراطية في أي بلد كان .

في سوريا اليوم ، غابت تلك الطبقة ، وأصبح الدعاء اليومي لأصحابها : يا رب قنا من التسول وأعطنا خبزنا كفاف يومنا ، ولا تجعل آخرتنا حول الحاويات ، انك لسميع مجيب .

أبو هاشم جاري يعمل في مهنة التنجيد ، لديه شابين وزوجة ، يصل الى مشغله في الصباح الباكر ، افطاره وولديه ، خبز عراقي مغموس بالشاي ، لا أكثر ولا أقل ، وعند الظهيرة ، قد يتناول ما تبقى من الخبز ، أو يشتري نصف كيلو من الحمص مع نصف كيلو من البندورة ، يأكل ، ويأخذ ما تبقى الى زوجته في المنزل . هذه حال أبو هاشم المنجد، وكذلك حال الكوى الذي يتناول نفس الفطور ، وينام في محله ، بسبب ارتفاع أجرة المنازل والغرف .
أبو هاشم يلبس قميص أخضر ، منذ ثلاث سنوات ، بداية ملاحظتي له ، لا يستبدله ، لا في العيد ولا في الليل ولا في النهار. في قدمه حذاء يُجايل القميص في العمر ، لم يعد يستحي ابو هاشم من الترقيعات التي فيه ، لأن كل جيرانه ، أحذيتهم مرقعة .
اذا تجاوزنا المأكل والملبس ، واتجهنا الى نواحي أخرى من حياة هذا البائس :
جاءني مرة يعوي مثل الكلب أجلكم الله من هذا التشبيه ، وكان يضع يده على ضرسه ويصرخ ، أعطيناه مسكن ودواء التهاب ، وعاد في اليوم التالي ينبح ويجعر وينهق مثل الحمار أعزكم الله من كل هذا النباح والجعير والنهيق . استفسرت منه عن حقيقة ألمه وسببه ، فقال: الله لا يوريك يا دكتور مثل هالوجع ، لقد ركبت بدلة أسنان ، وهي تؤلمني كثيرا، وشرح كيف ركب بدلة الأسنان ، ليس عند طبيب الأسنان ، ولكن عند النور (البدو) .!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
في القرن الواحد والعشرين ، وفي عهد حكومة العطري الموقرة ، يقوم مواطن سوري بتركيب بدلة (طقم) أسنان على يد البدو ، لأنه لا يملك شروى نقير أو حمير .

آخر انجازات حضارية للحكومة : رفع الدعم عن البنزين ، في غفلة من الزمن ، ومن الشعب ، وتركت الشعب يُصارع أصحاب التكسيات ، وجلست تُشاهد النتيجة .
في كل دول العالم ، وقبل أي رفع للأسعار ، تأخذ الدولة اجراءتها ، وتُحضر نفسها ، وتسن ما يلزم من قوانين تتناسب مع الواقع الجديد . لا ، تهرع في ظلمة الليل وترفع الدعم ، وترتفع الأسعار ، وتبدأ المشاكل بين المواطنين .
المشترك بين الشعب والحكومة هو الاختلاف فقط -

-أكثر أشكال العنف انتشاراً في العالم هو ذاك الذي يحصل داخل العائلة . لأن هذا العنف في معظم الحالات يبقى غير مكتشف وبدون عقاب ، لأنه يحدث بين الجدران (المحصنة) للبيت .
-و أكثر أشكال الظلم والفقر والفساد انتشاراً في المنطقة العربية ، هو ذاك الذي يحصل داخل سوريا ، على يد حكومة مسيو عطري ، التي لم تستطع حل أي مشكلة ، وعلى العكس فاقمت كل المشاكل . لأن هذا الظلم والفقر في معظم الحالات يبقى غير مكتشف وبدون عقاب ، لأنه يحصل بين الجدران المحصنة ( رأي آخر مقموع، صحافة مراقبة ، مواقع محجوبة ) ، للدولة.
وعلى ذكر حجب المواقع وتكميم الأفواه وقمع الرأي الوطني ، والتي لن نسامح وزير الاتصالات ابدا عليها ، يقول (كانت) معرفا الحرية الثقافية على أنها : ( الحق في الاستعمال العام للعقل!)) .
وعلى ذكر العقل فقد تم في مخابر ، مخيم جرمانا للنازحين ،تحاليل مخبرية تبين على أثرها ، بأنه يوجد في العقل الصغير مراكز للموقع والحركة ، وتوازن الجسد ، وفي العقل الكبير مراكز للعمل الإنساني الخلاق . ولدى أخذ عينة عشوائية من عقول رجال الحكومة ، تبين أن أكثرهم ينتمون الى الصنف الأول من هذه الدراسة .

إن تاريخ سوريا الحديثة أيها الجهابذة هو إلى حد كبير تاريخ الطبقة المتوسطة فهي محرِّكته وصانعة الكثير من أحداثه، وهي جزء لا يتجزأ من مسيرته السياسية على مر العقود والأجيال ، ومن رحمها خرج حزب البعث وثورته ، التي تستمتعون اليوم بثمارها .

يا حكومة العطري : سوريا تتراجع كل يوم سنة الى الوراء في عهدكم الميمون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1


.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا




.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي